قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : حَدَّثَنِي قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ عَطِيَّةَ ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ ، أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيّ ، قَالَ : قَدِمَ عُمَرُ الْجَابِيَةَ فَأَرَادَ قَسْمَ الأَرْضِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ . فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ : " وَاللَّهِ ، إِذًا لَيَكُونَنَّ مَا تَكْرَهُ ، إِنَّكَ إِنْ قَسَمْتَهَا الْيَوْمَ ، صَارَ الرَّبْعُ الْعَظِيمُ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ ثُمَّ يَبِيدُونَ ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ إِلَى الرَّجُلِ الْوَاحِدِ أَوِ الْمَرْأَةِ ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَسِدُّونَ مِنَ الإِسْلامِ مَسَدًّا وَهُمْ لا يُحِدُّونَ شَيْئًا ، فَانْظُرْ أَمْرًا يَسَعُ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ " . قَالَ هِشَامٌ : وَحَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ، أَوِ ابْنِ أَبِي قَيْسٍ : أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي قَسَمِ الأَرْضِ ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلامَ مُعَاذٍ إِيَّاهُ ، قَالَ : فَصَارَ عُمَرُ إِلَى قَوْلِ مُعَاذٍ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَقَدْ تَوَالَتِ الأَخْبَارُ فِي افْتِتَاحِ الأَرَضِينَ عَنْوَةً بِهَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ ، أَمَّا الأَوَّلُ مِنْهُمَا فَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَهَا غَنِيمَةً فَخَمَّسَهَا وَقَسَّمَهَا . وَبِهَذَا الرَّأْيِ أَشَارَ بِلالٌ عَلَى عُمَرَ فِي بِلادِ الشَّامِ ، وَأَشَارَ بِهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي أَرْضِ مِصْرَ ، وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، كَذَلِكَ يُرْوَى عَنْهُ . وَأَمَّا الْحُكْمُ الآخَرُ ، فَحُكْمُ عُمَرَ فِي السَّوَادِ وَغَيْرِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَهُ فَيْئًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا تَنَاسَلُوا ، لَمْ يُخَمِّسْهُ وَلَمْ يُقَسِّمْهُ ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ قَوْلِهِ ، إِلا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : الْخِيَارُ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةَ إِلَى الإِمَامِ ، إِنْ شَاءَ جَعَلَهَا غَنِيمَةً فَخَمَّسَ وَقَسَّمَ ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا فَيْئًا عَامًّا لِلْمُسْلِمِينَ ، وَلَمْ يُخَمِّسْ وَلَمْ يَقْسِمْ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَكِلا الْحُكْمَيْنِ فِيهِ قُدْوَةٌ وَمُتَّبَعٌ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ إِلا أَنَّ الَّذِيَ اخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ فِيهِ إِلَى الإِمَامِ ، وَلَيْسَ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَادًّا لِفِعْلِ عُمَرَ ، وَلَكِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّبَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَعَمِلَ بِهَا ، وَاتَّبَعَ عُمَرُ آيَةً أُخْرَى فَعَمِلَ بِهَا ، وَهُمَا آيَتَانِ مُحْكَمَتَانِ فِيمَا يَنَالُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ ، فَيَصِيرُ غَنِيمَةً ، أَوْ فَيْئًا ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ سورة الأنفال آية 41 فَهَذِهِ آيَةُ الْغَنِيمَةِ ، وَهِيَ لأَهْلِهَا دُونَ النَّاسِ وَبِهَا عَمِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ إِلَى قَوْلِهِ : لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ سورة الحشر آية 7 - 8 ، وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ سورة الحشر آية 9 وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ سورة الحشر آية 10 فَهَذِهِ آيَةُ الْفَيْءِ ، وَبِهَا عَمِلَ عُمَرُ ، وَإِيَّاهَا تَأَوَّلَ حِينَ ذَكَرَ الأَمْوَالَ وَأَصْنَافَهَا . قَالَ : فَاسْتَوْعَبَتْ هَذِهِ الآيَةُ النَّاسَ ، وَإِلَى هَذِهِ الآيَةِ ذَهَبَ عَلِيٌّ وَمُعَاذٌ حِينَ أَشَارَ عَلَى عُمَرَ بِمَا أَشَارَا فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إِنَّ عُمَرَ إِنَّمَا فَعَلَ مَا فَعَلَ بِهِمْ بِرِضًى مِنَ الَّذِينَ افْتَتَحُوا الأَرْضَ وَاسْتَطَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ ، لَمَّا كَانَ عُمَرُ كَلَّمَ بِهِ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي أَمْرِ السَّوَادِ ، وَقَدْ عَلِمْنَا مَا كَانَ مِنْ كَلامِهِ إِيَّاهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرُ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |