وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ فِي السَّمَاءِ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ " ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ ، وَسُمْكُهَا كَذَلِكَ ، وَإِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا هَذِهِ الْمَسَافَةُ الْعَظِيمَةُ فَكَيْفَ يَصِلُ إِلَيْهَا مَنْ طُولُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ حَتَّى يَشْوِيَ فِي عَيْنِهَا الْحُوتَ ؟ وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ قَصَدُوا السُّخْرِيَةَ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِالرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ ، قُلْتُ : وَفِي تَفْسِيرِ الْمَعَالِمِ لِلْبَغَوِيِّ : إِنَّ أَصَحَّ الْأَقَاوِيلِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ عُوجَ بْنَ عُنُقٍ قَتَلَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَمْ يَزَدْ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِوُجُودِهِ أَصْلًا فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ ، غَايَتُهُ أَنَّ الْكَذَّابِينَ زَادُوا وَنَقَصُوا تَرْوِيجًا لِغَرَضِهِمِ الْفَاسِدِ عِنْدَ الْعَوَامِ مِنَ الْأَنَامِ ، ثُمَّ نَقَلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ سورة البقرة آية 58 هِيَ أَرِيحَا ، وَهِيَ قَرْيَةُ الَجَبَّارِينَ ، كَانَ فِيهَا قَوْمٌ مِنْ بَقِيَةِ عَادٍ ، يُقَالُ لَهُمُ الْعَمَالِقَةُ ، وَرَأَسَهُمْ عُوجُ بْنُ عُنُقٍ ، وَفِي الدُّرِّ الَمَنْثُورِ فِي التَّفْسِيرِ بِالْمَأْثُورِ لِلسُّيُوطِيِّ : أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ سورة المائدة آية 22 قَالَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ أَجْسَامٌ وَخِلَقٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِمْ ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ ، قَالَ : هُمْ أَطْوَلُ مِنَّا أَجْسَامًا وَأَشَدُّ قُوَّةً ، وَأَخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي فُتُوحِ مِصْرَ عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ ، قَالَ : اسْتَظَلَّ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِ مُوسَى فِي قَحْفِ رَأْسِ رَجُلٍ مِنَ الْعَمَالِيقِ ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ رُؤَيَتْ ضَبُعٌ وَأَوْلَادُهَا رَابِضَةً فِي حِجَاجِ عَيْنِ رَجُلٍ مِنَ الْعَمَالِقَةِ ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَخَذَ عَصَا ، فَذَرَعَ فِيهَا بِشَيْءٍ ، ثُمَّ قَاسَ فِي الْأَرْضِ خَمْسِينَ أَوْ خَمْسًا وَخَمْسِينَ ، ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا طُولُ الْعَمَالِيقِ ، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أُمِرَ مُوسَى أَنْ يَدْخُلَ مَدِينَةَ الْجَبَّارِينَ ، فَسَارَ بِمَنْ مَعَهُ ، حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ ، وَهِيَ أَرِيحَا ، فَبَعَثَ اثْنَيْ عَشْرَ عَيْنًا ، مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْهُمْ عَيْنًا ، لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ ، فَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا مِنْ هَيْئَتِهِمْ وَجِسْمِهِمْ وَعِظَمِهِمْ ، فَدَخَلُوا حَائِطًا لِبَعْضِهِمْ ، فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ لِيَجْتَنِي الثِّمَارَ مِنْ حَائِطِهِ فَجَعَلَ يَجْتَنِي الثِّمَارَ ، وَيَنْظُرُ إِلَى آثَارِهِمْ ، فَتَتَبَّعَهُمْ ، فَكُلَّمَا أَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَخَذَهُ ، فَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ مَعَ الْفَاكِهَةِ ، حَتَّى الْتَقَطَ الِاثْنَيْ عَشَرَ كُلَّهُمْ ، فَجَعَلَهُمْ فِي كُمِّهِ مَعَ الْفَاكِهَةِ ، وَذَهَبَ إِلَى مَلِكِهِمْ ، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، . . . الْحَدِيث .
الأسم | الشهرة | الرتبة |