ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أنا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ ، أنا ثَابِتُ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ سَرَّحَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ ، وَخَالِدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَلَى الْخَيْلِ ، وَقَالَ : " يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، اهْتِفْ بِالأَنْصَارِ . فَنَادَى : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، أَجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَكَأَنَّمَا كَانُوا عَلَى مِيعَادٍ . ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : اسْلُكُوا هَذَا الطَّرِيقَ ، فَلا يَشْرُفَنَّ أَحَدٌ إِلا أَنَمْتُمُوهُ . فَنَادَى مُنَادٍ : لا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مِنْ دَخَلَ دَارًا فَهُوَ آمَنٌ ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلاحَ هُوَ آمَنٌ فَلَمْ يُصَبْ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلا أَرْبَعَةٌ ، وَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ فَدَخَلَ الْحَرَمَ ، وَعَمَدَ صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ ، فَدَخَلُوا الْكَعْبَةَ ، فَغَصَّ بِهِمُ الْبَيْتُ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ ، ثُمَّ أَخَذَ بِجَنْبَتَيِ الْبَابِ ، فَقَالَ : يَا قُرَيْشٌ ، مَا تَقُولُونَ وَتَظُنُّونَ ؟ قَالُوا : نَقُولُ وَنَظُنُّ أَنَّكَ أَخٌ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٍ رَحِيمٍ . قَالَ : وَمَا تَقُولُونَ وَمَا تَظُنُّونَ ؟ قَالُوا : نَقُولُ إِنَّكَ أَخٌ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٌ رَحِيمٌ . قَالَ : مَا تَقُولُونَ وَتَظُنُّونَ ؟ قَالُوا : نَقُولُ : أَخٌ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٌ رَحِيمٌ . قَالَ : أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفَ : لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، قَالَ : فَخَرَجُوا فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلامِ ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَلِي الصَّفَا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِنَصْرِهِ وَعَوْنِهِ ، قَالَ : فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ ، قَالَتِ الأَنْصَارُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ : أَمَّا الرَّجُلُ فَأَخَذْتُهُ رَأْفَةٌ بِقَوْمِهِ ، وَأَدْرَكَتْهُ الرَّغْبَةُ فِي قَرَابَتِهِ ، قَالَ : وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ عَلَى نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ بِمَا قَالَتِ الأَنْصَارُ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، وَتَقُولُونَ : أَمَّا الرَّجُلُ فَأَخَذْتُهُ الرَّأْفَةُ بِقَوْمِهِ وَأَدْرَكَتْهُ الرَّغْبَةُ فِي قَرَابَتِهِ ، فَمَنْ أَنَا إِذًا ؟ كَلا وَاللَّهِ ، إِنِّي لِرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، وَإِنَّ الْمَحْيَا لَمَحْيَاكُمْ ، وَإِنَّ الْمَمَاتَ لَمَمَاتُكُمْ . قَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِينَا أَنْتَ وَأَمِّنَا ، مَا قُلْنَا ذَلِكَ إِلا مَخَافَةَ أَنْ تُفَارِقَنَا وَتَدَعَنَا . فَقَالَ لَهُمْ : أَنْتُمْ صَادِقُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ . قَالَ : وَاللَّهُ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ إِنْسَانٌ إِلا بَلَّ نَحْرَهُ بِدُمُوعِ عَيْنَيْهِ . حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ : فَقَدْ صَحَّتِ الأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ افْتَتَحَ مَكَّةَ عَنْوَةً ، وَأَنَّهُ مَنَّ عَلَى أَهْلِهَا ، فَرَدَّهَا عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُقَسِّمْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا فَيْئًا ، فَرَأَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ لِلأَئِمَّةِ بَعْدَهُ ، وَلا نَرَى مَكَّةَ يُشْبِهُهَا شَيْءٌ مِنَ الْبِلادِ مِنْ جِهَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ خَصَّهُ مِنَ الأَنْفَالِ وَالْغَنَائِمِ بِمَا لَمْ يَجْعَلْهُ لِغَيْرِهِ ، فَنَرَى هَذَا كَانَ خَالِصًا لَهُ ، وَالْجِهَةُ الأُخْرَى : أَنَّهُ قَدْ سَنَّ بِمَكَّةَ سُنَنًا ، لَمْ يَسُنَّهَا لِشَيْءٍ مِنْ سَائِرِ الْبِلادِ ، وَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيِّ | عبد الله بن رباح الأنصاري / توفي في :90 | ثقة |
ثَابِتُ الْبُنَانِيُّ | ثابت بن أسلم البناني | ثقة |
سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ | سلام بن مسكين الأزدي | ثقة رمي بالقدر |
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ | مسلم بن إبراهيم الفراهيدي / توفي في :222 | ثقة مأمون |