حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُبَيْد الله الدارمي ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد العرزمي ، حَدَّثَنَا زهير بْن عباد ، عَن مُحَمَّد بْن أيوب ، عَن مالك ، عَن نافع ، عَن ابن عُمَر ، قَالَ : بينما النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفناء الكعبة ، إذ نزل عَلَيْهِ جبريل ، فقال : " يا مُحَمَّد إنه سيخرج من أمتك رَجُل يشفع ، فيشفعه الله فِي عدد ربيعة ومضر ، فإن أدركته فاسأله الشفاعة لأمتك . فقال : يا جبريل ، ما اسمه ، وما صفته ؟ قَالَ : أما اسمه فأويس " . قَالَ المؤلف : وذكر حديثًا فِي ورقتين . قَالَ ابن حبان : باطل : مُحَمَّد بْن أيوب كَانَ يضعُ عَلَى مالك ، والذي صح فِي أويس كلمات يسيرة معروفة . قلت : تَمام الحديث : " وأما صفته وقبيلته فمن اليمن من مراد ، وهو رجلٌ أصهب مقرون الحاجبين أدعج العينين ، بكفه اليسرى وضح أبيض " ، فلم يزل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطلبه فلم يقدر عَلَيْهِ ، فلمّا احتضر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، أوصى أَبَا بَكْر وأخبره بِما قَالَ لَهُ جبريل فِي أويس القرني : فإن أنت أدركته فاسأله الشافعة لك ولأمتي . فلم يزل أَبُو بَكْر يطلبه فلم يقدر عَلَيْهِ ، فلما احتضر أَبُو بَكْر الصديق أوصى بِهِ عُمَر بْن الْخَطَّاب ، وأخبره بِما ، قَالَ لَهُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقال : يا عُمَر إن أنت أدركته فاسأله الشفاعة لي ولأمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فلم يزل عُمَر يطلبه حتى كَانَ آخر حجة حجها عُمَر وعلي بْن أبي طالب ، فأتيا رفاق اليمن فنادى عُمَر بأعلى صوته : يا معشر الناس هَلْ فيكم أويس القرني ؟ أعاد مرتين ، فقام شيخ من أقصى الرفاق ، فقال : يا أمير المؤمنين ، نعم هُوَ ابن أخ لي ، هُوَ أخمل أمرًا وأهونُ ذكرًا من أن يسأل مثلك عَن مثله . فأطرقَ عُمَر طويلاً حتى أن الشيخ ظن أَنَّهُ لَيْسَ من شأنه ابن أخيه ، قَالَ عُمَر : أيها الشيخ ابن أخيك فِي حرمنا هذا ؟ قَالَ الشيخ : هُوَ فِي وادي أراك عرفات . فركب عُمَر وعلي حتى أتيا وادي أراك عرفات ، فإذا هما برجل كما وصفه جبريل للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أصهب مقرون الحاجبين ، أدعج العينين ، رام بذقنه عَلَى صدره ، شاخصٌ ببصره نَحو موضع سجوده ، قائم يصلي وهو يتلو القرآن ، فدنيا منه ، فقالا لَهُ وقد فرغ : السلام عليك ورحمة الله . قَالَ : أَنْبَأنَا عَبْد الله بْن عَبْد الله . فقال لَهُ علي : قد علمنا أن أهل السماوات وأهل الأرض كلهم عُبَيْد الله . قَالَ : أَنَا راعي الإبل وأجير القوم . فقال لَهُ علي : لسنا عَن هذا سألناك من رعيك وإجارتك ، إنّما نسألك بِحق حرمنا هذا إلا أخبرتنا باسمك الَّذِي سماك بِهِ أَبُوك . قَالَ : أَنَا أويس القرني . فقال لَهُ علي : يا أويس ، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكرَ : أن بكفك اليسرى وضحًا أبيض ، فأوضح لنا فِيهِ . فإذا هما إياه ، فأقبلَ علي وعمر يقبلانه ، فقال علي : يا أويس ، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر أنك سيد التابعين وأنك تشفع ، يشفعك الله فِي عدد ربيعة ومضر . فقال لَهما أويس : فعسى أن يكون ذَلِكَ غيري . قَالَ لَهُ علي : قد أيقنا . أنك أنت هُوَ حقًّا يقينًا فرفع يده إلى السماء ، ثُمَّ قَالَ : إن هذين ابنا عمي بحياتي عليك فاغفر لهما وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات . ثُمَّ إن عُمَر ، قَالَ لَهُ : أَيْنَ الميعاد بيني وبينك ، إني أراك رث الحال حتى آتيك بكسوة ونفقة من رزقي ؟ فقال لَهُ أويس : هيهات هيهات إن بيني وبينك عقبة كؤدًا ، لا يُجاوزها إلا كل ضامر عطشان مهزول ، ما ترى يا عُمَر إن علي طمرين من صوف ، ونعلين مخصوفتين ، ولي نفقة ، ولي عَلَى القوم حساب . قَالَ : فإلى مَتَى آكل هذا ، وإلى مَتَى يبلى هذا ؟ فأخرج عُمَر الدرة من كمه ، ثُمَّ نادى : يا معشر الناس من يأخذ الخلافة بِما فيها ؟ فقال أويس : من جدع الله أنفه يا أمير المؤمنين . فقال لَهُ عُمَر : والله ما نكبت مصرًا ، ولا ظلمتُ فِيهِ ذميا ، ولا أكلتُ منها حمى أرض . قَالَ أويس : جزاك الله خيرًا يا عُمَر عَن هذه الأمة ، وأنت يا علي فجزاك الله خيرًا عَن هذه الأمة ، فتعيشان حميدين وتَموتان سعيدين . فقالا لَهُ : أوصنا يرحمك الله . فقال لَهما : أوصيكما بتقوى الله والعمل بطاعته ، والصبر عَلَى ما أصابكما ، فإن ذَلِكَ من عزم الأمور ، وأوصيكما أن تلقيا هرم بْن حيان فتقرآه مني السلام ، وَخَبِّرَاهُ إني أرجو أن يكون رفيقي فِي الجنة . قَالَ : فودعاه وَلَمْ يزل عُمَر وعلي يطلبان هرم بْن حيان ، فبينما هما مارين فِي مسجد النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ هما بهرم بْن حيان قائمٌ يصلي ، فانتظراهُ فلما انصرفَ سلما عَلَيْهِ فرد عليهما السلام ، ثُمَّ قَالَ لَهما : من أَيْنَ جئتما ؟ قالا : جئنا من عِنْدَ أويس القرني ، وهو يقرئك السلام ، ويقولُ لك : إني أرجو أن تكون رفيقي فِي الجنة . فَلم يزل هرم بْن حيان فِي طلب أويس ، فبينما هُوَ بالكوفة مار عَلَى شاطئ الفرات إذا هُوَ برجل أصهب مقرون الحاجبين أدعج العينين ، يغسل طمرين لَهُ من صوف ، فدنا منه هرم بْن حيان ، فقال : السلام عليك يا أويس . فأجابه بِمثل ذَلِكَ من السلام ، وقال لَهُ : يا هرم بْن حيان . قَالَ لَهُ هرم : كيف الزمان عليك ؟ قَالَ لَهُ أويس : كيف الزمانُ عَلَى رجلٍ إذا أصبح ، يَقُولُ : لا أمسى . ويُمسي ، يَقُولُ : لا أصبح . يا أخا مراد إن الموت وذكره لَم يتركا لأحد فرحًا ، وإن الأمرَ بالمعروف والنهي عَن المنكر لَمْ يتركا للمؤمن صديقًا . فقال لَهُ هرم : يا أويس ، أَنَا معرفك ، فإن عُمَر وعليًا وصفاك لي فعرفتك بصفتهما ، فأنت من أَيْنَ عرفتني ؟ قَالَ لَهُ أويس : إن الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها فِي الله ائتلف وما تناكر فِي الله اختلف . قَالَ لَهُ أويس : يا هرم ، اتل علي آيات من كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ ، فتلا عَلَيْهِ هذه الآية : وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ سورة الدخان آية 38 فخر أويس مغشيًا عَلَيْهِ ، فلمّا أفاقَ ، قَالَ لَهُ : إني أريد أصحبك وأكون معك . فقال لَهُ أويس : لا يا هرم ، ولكن إذا مت لا يكفنني أحد حتى تأتي أنت فتكفنني وتدفنني . ثُمَّ إنَّهما افترقا ، ولَمْ يزل هرم بْن حيان فِي طلب أويس حتى دخل مدينة من مدائن الشام ، يُقال لَهَا : دمشق ، فإذا هُوَ برجل ملفوف فِي عباءة لَهُ ملقى فِي صحن المسجد ، فدنا منه فكشف العباءة عَن وجهه فإذا هُوَ أويس قد تُوُفِيّ ، فوضع يده عَلَى أم رأسه ، ثُمَّ قَالَ : وا أخاهُ هذا أويس القرني مات ضائعًا . فقال لَهُ : من أنت يا عَبْد الله ، ومن هذا ؟ فقال : أما أَنَا فهرم بْن حيان المرادي ، وأما هذا فأويس القرني ولي الله . قَالُوا : فإنا قد جمعنا لَهُ ثوبين نكفنه فيهما . فقال لهم هرم : ما لَهُ بثمن ثوبكم حاجة ، ولكن يكفنه هرم بن حيان المرادي من ماله . فضرب هرم بيده إلى مردة أويس القرني ، فإذا هو بثوبين لَمْ يكن لَهُ بِهما عهد عِنْدَ رأس أويس ، عَلَى أحدهما مكتوب : بسم الله الرَّحْمَن الرحيم براءة من الرَّحْمَن الرحيم لأويس القرني من النار . وعلى الآخر مكتوب : هذا كفن لأويس القرني من الجنة " . أَخْرَجَهُ هكذا بِتمامه ابن عساكر فِي تاريخه ، وعند وقفه فِي الحكم عَلَيْهِ بالوضع ، فإن لَهُ طرقًا عديدة ، فورد هكذا مطولاً من حديث أبي هُرَيْرَةَ ، أَخْرَجَهُ الروياني فِي مسنده ، وأبو نُعَيْم فِي الحلية ، وابن عساكر وسنده لا بأس بِهِ ، وقد سقته فِي جمع الجوامع فِي مسند أبي هُرَيْرَةَ ، ومن حديث ابن عَبَّاس بأخصر منه أَخْرَجَهُ ابن عساكر ، وفي مسنده نهشل بْن سَعِيد ، واه من طريق علقمة بْن مرثد ، وغيره ، مطولاً ومختصرًا ، وقد سقت جميعها فِي مسند عُمَر من جمع الجوامع ، والله أعلم .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابن عُمَر | عبد الله بن عمر العدوي / توفي في :73 | صحابي |
زهير بْن عباد | زهير بن عباد الرؤاسي | ثقة |
أَحْمَد بْن عُبَيْد الله الدارمي | أحمد بن عبيد الله النرسي | ثقة |