باب ذكر الاية الخامسة من هذه السورة


تفسير

رقم الحديث : 252

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِبَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ ، مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ صَبِيحٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَفَاطِمَةَ , وَالْحَسَنِ ، وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَمْ : " أَنَا سَلَمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُمْ " . أَفَلا تَرَى قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ لَيْسَ بِكَافِرٍ وَتَسْمِيَتَهُ إِيَّاهُ مُحَارِبًا ؟ وَقَدْ رَدَّ أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الآيَةَ فِي الْمُشْرِكِينَ بِأَشْيَاءَ بَيِّنَةٍ , قَالَ : قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكَ إِذَا فَعَلَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ شَيْءٍ مِنْ حُدُودِهَا , لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ سورة الأنفال آية 38 . وَهَذَا كَلامٌ بَيِّنٌ حَسَنٌ , وَقَالَ غَيْرُهُ : لَوْ كَانَتِ الآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ لَوَجَبَ فِي أَسْرَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ , وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الآيَةُ عَامَّةٌ فِي الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ، وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ : أَنْ تَكُونَ الآيَةُ عَامَّةً عَلَى ظَاهِرِهَا إِلا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خَارِجٍ مِنْهَا فَيَخْرُجُ بِالدَّلِيلِ , وَقَدْ دَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ خَارِجُونَ مِنْهَا , فَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهَا ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَزِمَهُ اسْمُ الْمُحَارَبَةِ أَيَكُونُ الإِمَامُ مُخَيَّرًا فِيهِ أَمْ تَكُونُ عُقُوبَتُهُ عَلَى قَدْرِ خِيَانَتِهِ ؟ فَقَالَ قَوْمٌ : الإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ يَجْتَهِدُ وَيَنْظُرُ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَمِمَّنْ قَالَ هَذَا مِنَ الْفُقَهَاءِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَالضَّحَّاكُ وَمِمَّنْ قَالَ الْعُقُوبَةُ عَلَى قَدْرِ الْخِيَانَةِ وَلَيْسَ لِلإِمَامِ فِي ذَلِكَ خِيَارٌ الْحَسَنُ ، وَعَطَاءٌ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو مِجْلَزٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلا أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْحَجَّاجُ وَعَطِيَّةُ لَيْسَا بِذَاكَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ , وَقَالَ بِهَذَا مِنَ الْفُقَهَاءِ الأَوْزَاعِيُّ , وَالشَّافِعِيُّ , وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ ، سُفْيَانَ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي التَّرْتِيبِ فِي أَكْثَرِ الآيَةِ فَمَا عَلِمْتُ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا , إِلا فِيمَنْ خَرَجَ فَقَتَلَ , فَإِنَّ أَصْحَابَ التَّرْتِيبِ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلافَهُمْ , فَأَمَّا أَصْحَابُ التَّخْيِيرِ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ إِلَى الإِمَامِ فَحُجَّتُهُمْ ظَاهَرُ الآيَةِ وَأَنَّ أَوْ فِي الْعَرَبِيَّةِ كَذَا وَمَعْنَاهَا إِذَا قُلْتَ خُذْ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا وَرَأَيْتُ زَيْدًا ، وعَمْرًا , وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ سورة المائدة آية 89 وَكَذَا فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ سورة البقرة آية 196 أَنَّهُ لَا اخْتِلافَ أَنَّ هَذَا عَلَى التَّخْيِيرِ , فَكَذَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مَرْدُودٌ إِلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَإِلَى لُغَةِ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بَلَغَتْهُمْ , فَعَارَضَهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالتَّرْتِيبِ بِحَدِيثِ عُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ : كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ , أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ , أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ " فَعَارَضَهُمُ الآخَرُونَ بِأَشْيَاءَ , مِنْهَا الْمُحَارِبُ مُضْمُومٌ إِلَى هَذِهِ الثَّلاثَةِ كَمَا ضَمَمْتُمْ إِلَيْهَا أَشْيَاءَ لَيْسَتْ كُفْرًا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ سورة الأنعام آية 145 الآيَةَ ، فَضَمَمْتُمْ إِلَيْهَا تَحْرِيمَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ , وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الآيَةَ الْمُحَارِبَةَ حُكْمًا آخَرَ , وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الأَمْرَ لِلْمُحَارِبِ وَلَيْسَ إِلَى الولي وَإِنَّمَا هُوَ إِلَى الإِمَامِ , وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَدْ رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْرَ الْمُحَارِبِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ

صحابي

صَبِيحٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ

مقبول

السُّدِّيِّ

صدوق حسن الحديث

أَبُو غَسَّانَ ، مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

ثقة متقن صحيح الكتاب

الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِبَرِيُّ

ثقة

أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ

ثقة ثبت