فتوح ارمينية


تفسير

رقم الحديث : 311

حدثني حدثني مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل ، من ساكني برذعة وغيره ، عن أَبِي براء عنبسة بْن بحر الأرمني . وحدثني مُحَمَّد بْن بشر القالي ، عن أشياخه ، وبرمك بْن عَبْد اللَّهِ الديلي ، وَمُحَمَّد بْن المخيس الخلاطي ، وغيرهم ، عن قوم من أهل العلم بأمور أرمينية سقت حديثهم ، ورددت من بعضه عَلَى بعض ، قَالُوا : كانت شمشاط ، وقاليقلا ، وخلاط ، وأرجيش ، وباجنيس ، تدعى أرمينية الرابعة . وكانت كورة البسفرجان ، ودبيل ، وسراج طير ، وبغروند تدعى أرمينية الثالثة . وكانت جرزان تدعى أرمينية الثانية . وكانت السيسجان وأران تدعى أرمينية الأولى . ويقال : كانت شمشاط وحدها أرمينية الرابعة ، وكانت قاليقلا وخلاط وأرجيش وباجنيس تدعى أرمينية الثالثة ، وسراج طير وبغروند ودبيل والبسفرجان تدعى أرمينية الثانية ، وسيسجان ، وأران ، وتفليس تدعى أرمينية الأولى . وكان جرزان وأران في أيدي الخزر وسائر أرمينية في أيدي الروم يتولاها صاحب أرمنياقس ، وكانت الخزر تخرج فتغير وربما بلغت الدينور ، فوجه قباذ بْن فيروز الملك قائد من عظماء قواده في اثني عشر ألفا ، فوطئ بلاد أران ، وفتح ما بَيْنَ النهر الَّذِي يعرف بالرس إِلَى شروان ، ثُمَّ أن قباذ لحق به ، فبنى بأران مدينة البيلقان . ومدينة برذمة وهي مدينة الثغر كله ، ومدينة قبله وهي الخزر ، ثُمَّ بنى سد اللبن فيما بَيْنَ أرض شروان وباب اللان ، وبنى عَلَى سد اللبن ثلثمائة وستين مدينة خربت بعد بناء الباب والأبواب ، ثُمَّ أن ملك بعد قباذ ابنه أنوشروان كسرى بْن قباذ ، فبنى مدينة الشابران ، ومدينة مسقط ، ثُمَّ بنى مدينة الباب والأبواب ، وإنما سميت أبوابا لأنها بنيت عَلَى طريق في الجبل ، وأسكن ما بنى من هَذِهِ المواضع قوما سماهم السياسجين ، وبنى بأرض أران أبواب شكن والقميبران وأبواب الدودانية ، وهم أمة يزعمون أنهم من بنى دودان بْن أسد بْن خزيمة وبنى الدرذوقية ، وهي اثنا عشر بابا كل باب منها قصر من حجارة ، وبنى بأرض جرزان مدينة . يقال لها : سغدبيل ، وأنزلها قوما منَ السغد وأبناء فارس ، وجعلها مسلحة وبنى مما يلي الروم في بلاد جرزان قصرا يقال له : باب فيروز قباذ ، وقصرا يقال له : باب لاذقة ، وقصرا يقال له : باب بارقة وهو عَلَى بحر طرابزندة وبنى باب اللان ، وباب سمسخى ، وبنى قلعة الجردمان وقلعة سمشلدى ، وفتح أنوشروان جميع ما كان في أيدي الروم من أرمينية ، وعمر مدينة دبيل وحصنها وبنى مدينة النشوى ، وهي مدينة كورة البسفرجان ، وبنى حصن ويص وقلاعا بأرض السيسجان منها قلعة الكلاب وساهيونس ، وأسكن هَذِهِ الحصون والقلاع ذوي البأس والنجدة من سياسجية ، ثُمَّ أن أنوشروان كتب إلى ملك الترك يسأله الموادعة والصلح ، وأن يكون أمرهما واحدا وخطب إليه ابنته ليؤنسه بذلك ، وأظهر له الرغبة في صهره ، وبعث إليه بأمة كانت تبنتها امرأة من نسائه ، وذكر أنها ابنته فهدى التركي ابنته إليه ، ثُمَّ قدم عَلَيْهِ فالتقيا بالبرشلية وتنادما أياما ، وأنس كل واحد منهما بصاحبه ، وأظهر بره وأمر أنوشروان جماعة من خاصته وثقاته ، أن يبيتوا طرفا من عسكر التركي ويحرقوا فيه ففعلوا ، فلما أصبح شكا ذلك إِلَى أنوشروان ، فأنكر أن يكون أمر به أو علم أن أحدا من أصحابه فعله ، ولما مضت لذلك ليالي أمر أولئك القوم بمعاودة مثل الَّذِي كان منهم ففعلوا ، فضج التركي من فعلهم ، حَتَّى رفق به أنوشروان واعتذر إليه فسكن ، ثُمَّ أن أنوشروان أمر فألقيت النار في ناحية من عسكره لم يكن بها إلا أكواخ قَدِ اتخذت من حشيش وعيدان ، فلما أصبح ضج أنوشروان إِلَى التركي وقال : كاد أصحابك يذهبون بعسكري . وقد كافأتني بالظنة ، فحلف أنه لم يعلم بشيء مما كان سببا ، فقال أنوشروان : يا أخي جندنا وجندك قَدْ كرهوا صلحنا لانقطاع ما انقطع عنهم منَ النيل في الغارات والحروب الَّتِي كانت تكون بيننا ، ولا أمن أن يحدثوا أحداثا يفسد قلوبنا بعد تصافينا وتخالصنا ، حَتَّى نعود إِلَى العداوة بعد الصهر والمودة والرأي ، أن تأذن لي في بناء حائط يكون بيني وبينك ، ونجعل عَلَيْهِ بابا فلا يدخل إليك من عندنا وإلينا من عندك إلا من أردت وأردنا ، فأجابه إِلَى ذلك فانصرف إِلَى بلاده ، وأقام أنوشروان لبناء الحائط فبناه ، وجعله من قبل البحر بالصخر والرصاص ، وجعل عرضه ثلثمائة ذراع ، وألحقه برءوس الجبال ، وأمر أن تحمل الحجارة في السفن وتغريقها في البحر حَتَّى إذا ظهرت عَلَى وجه الماء بنى عليها ، فقاد الحائط في البحر ثلاثة أميال ، فلما فرغ من بنائه علق عَلَى المدخل منه أبواب حديد ، ووكل به مائة فارس يحرسونه بعد أن كان موضعه يحتاج إِلَى خمسين ألفا منَ الجند ، وجعل عَلَيْهِ دبابة ، فقيل لخاقان بعد ذلك : إنه خدعك وزوجك غير ابنته ، وتحصن منك فلم يقدر عَلَى حيلة . وملك أنوشروان ملوكا رتبهم ، وجعل لكل امرئ منهم شاهية ناحية ، فمنهم خاقان الجبل ، وهو صاحب السرير ، ويدعى وهرارزانشاه ، ومنهم ملك فيلان ، وهو فيلان شاة ، ومنهم طبرسرانشاة ، وملك اللكز ، ويدعى جرششانشاه ، وملك مسقط ، وقد بطلت مملكته وملك ليران ويدعى ليرانشاه ، وملك شروان ويدعى شروانشاه ، وملك صاحب بخ عَلَى بخ وصاحب زريكران عليها ، وأقر ملوك جبل القبق عَلَى ممالكهم وصالحهم عَلَى الإوتاوة ، فلم تزل أرمينية في أيدي الفرس حَتَّى ظهر الإِسْلام ، فرفض كثير منَ السياسيجين حصونهم ومدائنهم حَتَّى خربت وغلب الخزر والروم عَلَى ما كان في أيديهم بديا . قَالُوا : وقد كانت أمور الروم تستب في بعض الأزمنة ، وصاروا كملوك الطوائف ، فملك أرمنياقس رجل منهم ، ثُمَّ مات فملكتها بعده امرأته ، وكانت تسمى قالى ، فبنت مدينة قاليقلا ، وسمتها قاليقاله . ومعنى ذلك إحسان قالى قَالَ وصورت عَلَى باب من أبوابها ، فأعربت العرب قاليقاله ، فقالوا : قاليقلا . قَالُوا : ولما استخلف عُثْمَان بْن عَفَّان كتب إِلَى معاوية ، وهو عامله عَلَى الشام والجزيرة وثغورها ، يأمره أن يوجه حبيب بْن مسلمة الفهري إِلَى أرمينية ، وكان حبيب ذا أثر جميل في فتوح الشام ، وغزو الروم ، قَدْ علم ذلك منه عُمَر ، ثُمَّ عُثْمَان رضي اللَّه عنهما ، ثُمَّ من بعده . ويقال : بل كتب عُثْمَان إِلَى حبيب يأمره بغزو أرمينية ، وذلك أثبت فنهض إليها في ستة آلاف . ويقال : في ثمانية آلاف من أهل الشام والجزيرة ، فأتى قاليلا فأناخ عليها وخرج إليه أهلها فقاتلهم ، ثُمَّ ألجأهم إِلَى المدينة ، فطلبوا الأمان عَلَى الجلاء والجزية ، فجلا كثير منهم فلحقوا ببلاد الروم ، وأقام حبيب بها فيمن معه أشهرا ، ثُمَّ بلغه أن بطريق أرمنياقس قَدْ جمع للمسلمين جمعا عظيما وانضمت إليه أمداد أهل اللان وأفخاز وسمندر منَ الخزر ، فكتب إِلَى عُثْمَان يسأله المدد ، فكتب إِلَى معاوية يسأله أن يشخص إليه من أهل الشام والجزيرة قوما ممن يرغب في الجهاد والغنيمة ، فبعث إليه معاوية ألفي رجل أسكنهم قاليقلا ، وأقطعهم بها القطائع ، وجعلهم مرابطة بها ، ولما ورد عَلَى عُثْمَان كتاب حبيب كتب إِلَى سَعِيد بْن العاص بْن سَعِيد بْن العاص بْن أمية ، وهو عامله عَلَى الكوفة يأمره بإمداده بجيش عَلَيْهِ سلمان بْن ربيعة الباهلي ، وهو سلمان الخيل ، وكان خيرا فاضلا غزاء ، فسار سلمان الخيل إليه في ستة آلاف رجل من أهل الكوفة ، وقد أقبلت الروم ومن معها ، فنزلوا عَلَى الفرات ، وقد أبطأ عَلَى حبيب المدد فبيتهم المسلمون فاجتاحوهم ، وقتلوا عظيمهم ، وقالت أم عَبْد اللَّهِ بنت يزيد الكلبية امرأة حبيب : ليلتئذ له : أين موعدك ، قَالَ : سرادق الطاغية ، أو الجنة . فلما انتهى إِلَى السرادق وجدها عنده ، قَالُوا : ثُمَّ أن سلمان ورد وقد فرغ المسلمون من عدوهم ، فطلب أهل الكوفة إليهم أن يشركوهم في الغنيمة ، فلم يفعلوا حَتَّى تغالظ حبيب وسلمان في القول ، وتوعد بعض المسلمين سلمان بالقتل قَالَ الشاعر : إن تقتلوا سلمان نقتل حبيبكم وإن ترحلوا نحو ابْن عَفَّان نرحل وكتب إِلَى عُثْمَان بذلك ، فكتب أن الغنيمة باردة لأهل الشام ، وكتب إِلَى سلمان يأمره بغزو أران ، وقد روى بعضهم أن سلمان بْن ربيعة توجه إِلَى أرمينية في خلافة عُثْمَان ، فسبى وغنم وانصرف إِلَى الوليد بْن عقبة ، وهو بحديثة الموصل سنة خمس وعشرين ، فأتاه كتاب عُثْمَان يعلمه أن معاوية كتب يذكر أن الروم قَدْ أجلبوا عَلَى المسلمين بجموع عظيمة يسأل المدد ، ويأمره أن يبعث إليه ثمانية آلاف رجل ، فوجه بهم وعليهم سلمان بْن ربيعة الباهلي ، ووجه معاوية حبيب بْن مسلمة الفهري معه في مثل تلك العدة فافتتحا حصونا ، وأصابا سبيا ، وتنازعا الإمارة ، وهم أهل الشام بسلمان ، فقال الشاعر : إن تقتلوا البيت . والخبر الأول ، أثبت حدثني به عدة مشايخ من أهل قاليقلا ، وكتب إِلَى به العطاف بْن سُفْيَان أَبُو الأصبغ قاضيها .

الرواه :

الأسم الرتبة