التاسع عشر في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الى مطرف بن بهصل


تفسير

رقم الحديث : 23

أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْمَزِّيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَنَفِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَرْسِيسِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ سَيِّدِ النَّاسِ ، قَالَ : " كِتَابُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَيْفَرِ وَعَبْدِ ابْنَي الْجُلَنْدِي الأَزْدِيَّيْنِ مَلِكَيْ عُمَانَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ : مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبدِ اللَّهِ ، إِلَى جَيْفَرِ وَعبْدِ ابْنَي الْجُلَنْدِيِّ ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى . أَمَّا بَعْدُ : فَإِنِّي أَدْعُوكُمَا بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ ، أَسْلِمَا تَسْلَمَا ، فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، لأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ، وَإِنَّكُمَا إِنْ أَقْرَرْتُمَا بِالإِسْلامِ وَلَّيْتُكُمَا ، وَإِنْ أَبَيْتُمَا أَنْ تُقِرِّا بِالإِسْلامِ ، فَإِنَّ مُلْكَكُمَا زَائِلٌ عَنْكُمَا ، وَخَيْلِي تَحِلُّ بِسَاحَتِكُمَا ، وَتَظْهَرُ نُبُوَّتِي عَلَى مُلْكِكُمَا ، وَكَتَبَ أُبيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وَخَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ ، قَالَ : عَمْرُو : فَخَرَجْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى عُمَانَ ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا عَمَدْتُ إِلَى عَبْدٍ وَكَانَ أَحْلَمُ الرَّجُلَيْنِ وَأَسْهَلُهُمَا خُلُقًا قُلْتُ : إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ وَإِلَى أَخِيكَ ، فَقَالَ : أَخِي مُقَدُّمٌ عِلَيَّ بِالسِّنَّ وَالْمُلْكِ ، وَأَنَا أَوُصِلُكَ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْرَأَ كِتَابَكَ ، ثُمَّ قَالَ لِي : وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ ؟ ، قُلْتُ : أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَتَخْلَعُ مَا عُبِدَ مِنْ دُونَهِ ، وَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَ يَا عَمْرُو : إِنَّكَ ابْنُ سَيِّدِ قَوْمِكَ ، فَكَيْفَ صَنَعَ أَبُوكَ ، فَإِنَّ لَنَا فِيهِ قُدْوَةً ؟ قُلْت : مَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ وَصَدَّقَ بِهِ ، وَقَدْ كُنْتُ أَنَا عَلَى مِثْلِ رَأْيِهِ حَتَّى هَدَانِي اللَّهُ لِلإِسْلامِ ، قَالَ : فَمَتَى تَبِعْتُهُ ؟ قُلْتُ : قَرِيبًا ، فَسَأَلَنِي أَيْنَ كَانَ إِسْلامِي ؟ فَقُلْتُ : عِنْدَ النَّجَاشِيِّ ، أَخْبَرْتُهُ أَنَّ النَّجَاشِيَّ قَدْ أَسْلَمَ ، قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ قَوْمُهُ بِمُلْكِهِ ؟ فَقُلْتُ : أَقَرُّوهُ وَاتَّبَعُوهُ ، قَالَ : وَالأَسَاقِفَةُ وَالرُّهْبَانَ اتَّبَعُوهُ ؟ , قُلْت : نَعَمْ ، قَالَ : انْظُرْ يَا عَمْرُو مَا تَقُولُ ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصْلَةٍ فِي رَجُلٍ أَفْضَحُ مِنَ الْكَذِبِ ، قُلْتُ : مَا كَذَبْتُ وَمَا نَسْتَحِلُّهُ فِي دِينِنَا ، ثُمَّ قَالَ مَا أَرَى هِرَقْلَ عَلِمَ بِإِسْلامِ النَّجَاشِيِّ ، قُلْت : بَلَى ، قَالَ : بِأَيِّ شَيْءٍ عَلِمْتَ ذَلِكَ ، قُلْتُ : كَانَ النَّجَاشِيُّ يُخْرِجُ لهُ خَرْجًا ، فَلَمَّا أَسْلَمَ وَصَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لا وَاللَّهِ لَوْ سَأَلَنِي دِرْهَمًا وَاحِدًا مَا أَعْطَيْتُهُ ، فَبَلَغَ هِرَقْلَ قَوْلُهُ , فَقَالَ لَهُ نِيَاقُ أُخَوهُ : أَتَدَعُ عَبْدَكَ لا يُخْرِجُ لَكَ خَرْجًا ، وَتَدَيَّنَ دِينًا مُحْدَثًا ، قَالَ هِرَقْلُ : رَجُلٌ رَغِبَ فِي دِينٍ وَاخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ مَا أَصْنَعُ بِهِ ؟ وَاللَّهِ لَوِلا الضَّنُّ بِمُلْكِي لَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ ، قَالَ : انْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عَمْرُو ، قُلْتُ : وَاللَّهِ صَدَقْتُكَ ، قَالَ عَبْدٌ : فَأَخْبِرْنِي مَا الَّذِي يَأَمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ ، قُلْتُ : يَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَيَنْهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ ، يَأْمُرُ بِالْبِرِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ , وَيَنْهَى ، عَنِ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانَ ، وَعَنِ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَعِبَادَةِ الْحَجَرِ وَالْوَثَنِ وَالصَّلِيبِ ، فَقَالَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ ، لَوْ كَانَ أَخِي يُتَابِعُنِي لَرَكِبْنَا حَتَّى نُؤْمِنَ بِمُحَمَّدٍ وَنُصَدِّقُ بِهِ ، وَلَكِنَّ أَخِي أَضَنُّ بِمُلْكِهِ مِنْ أَنْ يَدَعَهُ وَيَصِيرُ ذَنبًا ، قُلْتُ : إِنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ مَلَّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمِهِ ، فَأَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَرَدَّهَا عَلَى فَقِيرِهِمْ ، فَقَالَ : إِنَّ هَذَا الْخُلُقَ حَسَنٌ ، وَمَا الصَّدَقَةُ ؟ فَأَخْبَرْتَهُ بِمَا فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّدَقَاتِ فِي الأَمْوَالِ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الإِبِلِ ، قَالَ : يَا عَمْرُو : يُؤْخَذُ مِنْ سَوَائِمَ مَوَاشِينَا الَّتِي تَرْعَى الشَّجَرَ ، وَتَرِدُ الْمِيَاهُ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ , فَقَالَ : واللَّهِ مَا أَرَى قَوْمِي فِي بُعْدِ دَارِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ يُطِيعُونَ بِهَذَا ، قَالَ : فَمَكَثْتُ بِبَابِهِ أَيَّامًا وَهُوَ يَعْبُرُ فَيُخْبِرُهُ كُلٌّ خَبَرِي ، ثُمَّ إِنَّهُ دَعَانِي يَوْمًا فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَأَخَذَ أَعْوَانُهُ بِضَبُعِي ، فَقَالَ : دَعُوهُ ، فأرسِلتُ ، فَذَهَبْتُ لأَجْلِسَ ، فَأَبَوا أَنْ يَدَعُونِي أَجْلِسَ ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : تَكَلَّمْ بِحَاجَتِكَ ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ مَخْتُومًا ، فَفَضَّ خَاتَمَهُ ، وَقَرَأَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى آَخِرِهِ ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أَخِيهِ فَقَرَأَهُ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ ، إِلا أَنِّي رَأَيْتُ أَخَاهُ أَرَقَّ مِنْهُ ، قَالَ : أَلا تُخْبِرُنِي ، عَنْ قُرَيْشٍ كَيْفَ صَنَعَتْ ؟ فَقُلْتُ : اتَّبَعُوهُ إِمَّا رَاغِبٌ فِي الدِّينِ ، وَإِمَّا مَقْهُورٌ بِالسَيْفِ ، قَالَ : وَمَنْ تَبِعَهُ ؟ قُلْتُ : النَّاسُ قَدْ رَغِبُوا فِي الإِسْلامِ ، وَاخْتَارُوهُ عَلَى غَيْرِهِ ، وَعَرَفُوا بِعُقُولِهِمْ مَعَ هُدَى اللَّهِ إِيَّاهُمْ ، أَنَّهُمْ كَانُوا فِي ضَلالٍ ، فَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ غَيْرَكَ فِي هَذِهِ الْحَرَجَةِ ، وَأَنْتَ إِنْ لَمْ تُسْلِمِ الْيَوْمَ وَتَتَّبِعْهُ تُوْطِئُكَ الْخَيْلُ ، وَتُبِيدُ خَضْرَاءَكَ ، فَاسْلَمْ تَسْلَمْ ، وَيَسْتَعْمِلْكَ عَلَى قَوْمِكَ ، وَلا تَدْخُلُ عَلَيْكَ الْخَيْلُ وَالرِّجَالُ ، قَالَ : دَعْنِي يَوْمِي هَذَا وَارْجِعْ إِلَيَّ غَدًا ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَخِيهِ ، فَقَالَ : يَا عَمْرُو ! إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُسْلِمَ إِنْ لَمْ يَضِنَّ بِمُلْكِهِ ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ ، أَتَيْتُ إِلَيْهِ ، فَأَبَى أَنْ يَأَذْنَ لِي فَانْصَرَفْتُ إِلَى أَخِيهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي لَمْ أَصِلْ إِلَيْهِ ، فَأَوْصَلَنِي إِلَيْهِ , فَقَالَ : إِنِّي فَكَرْتُ فِيمَا دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ ، فَإِذَا أَنَا أَضْعَفُ الْعَرَبِ إِنْ مَلَّكْتُ رَجُلًا مَا فِي يَدِي ، وَهُوَ لا تَبْلُغُ خَيْلُهُ هَاهُنَا ، وَإِنْ بَلَغَتْ خَيْلُهُ أَلْفَتْ قِتَالًا لَيْسَ كَقِتَالِ مَنْ لاقَى ، قُلْتُ : وَأَنَا خَارِجٌ غَدًا ، فَلَمَّا أَيْقَنَ بِمَخْرجِي ، خَلا بِهِ أَخُوهُ ، فَقَالَ : مَا نَحْنُ فِيمَا قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ ، وَكُلُّ مِنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ قَدْ أَجَابَهُ ، فَأَصْبَحَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَأَجَابَ إِلَى الإِسْلامِ هُوَ وَأَخُوهُ جَمِيعًا ، وَصَدَّقَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَخَلَّيَا بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّدَقَةِ ، وَبَيْنَ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، فَكَانَا لِي عَوْنًا عَلَى مَنْ خَالَفَنِي " ، وَنَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي آَخِرِ تَخْرِيجِهِ نَحْو هَذَا .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ

صحابي

أَبُو الْفَتْحِ بْنُ سَيِّدِ النَّاسِ

ثقة إمام

Whoops, looks like something went wrong.