قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : أنا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ ، عَنِ النَّهَّاسِ بْنِ قَهْمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِيَ الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ الأَقْرَعِ أَوْ عَنْ عَمْرِو بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، شَكَّ الأَنْصَارِيُّ : زَحَفَ لِلْمُسْلِمِينَ زَحْفٌ ، لَمْ يَزْحَفْ لَهُمْ مِثْلُهُ ، فَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى عُمَرَ , فَجَمَعَ الْمُسْلِمِينَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِهِ , وَقَالَ : " تَكَلَّمُوا ، وَأَوْجِزُوا وَلا تُطْنِبُوا فَتَقْشَعَ بِنَا الأُمُورُ ، فَلا نَدْرِي بِأَيِّهَا نَأْخُذُ " . فَقَامَ طَلْحَةُ , فَذَكَرَ كَلامَهُ ثُمَّ قَامَ الزُّبَيْرُ فَذَكَرَ كَلامَهُ , ثُمَّ قَامَ عُثْمَانُ فَذَكَرَ كَلامَهُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ ، فَقَالَ : إِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا جَاءوا بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ ، وَإِنَّ اللَّهَ أَشَدُّ تَغْيِيرًا لِمَا أَنْكَرَ ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَيَسِيرُ ثُلُثَاهُمْ وَيَبْقَى ثُلُثُهُمْ فِي دِيَارِهِمْ وحِفْظِ حَرِيمِهِمْ ، وَتَبْعَثَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَيَسِيرُ ثُلُثَاهُمْ وَيَبْقَى ثُلُثُهُمْ فِي دِيَارِهِمْ وِحِفْظِ حَرِيمِهِمْ ، فَقَالَ : " أَشِيرُوا عَلَيَّ مَنْ أَسْتَعْمِلُ مِنْهُمْ . قَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَنْتَ أَفْضَلُنَا رَأَيًا وَأَعْلَمُنَا بِأَهْلِكَ . فَقَالَ : " لأَسْتَعْمِلَنَّ عَلَيْهِمْ رَجُلا يَكُونُ لأَوَّلُ أَسِنَّةٍ يَلْقَاهَا ، اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا يَا سَائِبُ بْنَ الأَقْرَعِ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ ، فَأْمُرْهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَشَارَ بِهِ عَلِيٌّ , قَالَ : فَإِنْ قُتِلَ فَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ ، فَإِنْ قُتِلَ حُذَيْفَةُ ، فَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، فَإِنْ قُتِلَ ذَلِكَ الْجَيْشُ فَلا أَرَيَنَّكَ ، وَأَنْتَ عَلَى مَا أَصَابُوا مِنْ غَنِيمَةٍ ، فَلا تَرْفَعَنَّ إِلَيَّ بَاطِلا ، وَلا تَحْبِسَنَّ حَقًّا عَنْ أَحَدٍ هُوَ لَهُ . قَالَ السَّائِبُ : فَانْطَلَقْتُ بِكِتَابِ عُمَرَ إِلَى النُّعْمَانِ فَسَارَ بِثُلُثَيْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، فَسَارَ بِهِمْ حَتَّى الْتَقَوْا بِنَهَاوَنْدَ ، فَذَكَرَ وَقْعَةَ نَهَاوَنْدَ بِطُولِهَا . قَالَ : فَحَمَلُوا , فَكَانَ النُّعْمَانُ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَأَخَذَ حُذَيْفَةُ الرَّايَةَ , فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : وَجُمِعَتْ تِلْكَ الْغَنَائِمُ ، فَقَسَّمْتُهَا بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ أَتَانِي ذُو الْعَيْنتَيْنِ . فَقَالَ : إِنَّ كَنْزَ النَّخِيرَجَانِ فِي الْقَلْعَةِ ، فَصَعِدْتُ ، فَإِذَا بِسَفْطَيْنِ مِنْ جَوْهَرٍ ، لَمْ أَرَ مِثْلَهَا قَطُّ . قَالَ : فَلَمْ أَرَهُمَا مِنَ الْغَنِيمَةِ ، فَأَقْسِمَهُمَا بَيْنَهُمْ ، وَلَمْ أَحْرِزْهُمَا بِجِزْيَةٍ ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى عُمَرَ ، وَقَدْ رَاثَ عَلَيْهِ الْخَبَرُ ، وَهُوَ يَتَطَرَّفُ الْمَدِينَةَ وَيَسْأَلُ , فَلَمَّا رَآنِي ، قَالَ : وَيْلُكَ يَا ابْنَ مُلَيْكَةَ , مَا وَرَاءَكَ ؟ قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، الَّذِي تُحِبُّ . ثُمَّ ذَكَرَ وَقْعَتَهُمْ وَمَقْتَلَ النُّعْمَانِ وَفَتْحَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ , وَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ السَّفْطَيْنِ ، قَالَ : اذْهَبْ بِهِمَا فَبِعْهُمَا ، إِنْ جَاءَا بِدِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ ، اقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ . قَالَ : قَالَ : فَأَقْبَلْتُ بِهَا إِلَى الْكُوفَةِ ، فَأَتَانِي شَابٌّ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ : عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ ، فَاشْتَرَاهُمَا بَأَعْطِيَةِ الذُّرِّيَّةِ وَالْمُقَاتِلَةِ ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِأَحَدِهِمَا إِلَى الْحِيرَةِ فَبَاعَهُ بِمَا اشْتَرَاهُمَا بِهِ مِنِّي ، فَكَانَ أَوَّلَ لُهْوَةِ مَالٍ أَتَّخِذُهُ " . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَصْلُ مَا بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ ، أَلا تَرَى أَنَّ السَّائِبَ قَدْ كَانَ أُشْكِلَ عَلَيْهِ وَجْهُ الأَمْرِ مِنْ أَيِّهِمَا يَجْعَلُ الْجَوْهَرَ ، حَتَّى سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ عُمَرَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ فِي مُبَاشَرَةِ حَرْبٍ فَيَكُونَ غَنِيمَةً ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ جِزْيَتِهِمْ ، فَيَكُونَ فَيْئًا ، وَلَكِنَّهُ كَانَ فِي حَالٍ بَيْنَ الْحَالَيْنِ ، فَلِهَذَا ارْتَابَ حَتَّى ذَكَرَهُ لِعُمَرَ فَأَمَرَهُ بِبَيْعِهِ , وَقَسَّمَهُ بَيْنَ الذُّرِّيَّةِ وَالْمُقَاتِلَةِ ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يُخَمِّسَهُ , فَقَدْ تَبَيَّنَ لَنَا أَنَّهُ جَعَلَهُ فَيْئًا ، وَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ : أَنَّهُ مَا نِيلَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ عَنْوَةً قَسْرًا , وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ , فَهُوَ مِنَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي تُخَمَّسُ ، وَيَكُونُ سَائِرُهَا لأَهْلِهَا خَاصَّةً دُونَ النَّاسِ ، وَمَا نِيلَ مِنْهُمْ بَعْدَمَا تَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ، وَتَصِيرُ الدَّارُ دَارَ الإِسْلامِ ، فَهُوَ فَيْءٌ يَكُونُ لِلنَّاسِ عَامَّةً ، وَلا خُمُسَ فِيهِ ، وَيَكُونُ مِثْلَهُ مَا نِيلَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مَا كَانَ قَبْلَ لِقَائِهَا ، وَذَلِكَ كَجَيْشٍ خَرَجُوا يَؤُمُّونَ الْعَدُوَّ ، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ خَبَرُهُمْ , اتَّقَوْهُمْ بِمَالٍ بَعَثُوا بِهِ إِلَيْهِمْ ، عَلَى أَنْ يَرْجِعُوا عَنْهُمْ ، فَقَبِلَ الْمُسْلِمُونَ الْمَالَ وَرَجَعُوا عَنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَحِلُّوا بِسَاحَتِهِمْ ، وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنِ الضَّحَّاكِ مُفَسَّرًا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرَ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |