قَالَ : وَحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ زُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ , أَوْ ابْنِ سَابِطٍ , قَالَ : " لَمَّا حَضَرَتِ الْوَفَاةُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ يَسْتَخْلِفُهُ . فَقَالَ النَّاسُ : أَتُخَلِّفُ عَلَيْنَا فَظًّا غَلِيظًا ، لَوْ قَدْ مَلَكَنَا كَانَ أَفَظَّ وَأَغْلَظَ ؟ فَمَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ قَالَ : أَتُخَوِّفُونِي بِرَبِّي ؟ أَقُولُ : اللَّهُمَّ أَمَّرْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ . ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ , فَقَالَ : إِنِّي أُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ إِنْ حَفِظْتَهَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ وَهُوَ مُدْرِكُكَ ، وَإِنْ ضَيَّعْتَهَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ وَلَنْ تُعْجِزَهُ . إِنَّ لِلَّهِ عَلَيْكَ حَقًّا فِي اللَّيْلِ لا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ ، وَحَقًّا فِي النَّهَارِ لا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ ، وَإِنَّهَا لا تُقْبَلُ نَافِلَةٌ حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ ، وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ فِي الدُّنْيَا , وَخِفَّتِهِ عَلَيْهِمْ , وَحُقَّ لِمِيزَانٍ لا يُوضَعُ فِيهِ إِلا الْبَاطِلَ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا . وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ فِي الدُّنْيَا , وَثِقَلِهِ عَلَيْهِمْ وَحُقَّ لِمِيزَانٍ لا يُوضَعُ فِيهِ إِلا الْحَقَّ أَنْ يَكُونَ ثَقِيلا . فَإِنْ أَنْتَ حَفِظْتَ وَصِيَّتِي هَذِهِ فَلا يَكُونَنَّ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ ، وَلا بُدَّ لَكَ مِنْهُ . وَإِنْ أَنْتَ ضَيَّعْتَ وَصِيَّتِي هَذِهِ فَلا يَكُونَنَّ غَائِبٌ أَبْغَضَ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ ، وَلَنْ تُعْجِزَهُ " . وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ : قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ : وَقَالَ لَهُ : يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي إِنَّمَا اسْتَخْلَفْتُكَ نَظَرًا لِمَا خَلَّفْتُ وَرَائِي , وَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ مِنْ أَثَرَتِهِ أَنْفُسَنَا عَلَى نَفْسِهِ , وَأَهْلَنَا عَلَى أَهْلِهِ , حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنَظَلُّ نُهْدِي إِلَى أَهْلِهِ مِنْ فُضُولِ مَا يَأْتِينَا عَنْهُ ، وَقَدْ صَحِبْتَنِي فَرَأَيْتَنِي إِنَّمَا اتَّبَعْتُ سَبِيلَ مَنْ كَانَ قَبْلِي ، وَاللَّهِ مَا نِمْتُ فَحَلِمْتُ , وَلا تَوَهَّمْتُ فَسَهَوْتُ , وَإِنِّي لَعَلَى السَّبِيلِ مَا زِغْتُ . وَإِنَّ أَوَّلَ مَا أُحَذِّرُكَ يَا عُمَرُ نَفْسَكَ ، إِنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ شَهْوَةً فَإِذَا أَعْطَيْتَهَا تَمَادَتْ فِي غَيْرِهَا . وَاحْذَرْ هَؤُلاءِ النَّفَرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الَّذِينَ قَدِ انْتَفَخَتْ أَجْوَافُهُمْ , وَطَمَحَتْ أَبْصَارُهُمْ , وَأَحِبَّ كُلَّ امْرِئٍ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ , وَإِنَّ لَهُمْ لَحَيْرَةٌ عِنْدَ زَلَّةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ , فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَهُ . وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَنْ يَزَالُوا مِنْكَ خَائِفِينَ مَا خِفْتَ اللَّهَ ، وَلَكَ مُسْتَقِيمِينَ مَا اسْتَقَامَتْ طَرِيقَتُكَ . هَذِهِ وَصِيَّتِي وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبَا بَكْرٍ | أبو بكر الصديق / توفي في :13 | صحابي |
ابْنِ سَابِطٍ | عبد الرحمن بن سابط القرشي / توفي في :118 | ثقة كثير الإرسال |
زُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ | زبيد بن الحارث اليامي | ثقة ثبت |
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ | إسماعيل بن أبي خالد البجلي | ثقة ثبت |