حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ ، قَالَ : دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَهْتَمِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتُحِبُّ أَنْ أُطْرِيَكَ ؟ قَالَ : لا , قَالَ : فَتُحِبُّ أَنْ أَعِظَكَ ؟ فقَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَحَمِدَ اللَّهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ ، وقَالَ : " أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِجَلالِهِ وَعَظَمَتِهِ ، وَقُدْرَتِهِ ، خَلَقَ الْخَلْقَ ، غَنِيًّا عَلَى طَاعَتِهِمْ ، آمِنًا لِمَعْصِيَتِهِمْ ، وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ مُخْتَلِفُونَ فِي الرَّأْيِ وَالْمَنَازِلِ ، وَالْعَرَبُ بِشَرِّ تِلْكَ الْمَنَازِلِ ، أَهْلُ الدَّبَرِ ، وَأَهْلُ الْوَبَرِ ، وَأَهْلُ الْحَجَرِ ، وَأَهْلُ الْحَضَرِ ، تُحْتَازُ دُونَهُمْ طَيِّبَاتُ الدُّنْيَا وَرَخَاءُ عَيْشِهَا ، لا يَسْأَلُونَ اللَّهَ جَمَاعَةً ، وَلا يَتْلُونَ كِتَابًا ، حَيُّهُمْ أَعْمَى ، نَجِسٌ ، وَمَيِّتُهُمْ فِي النَّارِ ، مَعَ مَا لا يُحْصَى مِنَ الْمَزْهُودِ فِيهِ وَالْمَرْغُوبِ عَنْهُ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ نَبِيَّهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَنْشُرَ فِيهِمْ رَحْمَتَهُ ، بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ، حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ، بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ، مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ذَلِكَ أَنْ جَرَحُوهُ فِي جِسْمِهِ ، وَلَقَّبُوهُ فِي اسْمِهِ ، وَأَخْرَجُوهُ مِنْ دَارِهِ ، وَمَعَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ ، لا يُتَقَدَّمُ إِلا بِأَمْرِهِ ، وَلا يُرْحَلُ إِلا بِإِذْنِهِ ، وَقَدْ أَخَذَ حَبْلَ الذِّمَّةِ مِنَ الأَعْلَى ، وَقَدِ اضْطَرُّوهُ إِلَى بَطْنِ غَارٍ ، فَاخْتَفَى فِيهِ اخْتِفَاءً ، فَلَمَّا أُمِرَ بِالْعَزْمِ ، وَحُمِلَ عَلَى الْجِهَادِ ، اسْبَطَرَ لأَمْرِ اللَّهِ لَوْثُهُ ، وَقَدِ اسْتَقَامَ عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ تَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ ، وَمُجَاهَدَةِ الْمُدْبِرِ ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، وَقَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَامَ مِنْ بَعْدِهِ ، فَأَخَذَ بِسُنَّتِهِ ، وَدَعَا إِلَى سَبِيلِهِ ، وَمَضَى عَلَى أمْرِهِ ، حَيْثُ ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ عَلَيْهِ أَوْ مَنِ ارْتَدَّ مِنْهُمْ ، فَحَرَصُوا أَنْ يُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَلا يُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ إِلا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابِلا مِنْهُمْ فِي حَيَاتِهِ ، فَانْتَزَعَ السُّيُوفَ مِنْ أغْمَادِها وَأَوْقَدَ النَّارَ فِي شُعُلِهَا ، وَحَمَلَ أَهْلَ الْحَقِّ عَلَى أَكْتَافِ أَهْلِ الْبَاطِلِ ، فَلَمْ يَبْرَحْ يُقَطِّعُ أَوْصَالَهُمْ ، وَيَسْقِي الأَرْضَ دِمَاءَهُمْ ، حَتَّى أَدْخَلَهُمْ فِي الْبَابِ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ ، وقَرَّرْهُمْ بِالَّذِي نَفَرُوا عَنْهُ فَقَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ، عَلَى مِنْهَاجِ نَبِيِّهِ ، وَرَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ | سفيان بن عيينة الهلالي | ثقة حافظ حجة |