ما كان احد اشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه من ابن ام سلمة


تفسير

رقم الحديث : 84

أنا أبو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّيَّاتُ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ , قَالَ : أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ , فِي سَنَةِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ , قَالَ : نا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : أنا قَتَادَةُ بْنُ عُمَرَ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ , وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ , عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ , حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ , قَالَ : وَكُلُّهُمْ حَدَّثَتْنِي طَائِفَةٌ مِنْ حَدِيثِهَا , وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا , وَقَدْ وَعِيتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ , وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا , وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ , قَالُوا : قَالَتْ عَائِشَةُ رَحِمَهَا اللَّهُ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مَعَهُ , قَالَتْ عَائِشَةُ : فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي , فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ , وَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأَنْزِلُ فِيهِ , فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ , وَقَفَلَ وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ , آذَنَ لَيْلُهُ بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ , فَقُمْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جِزْعِ ظفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ , فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ , قَالَتْ : وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَّلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ , وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ إِنَّمَا كَانُوا يَأْكُلُونَ الْعَلَقَةَ مِنَ الطَّعَامِ , فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَرَحَّلُوهُ , وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا فَسَارُوا , وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلا مُجِيبٍ , فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ , وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ , فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ , وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكَوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ , فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَآنِي سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي , وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ , فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وَجْهِيَ بِجِلْبَابِي وَوَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ وَلا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلى يَدِهَا , فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ بِي يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ , قَالَتْ : فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ , وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ ، قَالَ عُزَيْرَةٌ : أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ فَيُقِرُّهُ وَيَسْمَعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ , قَالَ إِبْرَاهِيمُ : يَعْنِي يَسْتَوْشِيهِ : يَسْتَطْعِمُهُ , وَقَالَ عُرْوَةَ أَيْضًا : لَمْ يُسَمِّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ إِلا حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ وَمِسْطَحَ بْنَ أَثَاثَةَ وَحِمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ وَأُنَاسًا آخَرِينَ لا عِلْمَ لِي بِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِنَّ كِبْرَ ذَلِكَ كَانَ يُقَالُ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ , قَالَ عُرْوَةُ : كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ , وَتَقُولُ : إِنَّهُ الَّذِي قَالَ : وَإِنَّ أَبِي وَوَالِدِهِ وَعِرْضِي لِعَرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا , وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ , وَلا أَشْعَرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَهُوَ يُرِيبُنِي فِي وَجَعِي , أَنِّي لا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى حِينَ اشْتَكِي , إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ فَيُسَلِّمُ , ثُمَّ يَقُولُ : " كَيْفَ تِيكُمْ " . ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَذَلِكَ يُرِيبُنِي مِنْهُ وَلا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ بِهِ , حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَمَا نَقَهْتُ فَخَرَجْتُ مَعَ أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا وَكُنَّا لا نَخْرُجُ إِلا لَيْلا إِلَى لَيْلٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا , وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ قِبَلَ الْغَائِطِ , فَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا , قَالَتْ : فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ ابْنَةُ رَهْمِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أَثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حَتَّى فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا فَعَثَرَتْ أُمَّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا , فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ . فَقُلْتُ لَهَا : بِئْسَ مَا قُلْتِ تَسُبِّينَ رَجُلا شَهِدَ بَدْرًا , قَالَتْ : أَيْ هَنْتَاهُ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : وَمَا قَالَ ؟ قَالَتْ : فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ . قَالَتْ : فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي , فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ , فَقَالَ : " كَيْفَ تِيكُمْ " ؟ قُلْتُ : ائْذَنْ لِي آتِي أَبَوَيَّ , قَالَتْ : وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا , قَالَتْ : فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَجِئْتُ أَبَوَيَّ , فَقُلْتُ لأُمِّي : يا هَنْتَاهُ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ ؟ فَقَالَتْ : يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكَ لَقَلَّ مَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا , قَالَتْ : قُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا . فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ حَتَّى أَصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي . قَالَتْ : وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ , فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةٍ وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ , فَقَالَ أُسَامَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْلَكَ وَلا نَعْلَمُ إِلا خَيْرًا . وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ ، النِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ , قَالَتْ : فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بَرِيرَةَ , فَقَالَ : " أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يُرِيبُكِ " ؟ قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُ مِنْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ , قَالَ : فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَصَعِدَ عَلَى الْمِنْبَرِ , فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذُرُنِي فِي رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي , وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلا خَيْرًا , وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلا خَيْرًا وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلا مَعِي . قَالَتْ : فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَا أَعْذُرُكَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ , وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ , فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ ابْنَةَ عَمِّهِ مِنْ فَخْذِهِ , وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ , قَالَتْ : وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلا صَالِحًا وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحِمْيَةُ , فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ : كَذَبْتَ لَعَمْرُكَ وَاللَّهِ لا تَقْتُلُهُ وَلا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ , أَوَ لَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يَقْتُلُوهُ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ , فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ : كَذَبْتَ لَعَمْرُكَ وَاللَّهِ ، وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ . قَالَتْ : فَثَارَ الْحَيَّانُ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قَائِمًا عَلَى الْمِنْبَرِ . قَالَتْ : فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ , قَالَتْ : فَبَكَيْتُ يَوْمِي كُلَّهُ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ . قَالَتْ : وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي قَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتِي وَيَوْمِي مَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ , وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقُ كَبِدِي , فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ , فَأَذِنْتُ لَهَا , فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي , فَبَيْنَمَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ , دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ , فَقَالَتْ : وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ لِي مَا قِيلَ , وَلَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ . قَالَتْ : فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرِيهِ , فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَرَفَ ذَنْبَهُ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ " . قَالَتْ : فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً . وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ , عَنْ فُلَيْحٍ , قَالَ الزُّهْرِيُّ : قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً . وَقُلْتُ لأَبِي : أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا قَالَ . قَالَ : وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ . فَقُلْتُ لأُمِّي : أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا قَالَ . فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ . قَالَتْ : فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السَّنِّ لا أَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا : إِنِّي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي لِذَلِكَ ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونِي , فَوَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلا إِلا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ : فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ سورة يوسف آية 18 . قَالَتْ : ثُمَّ تَحَوَّلْتُ عَلَى فِرَاشِي وَاللَّهُ يَعْلَمُ حِينَئِذٍ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِي بِبَرَاءَتِي , وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنَزِّلُ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى ؛ لَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ أَمْرًا يُتْلَى , وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو بِأَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الْمَنَامِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا . قَالَتْ : فَمَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مَجْلِسَهُ وَلا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أَنْزَلَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ حَتَّى أَنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ الْعَرَقُ مِثْلَ الْجُمَانِ وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ , قَالَتْ : فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ وَكَانَ أَوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ : يَا عَائِشَةُ أَمَا إِنَّ اللَّهَ فَقَدْ بَرَّأَكِ . قَالَتْ : فَقَالَتْ لِي أُمِّي : قُومِي إِلَيْهِ . فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ فَلا أَحْمَدُ إِلا اللَّهَ . قَالَتْ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ سورة النور آية 11 الْعَشْرَ آيَاتٍ , فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ : وَاللَّهِ لا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة النور آية 22 , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي , فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ , وَقَالَ : وَاللَّهِ لا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا . قَالَتْ عَائِشَةُ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنِ امْرِئ , فَقَالَتْ زَيْنَبُ : مَا عَلِمْتُ أَوْ رَأَيْتُ . فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلا خَيْرًا . وَقَالَتْ عَائِشَةُ : وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ وَطَفِقَتْ حِمْنَةُ أُخْتَهَا تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ " . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ : هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هَؤُلاءِ الرَّهْطِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَائِشَةَ

صحابي

وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ

ثقة فقيه ثبت

وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ

ثقة ثبت

بْنِ الْمُسَيَّبِ

أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار

عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

ثقة فقيه مشهور

ابْنِ شِهَابٍ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ

ثقة حجة

قَتَادَةُ بْنُ عُمَرَ الْمُؤَذِّنُ

مجهول الحال

هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

ثقة

أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ

ثقة ثبت

أبو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّيَّاتُ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.