حَدَّثَنَا أَبُو المغيرة ، حَدَّثَنَا ابن عياش ، حَدَّثَنَا الأوزاعي ، وغيره ، عَن الزُّهْرِيّ ، عَن سَعِيد بْن المسيب ، عَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : وُلِدَ لأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ غُلامٌ فَسَمَّوْهُ بِالْوَلِيدِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَمَّيْتُمُوهُ بِاسْمِ فَرَاعِنَتِكُمْ ، لَيَكُونَنَّ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ رَجُلٌ ، يُقَالُ لَهُ : الْوَلِيدُ ، لَهُوَ شَرٌّ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ " . قَالَ ابن حبان : خبرٌ بَاطِلٌ ، ما قَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا ، ولا رَوَاهُ عُمَر ، ولا حدَّث بِهِ سَعِيد ، ولا الزُّهْرِيّ ، ولا هُوَ من حديث الأوزاعي ، وإسماعيل بْن عياش لَمَّا كبر تغير حفظه فكثر الخطأ فِي حديثه . قلتُ : هذا أول حديث أَخْرَجَهُ المؤلف من مسند الْإِمَام أَحْمَد ، وقد ألف الحافظ أَبُو الفضل بْن حجر القول المسدد فِي الذب عَن المسند ، قَالَ فِي خطبته : أمَّا بعد ، فقد رأيت أن أذكر فِي هذه الأوراق ما حضرني من الكلام ، عَلَى الأحاديث التي زعم بعضُ أهل الحديث أنَّها موضوعة ، وهي فِي المنسد للإمام أَحْمَد عصبية لا تخل بدين ولا مروءة ، وحمية للسنة لا تعد بِحمد الله من حمية الجاهلية ، بل هِيَ ذبٌّ عَن هذا التأليف العظيم الَّذِي تلقته الأمة بالقبول والتكريم ، وجعله إمامهم حجة يرجع إِلَيْهِ ، ويعول عِنْدَ الاختلاف عَلَيْهِ . ثُمّ قَالَ : والجوابُ أيضًا من طريق الإجمال ، أن الأحاديث المذكورة لَيْسَ فيها شيء من أحاديث الأحكام فِي الحلال والحرام ، فالتساهل فِي إيرادها مَعَ ترك البيان لِحالِها سائغٌ ، وقد ثبت عَن الْإِمَام أَحْمَد ، وغيره من الأئمة ، أنّهم قَالُوا : إذا روينا فِي الحلال والحرام شددنا ، وإذا روينا فِي الفضائل ونحوها تساهلنا ، وهكذا جاءت هذه الأحاديث ، وهذا الحديث يدخل فِي أدب التسمية ، وفيه إخبار عَن بعض الأمور الآتية ، ولِهذا أورده فِي دلائل النبوة ، وأمّا من حيث التفصيل ، فنقول : قول ابن حبان أَنَّهُ باطل . دعوى لا برهان عليها ، ولا أتى بدليل يشهد لَهَا ، وقوله : إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَم يقله ولا عُمَر ولا سَعِيد ولا الزُّهْرِيّ ، شهادة نفي صدرت عَن غير استقراء تام عَلَى ما سنبينه ، فهي مردودة ، وكلامه فِي إِسْمَاعِيل بْن عياش غير مقبول كله ، فإن رواية إِسْمَاعِيل عَن الشاميين عِنْدَ الجمهور قوية وهذا منها ، وإنّما ضعفوه فِي روايته عَن غير أهل الشام ، نص عَلَى ذَلِكَ : يَحْيَى بْن معين ، وَأَحْمَد بْن حنبل ، وعلي بْن الْمَدِينِيّ ، وعمر بْن علي الفلاس ، وعبد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم دحيم ، والبخاري ، ويعقوب بْن سُفْيَان ، ويعقوب بْن شيبة ، وأبو إِسْحَاق الجوزجاني ، والنسائي ، والدولابي ، وابن عدي ، وآخرون ، وقد وثقه بعضهم مطلقًا ، والعجبُ أن ابن حبان موافق للجماعة عَلَى أن حديثه عَن الشاميين مستقيم ، وهذه عبارته فِيهِ : كَانَ إِسْمَاعِيل من الحافظ المتقنين فِي حديثهم ، فلما كبر تغير حفظه ، فما حفظه فِي صباهُ وحداثته أتى بِهِ عَلَى وجهه ، وما حفظه عَلَى الكبر من حديث الغرباء خلط فِيهِ ، وأدخلَ الإسناد فِي الإسناد ، وألزق المتن فِي المتن . انتهى . فهذا كما تراهُ قيد كلامه بِحديث الغرباء ، لَيْسَ حديثه هذا من حديثه عَن الغرباء ، وإنّما هُوَ من روايته عَن شامي ، وهو الأوزاعي ، وأمّا إشارته إلى أَنَّهُ تغير حفظه واختلطَ فقد استوعبت كلام المتقدمين فِيهِ ، ولَمْ أجد عَن أحدٍ منهم ، أَنَّهُ نسبه إلى الاختلاط ، وإنَّما نسبوهُ إلى سوء الحفظ فِي حديثه عَن غير الشاميين ، كأنه كَانَ إذا رحل إلى الحجاز أو العراق اتكل عَلَى حفظه ، فيخطئ فِي أحاديثهم ، قَالَ يعقوب بْن سُفْيَان : تكلم ناس فِي إِسْمَاعِيل بْن عياش ، وإسماعيل ثقة عدل أعلم الناس بحديث الشام . وأكثر ما قَالُوا : يغرب عَن ثقات المدنيين والمكيين . انتهى . ومع كون إِسْمَاعِيل بِهذا الوصف وحديثه المذكور عَن شامي ، فلم ينفرد بِهِ كما قَالَ ابن حبان ، وابن الجوزي ، وإنَّما تفرد بذكر عمر فِيهِ خاصة ، عَلَى أن الرواة عنه لَمْ يتفقوا عَلَى ذَلِكَ ، فقد رَوَاهُ الحارث بْن أَبِي أسامة فِي مسنده ، وأبو نُعَيْم فِي كتاب الدلائل من طريقه ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي إِسْمَاعِيل ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عياش ، عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن عمرو ، عَن الزُّهْرِيّ ، عَن سَعِيد بْن المسيب ، قَالَ : ولد لأخي أم سلمة . فذكر الحديث ، وليس فِيهِ عُمَر ، نعم رواهُ سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن بِنْت شرحبيل ، عَن إِسْمَاعِيل ، فذكر فِيهِ عُمَر ، قَالَ أَبُو نُعَيْم حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيّ بْن الصواف ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد ، حَدَّثَنَا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عياش ، حدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَرو الأوزاعي ، عَن ابن شهاب الزُّهْرِيّ ، عَن سَعِيد بْن المسيب ، عَن عُمَر بْن الْخَطَّاب ، فذكر مثل حديث أَبِي المغيرة سواء ، وزاد بعد قوله بأسماء فراعنتكم غيروا أسمه فسموه عبد الله فإنه سيكون والبقية سواء ، وقد رواهُ عَن الأوزاعي أيضًا الوليد بْن مُسْلِم الدمشقي ، وبشر بْن بكير التنيسي ، والمعقل بْن زياد كاتب الأوزاعي ، وَمُحَمَّد بْن كثير ، لكنهم أرسلوه فلَمْ يذكروا فِيهِ عُمَر كما وقع عِنْدَ الحارث ، أمّا رواية الوليد فأخرجها يعقوب بْن سُفْيَان فِي تاريخه ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خَالِد العباسي السكسكي ، حَدَّثَنَا الوليد بْن مُسْلِم ، حَدَّثَنَا أَبُو عمرو الأوزاعي ، فذكره ، وزاد فِي آخره ، قَالَ الأوزاعي : فكانوا يرون أَنَّهُ الوليد بْن عَبْد الملك ، ثُمَّ رأيناهُ الوليد بْن يزيد لفتنة الناس بِهِ ، حتى خرجوا عَلَيْهِ فقتلوهُ ، فانفتحت الفتن عَلَى الأمة وكثر فيهم الهرج .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |
سَعِيد بْن المسيب | سعيد بن المسيب القرشي | أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار |
سلمة | أم سلمة زوج النبي / توفي في :63 | صحابية |