حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، قَالَ : " أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَمْثَلَ مَا كَانَ مِنْ وَجَعِهِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَيْ رَسُولَ اللَّهِ ، أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ صَالِحًا ، وَالْيَوْمُ يَوْمُ بِنْتِ خَارِجَةَ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَوَثَبَ الْمَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَقَامَ عُمَرُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ يُوعِدُ وَيَتَكَلَّمُ ، وَيَقُولُ : إِنَّ الرِّجَالَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَخْرُجَنَّ ، وَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلافٍ ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ ، يَتَخَلَّصُ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَوْضَحَ ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ، ثُمَّ انْكَبَّ عَلَيْهِ يُقَبِّلُهُ ، فَقَالَ : بِأَبِي وَأُمِّي ، مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْمَعَ عَلَيْكَ الْمِيتَتَيْنِ ، مِيتَةَ الدُّنْيَا ، وَمِيتَةَ الآخِرَةِ ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَامَ بِالْبَابِ ، فَقَالَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنْصِتْ ، فَأَبَى عُمَرُ ، فَقَالَ لَهُ : أَنْصِتْ ، فَأَبَى ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَكَانَ مِنْ أَبْلَغِ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، فَإِنَّهُ حَيٌّ لا يَمُوتُ ، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ : وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ سورة آل عمران آية 144 قَالَ النَّاسُ : وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ، تَلَقَّوْهَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ عُمَرُ : لَقَدْ كُنْتُ أَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةَ ، فَمَا فَهِمْتُ هَذَا فِيهَا حَتَّى سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ ، فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ : إِنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَدْ جَلَسَ عَلَى سَرِيرِهِ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، وَحَفَّ بِهِ نَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَلا نَأْتِي هَؤُلاءِ ، فَنَنْظُرُ مَا عِنْدَهُمْ ، فَخَرَجَ يَمْشِي بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَبَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ ، حَتَّى إِذَا كَانُوا عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ مِنْ سُوقِ الْمَدِينَةِ ، ذَكَرَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ : عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ ، وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ لَقِيَاهُمْ ، فَقَالا : يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ اجْتَمِعُوا فَاقْضُوا أَمْرَكُمْ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَنَا خَيْرٌ ، قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَقَدْ كَانَ سَبَقَ لَهُمَا مِنَ اللَّهِ مَا لا أَعْلَمُ ، كَانَ أَحَدُهُمَا مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ : فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ، وَكَانُوا يَتَوَضَّئُونَ الْمِبْطَنَةَ ، يَعْنِي الاسْتِجْمَارَ ، وَقَالَ عَنِ الآخَرِ شَيْئًا مَا أَدْرِي مَا هُوَ ، فَمَضَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى جَاءَ سَقِيفَةَ بَنِي سَاعِدَةَ ، فَإِذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ عَلَى سَرِيرٍ ، وَعِنْدَهُ نَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ : أَنَا الَّذِي لا يُصْطَلَى بِنَارِي ، وَلا يَنَامُ النَّاسُ فِي شِعَارِي ، نَحْنُ أَهْلُ الْحَلْقَةِ ، وَأَهْلُ الْحُصُونِ ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ ، فَذَهَبَ لَيَتَكَلَّمَ ، فَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ فِي صَدْرِهِ ، فَقَالا : أَنْصِتْ ، قَالَ : لا أَعْصِيِكَ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الأَنْصَارَ وَمَا هُمْ لَهُ أَهْلٌ مِنَ السَّابِقَةِ وَالْفَضِيلَةِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّا أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا ، وَأَكْبَرُهَا أَنْسَابًا ، وَإِنَّ الْعَرَبَ لَنْ تَعْرِفَ هَذَا الأَمْرَ لأَحَدٍ سِوَانَا ، وَلا أَحَدٌ أَوْلَى مِنَّا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّسَبِ مِنَّا ، فَنَحْنُ الأُمَرَاءُ ، وَأَنْتُمِ الْوُزَرَاءُ ، فَقَالَ سَعْدٌ : صَدَقْتَ ، فَابْسُطْ يَدَكَ نُبَايِعْكَ ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَى الْبَيْعَةِ ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ النَّاسِ : قُتِلَ سَعْدٌ ، فَقَالَ عُمَرُ : قَتَلَهُ اللَّهُ ، فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، وَدَخَلَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ بَيْتَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ : اخْرُجُوا لِلْبَيْعَةِ ، وَاللَّهِ لَتَخْرُجُنَّ ، أَوْ لأُحَرِّقَنَّهُ عَلَيْكُمْ ، فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ صَلْتًا بِالسَّيْفِ ، فَاعْتَنَقَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الأَنْصَارِيُّ مِنْ بَيَاضَةَ فَدَقَّ بِهِ ، وَبَدَرَ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ مِنْهُ ، فَأَخَذَهُ زِيَادٌ قَالَ : لا ، وَلَكِنِ اضْرِبْ بِهِ الْحَجَرَ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو : فَحَدَّثَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ حِمَاسٍ مِنَ اللَّيْثِيِّينَ قَالَ : أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الْحَجَرَ الَّذِي فِيهِ السَّيْفُ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : دَعُوهُمْ فَسَيَأْتِي اللَّهُ بِهِمْ ، فَخَرَجُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَايَعُوهُ ، قَالُوا : مَا كَانَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَا ، وَلا أَوْلَى بِهَا مِنْكَ ، وَلَكِنَّا قَدْ عَهِدْنَا مِنْ عُمَرَ يَبْتَزُّنَا أَمْرَنَا ، فَبَايَعَهُ النَّاسُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ الْغَدَ قَالَ : أَيْنَ تَرَوْنَ أَنْ نَدْفِنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ قَائِلٌ مِنَ النَّاسِ : نَدْفِنُهُ فِي مُصَلاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : ادْفِنْهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ، قَالَ قَائِلٌ : بَلْ نَدْفِنُهُ حَيْثُ تَوَفَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَفْسَهُ ، فَأَخَّرُوا الْفِرَاشَ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى الْحَفَّارَيْنِ ، رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، وَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَحَفَرَ لَهُ وَلَحَدَ ، وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَشُقُّونَ ، وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يُلْحِدُونَ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي سَلَمَةَ | أبو سلمة بن عبد الرحمن الزهري / ولد في :22 / توفي في :94 | ثقة إمام مكثر |
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو | محمد بن عمرو الليثي / توفي في :145 | صدوق له أوهام |
سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى | سعدان بن يحيى اللخمي | ثقة |