تفسير

رقم الحديث : 72

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " لَمَّا نَزَلَتْ : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ سورة النصر آية 1 إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ، قَالَ مُحَمَّدٌ : يَا جِبْرِيلُ نَفْسِي قَدْ نُعِيَتْ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : الآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلالا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلاةِ جَمَاعَةً ، فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ فِي الْمَسْجِدِ ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً ، وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، وَبَكَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، أَيُّ نَبِيٍّ كُنْتُ لَكُمْ ؟ فَقَالُوا : جَزَاكَ اللَّهُ مَنْ نَبِيٍّ خَيْرًا ، فَلَقَدْ كُنْتَ لَنَا كَالأَبِ الرَّحِيمِ وَكَالأَخِ النَّاصِحِ الْمُشْفِقِ ، أَدَّيْتَ رِسَالاتِ اللَّهِ ، وَأَبْلَغْتَنَا وَحْيَهُ ، وَدَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَازَى عَنْ أُمَّتِهِ ، فَقَالَ لَهُمْ : مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ ، إِنِّي أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِحَقِّي عَلَيْكُمْ ، مَنْ كَانَتْ لَهُ قَبْلِي مَظْلَمَةٌ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي قَبْلَ الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَقَامَ مِنْ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ شَيْخٌ كَبِيرٌ يُقَالُ لَهُ : عُكَّاشَةُ ، فَتَخَطَّى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : فِدَاكَ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْلا أَنَّكَ نَاشَدْتَنَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَا كُنْتُ بِالَّذِي أَتَقَدَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْكَ ، كُنْتُ مَعَكَ فِي غَزَاةٍ ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَنَصَرَ نَبِيَّهُ ، وَكُنَّا فِي الانْصِرَافِ ، حَاذَتْ نَاقَتِي نَاقَتَكَ ، فَنَزَلْتُ عَنِ النَّاقَةِ وَدَنَوْتُ مِنْكَ لأُقَبِّلَ فَخِذَكَ ، فَرَفَعْتَ الْقَضِيبَ ، فَضَرَبْتَ خَاصِرَتِي ، فَلا أَدْرِي أَكَانَ ذَلِكَ عَمْدًا مِنْكَ أَنْ أَرَدْتَ ضَرْبَ النَّاقَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُعِيذُكَ بِجَلالِ اللَّهِ أَنْ يَتَعَمَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالضَّرْبِ ، يَا بِلالُ : انْطَلِقْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ ، وَأْتِنِي بِالْقَضِيبِ الْمَمْشُوقِ ، فَخَرَجَ بِلالٌ مِنَ الْمَسْجِدِ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ ، وَهُوَ يُنَادِي : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ ، فَقَرَعَ بَابَ فَاطِمَةَ وَقَالَ : يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاوِلِينِي الْقَضِيبَ الْمَمْشُوقِ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ : يَا بِلالُ ، وَمَا يَصْنَعُ أَبِي بِالْقَضِيبِ وَلَيْسَ هَذَا يَوْمَ حَجٍّ ، وَلا غَزَاةٍ ، فَقَالَ : مَا أَغْفَلَكِ عَمَّا فِيهِ أَبُوكِ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَدِّعُ الدِّينَ ، وَيُفَارِقُ الدُّنْيَا ، وَيُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ : وَمَنْ ذَا الَّذِي تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَا بِلالُ ، قُلْ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَقُومَانِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ ، فَيَقْتَصَّ مِنْهُمَا ، وَلا يَدَعَانِهِ يَقْتَصُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَضِيبَ إِلَى عُكَاشَةَ ، فَلَمَّا نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَى ذَلِكَ ، قَالا : يَا عُكَّاشَةُ ، نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ فَاقْتَصَّ مِنَّا وَلا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : امْضِ يَا أَبَا بَكْرٍ ، وَأَنْتَ يَا عُمَرُ فَامْضِ ، فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَكَانَكُمَا وَمَقَامَكُمَا ، فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ : يَا عُكَّاشَةُ ، إِنَّا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ تَضْرِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا ظَهْرِي وَبَطْنِي اقْتَصْ مِنِّي وَأَجْلِدْنِي مَائَةَ جَلْدَةٍ ، وَلا تَقْتَصْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَلِيُّ ، اقْعُدْ ، فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَكَانَكَ وَنَبِيُّكَ ، فَقَامَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ، فَقَالا : يَا عُكَّاشَةُ ، أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّا سِبْطَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَالْقِصَاصُ مِنَّا كَالْقِصَاصِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُمَا : اقْعُدَا يَا قُرَّةَ عَيْنِي ، لا نَسِيَ اللَّهُ هَذَا الْمَقَامَ لَكُمَا ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عُكَّاشَةُ ، اضْرِبْ إِنْ كُنْتَ ضَارِبًا ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ضَرَبْتَنِي وَأَنَا حَاسِرٌ ، فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ ، وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ ، وَقَالُوا : أَتُرَى عُكَّاشَةُ ضَارِبًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَلَمَّا نَظَرَ عُكَّاشَةُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، مَنْ تَطِيقُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِمَّا أَنْ تَضْرِبَ وَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ ، فَقَالَ : قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ رَجَاءَ أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا ، فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ ، فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْ عُكَّاشَةَ ، وَيَقُولُونَ : طُوبَى لَكَ ، طُوبَى لَكَ ، نِلْتَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا ، وَمُرَافَقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.