أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو أَثَرَ النَّاسِ , فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ وَئِيدَ الأَرْضِ , يَعْنِي حِسَّ الأَرْضِ , فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَجَلَسْتُ إِلَى الأَرْضِ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو يَحْمِلُ مِجَنَّهُ ، وَعَلَى سَعْدٍ دِرْعٌ قَدْ خَرَجَ أَطْرَافُهُ مِنْهَا , قَالَتْ : وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمِ ، قَالَتْ : فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِهِ , قَالَتْ : فَمَرَّ بِي وَهُوَ يَرْتَجِزُ , وَيَقُولُ : لَبِّثْ قَلِيلًا يُدْرِكُ الْهَيْجَاء حَمَل مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الأَجَلُ ، قَالَتْ : فَلَمَّا جَاوَزَنِي اقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً فِيهَا الْمُسْلِمُونَ وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ , أَمَا تَخَافِينَ أَنْ يُدْرِكَكِ بَلاءٌ ؟ قَالَتْ : فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى وَدِدْتُ لَوْ أَنَّ الأَرْضَ لَتَنْشَقُّ فَأَدْخُلُ فِيهَا ، فَكَشَفَ الرَّجُلُ السَّبْغَةَ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا هُوَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ , فَقَالَ : إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ ، أَيْنَ الْفِرَارُ ؟ وَأَيْنَ إِلا إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَتْ : فَرُمِي سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَوْمَئذٍ , رَمَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : ابْنُ الْعَرِقَةِ , فَقَالَ : خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ ، فَقَالَ سَعْدٌ : عَرَّقَ اللَّهُ وَجْهَكَ فِي النَّارِ ، فَقُطِعَ أَكْحَلُهُ يَوْمَئِذٍ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو : وَزَعَمُوا أَنَّهُ لا يُقْطَعُ مِنْ أَحَدٍ إِلا لَنْ يَزَالَ يَنْبِضُ دَمًا حَتَّى يَمُوتَ ، قَالَ : وَجَعَلَ سَعْدٌ , يَقُولُ : اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى تَقَرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ وَمَوَالِيَهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَكَانُوا ظَاهَرُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا سورة الأحزاب آية 25 الآيَةَ ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَضَرَبَ قُبَّةً عَلَى سَعْدٍ فِي الْمَسْجِدِ , فَوَضَعَ الْمُسْلِمُونَ السِّلاحَ وَوَضَعَ سِلاحَهُ , فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , وَضَعْتَ سِلاحَكَ وَلَمْ تَضَعِ الْمَلائِكَةُ أَسْلِحَتَهُمْ بَعْدُ , اخْرُجْ فَقَاتِلْهُمْ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلأْمَتِهِ , يَعْنِي الدِّرْعَ , فَلَبِسَهَا ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ , فَمَرَّ بِبَنِي غَنْمٍ , فَقَالَ : " مَنْ مَرَّ بِكُمْ ؟ " ، فَقَالُوا : دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ ، وَكَانَ وَجْهُهُ يُشْبِهُ وَجْهَ جِبْرِيلَ وَلِحْيَتَهُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِمْ وَسَعْدٌ فِي الْقُبَّةِ الَّتِي ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَاصَرُوهُمْ شَهْرًا أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً , فَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ , فَقِيلَ لَهُمُ : انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَشَارَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ إِلَى حَلْقِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ , قَالَ : " فَأُنْزِلُوا فَنَزَلُوا " ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأُتِيَ بِحِمَارٍ بِإِكَافٍ مِنْ لِيفٍ , فَحُمِلَ عَلَيْهِ , قَالَتْ عَائِشَةُ : فَوَاللَّهِ لَقَدْ بَرَأَ كَلْمُهُ حَتَّى مَا يُرَى مِنْهُ إِلا مِثْلُ أَثَرِ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمُ أَوْ إِلَى خَيْرِكُمْ فَأَنْزِلُوهُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " احْكُمْ فِيهِمْ " ، قَالَ : إِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَتُسْبَى ذَرِارِيُّهُمْ ، وَأَنْ تُقَسَّمَ أَمْوَالُهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ " ، قَالَ : فَقَالَ سَعْدٌ وَهُوَ يَدْعُو : اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَوْمٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُقَاتِلَ أَوْ أُجَاهِدَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رُسُلَكَ , فَإِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِكَ شَيْئًا فَأَبْقِنِي فِيهِمْ ، وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ ، فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقُبَّةِ الَّتِي ضَرَبَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ , قَالَتْ عَائِشَةُ : فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَبُو بَكْرٍ , وَعُمَرُ وَإِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاءَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ وَإِنِّي لَفِي حُجْرَتِي , فَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ : رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ سورة الفتح آية 29 ، قَالَ عَلْقَمَةُ : كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ؟ قَالَتْ : كَانَتْ عَيْنَاهُ لا تَدْمَعَانِ عَلَى أَحَدٍ , وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ فَإِنَّمَا هُوَ تَعْنِي الْجَزَعَ ، قَالَ : فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَمْسَى , قَالَ : " أَتَانِي جِبْرِيلُ , أَوْ قَالَ : مَلَكٌ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ الْيَوْمَ ؟ فَقَدِ اسْتَبْشَرَ بِمَوْتِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ " , فَقَالَ : لا أَعْلَمُهُ إِلا سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ , فَقَدْ أَمْسَى دَنِقًا , مَا فَعَلَ سَعْدٌ ؟ فَقَالُوا : قُبِضَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَجَاءَهُ قَوْمُهُ فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى دَارِهِمْ ، قَالَتْ : فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ , فَخَرَجَ وَخَرَجَ النَّاسُ , فَبَتَّ مَشْيًا حَتَّى إِنَّهُ لَيَنْقَطِعُ شُسُوعُ نِعَالِهِمْ , وَسَقَطَتْ أَرْدَيَتُهُمْ مِنْ عَوَاتِقِهِمْ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لَقَدْ بَتَتَّ فِي الْمَشْيِ . فَقَالَ : " أَخْشَى أَنْ تَسْبِقَنَا الْمَلائِكَةُ كَمَا سَبَقَتْنَا إِلَى حَنْظَلَةَ " ، فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ يُغَسَّلُ ، قَالَ : فَحَدَّثَ الأَشْعَثُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , قَالَ : قَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكْبَتَيْهِ يَوْمَئِذٍ , فَدَخَلَ مَلَكٌ فَلَمْ يَجِدْ مَجْلِسًا , فَأَوْسَعْتُ لَهُ ، وَأُمُّهُ تَبْكِيهِ , وَهِيَ تَقُولُ : وَيْحَ أُمِّ سَعْدٍ ، سَعْدُ بَرَاعَةً وَجِدًّا , بَعْدَ أَيَادٍ لَهُ وَمَجْدًا مُقَدَّمًا , سَدَّ بِهِ مَسَدًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلُّ الْبَوَاكِي تَكْذِبُ , إِلا أُمَّ سَعْدٍ " ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ : مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ , مَا حَمَلْنَا نَعْشًا أَخَفَّ مِنْهُ قَطُّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ نَزَلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ شَهِدُوا سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ , مَا وَطِئُوا الأَرْضَ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَائِشَةَ | عائشة بنت أبي بكر الصديق / توفي في :57 | صحابي |
عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ | علقمة بن وقاص العتواري | ثقة ثبت |
أَبِي | عمرو بن علقمة الليثي | مقبول |
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو | محمد بن عمرو الليثي / توفي في :145 | صدوق له أوهام |
مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ | محمد بن بشر العبدي / توفي في :203 | ثقة حافظ |