أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الأَجَلُّ الثِّقَةُ أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ فِي يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ , أَقْرَأْتُهُ بِهِ لِي بِبَابِ الأَزَجِ بِبَغْدَادَ , أنبا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ خُشَيْشٍ فِي سَنَةِ خَمْسِمِائَةٍ , أنبا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ , أنبا أَبُو مُحَمَّدٍ مَيْمُونُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِيسَى , مَوْلَى مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيَّةِ الْبَصْرِيِّ فِي قَطِيعَةِ الرَّبِيعِ فِي يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلاثَ مِائَةٍ , قثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ , قثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ الشَّيْبَانِيُّ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ : " لَقَدْ تُحِدِّثَ بِأَمْرِي فِي الإِفْكِ وَاسْتُفِيضَ بِهِ وَمَا أَشْعُرُ , وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَعَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَسَأَلُوا جَارِيَةً اسْمُهَا سَوْدَاءُ ، كَانَتْ تَخْدِمُنِي , فَقَالُوا : أَخْبِرِينَا مَا عِلْمُكِ بِعَائِشَةَ , وَأَنَا لا أَدْرِي , وَمَا تَعْلَمِينَ عَنْهَا ؟ فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ عَنْهَا شَيْئًا أَعْيَبَ مِنْ أَنَّهَا تَرْقُدُ ضُحًى حَتَّى أَنَّ الدَّاجِنَ دَاجِنَ أَهْلِ الْبَيْتِ يَأْكُلُ خَمِيرَهَا , فَإِذَا رَأَوْهَا وَسَأَلُوهَا حَتَّى فَطِنَتْ , فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , مَا أَعْلَمُ عَلَى عَائِشَةَ إِلا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ , فَكَانَ هَذَا مَا شَعَرْتُ , ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ خَطِيبًا , فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ , ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي وَايْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ قَطُّ , وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاللَّهِ إِنْ عَلِمْتُ عَلَيْهِ سُوءًا قَطُّ , وَلا دَخَلَ عَلَى أَهْلِي إِلا وَأَنَا شَاهِدٌ , وَلا أَغِيبُ فِي سَفَرٍ إِلا غَابَ مَعِي " . فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ : أَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ نَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانٍ مِنْ رَهْطِهِ , وَكَانَ حَسَّانٌ مِنْ رَهْطِهِ : وَاللَّهِ مَا صَدَقْتَ , وَلَوْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ مَا أَشَرْتَ بِهَذَا , فَكَادَ يَكُونُ بَيْنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ شَرٌّ فِي الْمَسْجِدِ , وَلا عَلِمْتُ بِشَيْءٍ مِنْهُ ، وَلا ذَكَرَ لِي ذَاكِرٌ حَتَّى أَمْسَيْتُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ , فَخَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ لِحَاجَتِنَا ، وَخَرَجَتْ مَعَنَا أُمُّ مِسْطَحِ ابْنِ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ , فَأَنَّا لَنَمْشِي ، وَنَحْنُ عَامِدُونَ لِحَاجَتِنَا , فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ , فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ , فَقُلْتُ : أَيْ أُمُّ أَتَسُبِّينَ ابْنَكِ . فَلَمْ تُرَاجِعْنِي , فَعَادَتْ ثُمَّ عَثَرَتْ , فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ , قُلْتُ : أَيْ أُمُّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَلَمْ تُرَاجِعْنِي , ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ , فَقُلْتُ : أَيْ أُمُّ تُسَبِّينَ ابْنَكِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلا مِنْ أَجْلِكَ وَفِيكِ . فَقُلْتُ : وَفِي أَيِّ شَأْنِي , فَقَالَتْ : وَمَا عَلِمْتِ بِمَا كَانَ ؟ فَقُلْتُ : لا ، وَمَا الَّذِي كَانَ ؟ قَالَتْ : أَشْهَدُ أَنَّكِ مُبَرَّأَةٌ مِمَّا قِيلَ فِيكِ . ثُمَّ بَقَرَتْ لِيَ الْحَدِيثَ ، فَأَكِرُّ رَاجِعَةً إِلَى الْبَيْتِ ، فَمَا أَجِدُ مِمَّا خَرَجْتُ قَلِيل وَلا كَثِير , وَرَكِبَتْنِي الْحُمَّى , فَحَمَمْتُ , فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم , فَسَأَلَنِي عَنْ شَأْنِي ، فَقُلْتُ : أَجِدُنِي مَوْعُوكَةً , ائْذَنْ لِي أَذْهَبُ إِلَى أَبَوَيَّ . فَأَذِنَ لِي , وَأَرْسَلَ مَعِيَ الْغُلامَ , فَقَالَ : " امْشِ مَعَهَا " . فَجِئْتُ , فَوَجَدْتُ أُمِّي فِي الْبَيْتِ الأَسْفَلِ , وَوَجَدْتُ أَبِي يُصَلِّي فِي الْعُلُوِّ , فَقُلْتُ لَهَا : أَيْ أُمَّهْ مَا الَّذِي سَمِعْتِ ؟ فَإِذَا هِيَ لَمْ يَنْزِلْ بِهَا مِنْ حَيْثُ الَّذِي نَزَلَ مِنِّي , فَقَالَتْ : أَيْ بُنَيَّةَ وَمَا عَلَيْكِ ، فَمَا مِنَ امْرَأَةٍ لَهَا ضَرَائِرُ تَكُونُ جَمِيلَةً يُحِبُّهَا زَوْجُهَا , إِلا وَهِيَ يُقَالُ لَهَا بَعْضُ ذَلِكَ , فَقُلْتُ : وَقَدْ سَمِعَهُ أَبِي ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ ، قَدْ سَمِعَهُ أَبُوكِ , فَقُلْتُ : وَسِمَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : وَرَسُولُ اللَّهِ . فَبَكَيْتُ , فَسَمِعَ أَبِي الْبُكَاءَ , فَقَالَ : مَا شَأْنُهَا ؟ فَقَالَتْ : سَمِعَتِ الَّذِي يُحَدَّثُ بِهِ . فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ يَبْكِي , فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّةَ ارْجِعِي إِلَى بَيْتِكِ . فَرَجَعْتُ , وَأَصْبَحَ أَبَوَيَّ عِنْدِي , حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ , دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَا بَيْنَ أَبَوَايَ , إِحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِي , فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ , ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ ، يَا عَائِشَةُ إِنْ كُنْتِ ظَلَمْتِ أَوْ أَخْطَأْتِ أَوْ أَسَأْتِ فَتُوبِي وَرَاجِعِي أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَاسْتَغْفِرِي " . فَوَعَظَنِي وَبِالْبَابِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ , قَدْ سَلَّمَتْ وَهِيَ جَالِسَةٌ بِبَابِ الْبَيْتِ فِي الْحُجْرَةِ , وَأَنَا أَقُولُ : أَلا يَسْتَحِي أَنْ يَذْكُرَ هَذَا وَالْمَرْأَةُ تَسْمَعُ , حَتَّى إِذَا قَضَى كَلامَهُ قُلْتُ لأَبِي وَغَمَزْتُهُ : أَلا تُكَلِّمُهُ ؟ فَقَالَ : وَمَا أَقُولُ لَهُ ؟ فَالْتَفَتُّ إِلَي أُمِّي , فَقُلْتُ : أَلا تُكَلِّمِينَهُ ؟ فَقَالَتْ : وَمَاذَا أَقُولُ لَهُ ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ : فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ , ثُمَّ قُلْتُ : أَمَّا بَعْدُ ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ , وَاللَّهُ يَشْهَدُ أَنِّي لَبَرِيئَةٌ ، مَا فَعَلْتُ , لَتَقُولُنَّ قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا فِيهِ , وَاعْتَرَفَتْ بِهِ , وَلَئِنْ قُلْتُ لَمْ أَفْعَلْ , وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَصَادِقَةٌ , وَمَا أَنْتُمْ تُصَدِّقُونِي , لَقَدْ دَخَلَ هَذَا فِي أَنْفُسِكُمْ وَاسْتَفَاضَ فِيكُمْ , مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلا إِلا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ , وَمَا أَعْرِفُ يَوْمَئِذٍ اسْمَهُ , فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ سورة يوسف آية 18 ، وَنَزَلَ الْوَحْيُ سَاعَةَ قَضَيْتُ كَلامِي , فَعَرَفْتُ وَاللَّهِ الْبِشْرَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ , فَمَسَحَ جَبْهَتَهُ وَجَبِينَهُ , ثُمَّ قَالَ : " أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ فَقَدْ ، أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عُذْرَكِ " . وَتَلا الْقُرْآنَ , فَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا , فَقَالَ لِي أَبِي وَأُمِّي : قُومِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلا أَحْمَدُهُ وَلا أَحْمَدُ إِيَّاكُمَا , وَلَكِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي بَرَّأَنِي , لَقَدْ سَمِعْتُمْ , فَمَا أَنْكَرْتُمْ وَلا جَادَلْتُمْ وَلا خَاصَمْتُمْ , فَقَالَ الرَّجُلُ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ حِينَ بَلَغَهُ نُزُولُ الْعُذْرِ : سُبْحَانَ اللَّهِ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ قَطُّ كَنَفَ أُنْثَى . وَكَانَ مِسْطَحٌ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يُنْفِقُ عَلَيْهِ , فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ لا يَنْفَعُ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي سورة النور آية 22 ، إِلَى قَوْلِهِ : ألَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبِّ أُحِبُّ أَنْ يُغْفَرَ لِي وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فَبَكَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَائِشَةَ | عائشة بنت أبي بكر الصديق / توفي في :57 | صحابي |
أَبِيهِ | عروة بن الزبير الأسدي / توفي في :94 | ثقة فقيه مشهور |
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ | هشام بن عروة الأسدي / ولد في :58 / توفي في :145 | ثقة إمام في الحديث |
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ الشَّيْبَانِيُّ | يونس بن بكير الشيباني / توفي في :199 | صدوق حسن الحديث |