باب ما جاء في الانفال وتاويلها وما يخمس منها


تفسير

رقم الحديث : 1127

حَدَّثَنِيهِ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، عَنْ مَالِكٍ ، قَالَ : وَقَالَ مَالِكٌ : " إِنَّمَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يَوْمَ يُصَدِّقُ مَالَهُ ، فَإِنْ هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ قَبْلَ ذَلِكَ ، لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ مِمَّا هَلَكَ شَيْءٌ ، إِنَّمَا يُؤْخَذُ بِمَا وَجَدَهُ الْمُصَدِّقُ فِي يَدِهِ ، وَكَذَلِكَ إِنْ نَمَتِ الْمَاشِيَةُ ، أَخَذَ بِجَمِيعِ مَا يَكُونُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ " . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا أَشْبَهُ عِنْدِي بِسُنَّةِ الصَّدَقَةِ ، لأَنَّهَا إِنَّمَا جَاءَتْ مُطْلَقَةً ، فِي كَذَا وَكَذَا مِنَ الإِبِلِ كَذَا وَكَذَا ، فَهَذَا إِنَّمَا يَقَعُ مَعْنَاهُ عَلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا فِي أَيْدِيهِمْ ، وَلَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الصَّدَقَةِ أَنَّ أَهْلَ الْمَاشِيَةِ يُحَاسَبُونَ بِمَا كَانُوا يَمْلِكُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ هَلَكَ ، وَلا يُسْأَلُونَ عَمَّا ضَاعَ مِنْهَا ، وَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ ، فَإِنَّهُمْ أَنْزَلُوا الصَّدَقَةَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ إِذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْمَالِ ، وَلَوْ كَانَتِ الصَّدَقَةُ تَحِلُّ مَحَلَّ الدَّيْنِ ، لَكَانْ يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ عَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ فِي هَذِهِ الْخَمْسِ الَّتِي هَلَكَتْ إِحْدَاهُنَّ ، الشَّاةُ كُلُّهَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَتْ إِبِلُهُ مِنْ عِنْدِ آخِرِهَا ، لأَنَّهُ لا يُسْقِطُ هَلاكُهَا عَنْهُ دَيْنًا ، قَدْ لَزِمَهُ مَرَّةً ، وَلَيْسَ الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيهَا إِلا عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ ، لِمُوَافَقَتِهِ تَأْوِيلَ الآثَارِ وَالسُّنَّةِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَاعَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ شَيْءٌ ، وَلَكِنْ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلانِ اثْنَانِ وَهِيَ خَمْسٌ تَامَّةٌ ، ثُمَّ جَاءَ الْمُصَدِّقُ ، فَإِنَّ سُفْيَانَ يَرْوِي عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : عَلَيْهِ فِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ لِلسَّنَةِ الأُولَى وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ شَيْءٌ ، وَقَالَ مَالِكٌ : عَلَيْهِ شَاتَانِ ، لِكُلِّ سَنَةٍ وَاحِدَةٌ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَذْهَبِهِ ، أَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَوْلَ ، لأَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي الْعَامِ الْمَاضِي ، ثُمَّ جَاءَ الْحَوْلُ الثَّانِي وَلَيْسَ بِمَالِكٍ لِخَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ ، لِمَكَانِ الدَّيْنِ الَّذِي لَزِمَهُ مِنْ تِلْكِ الشَّاةِ ، فَصَارَتْ لَهُ خَمْسًا غَيْرَ قِيمَةِ شَاةٍ ، فَأَسْقَطَ عَنْهُ الصَّدَقَةَ لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَجْلِ هَذَا ، وَكَانَ مَالِكٌ لا يَلْتَفِتُ إِلَى الدَّيْنِ الَّذِي يَلْزَمُهُ ، وَيَقُولُ : إِنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى مَا وَجَدَهُ الْمُصَدِّقُ فِي أَيْدِيهِمْ قَائِمًا بَعْدَ مُضِيِّ الأَحْوَالِ عَلَى الْمَاشِيَةِ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَكَذَلِكَ هَذَا عِنْدِي ، لِمَا تَأَوَّلْنَا فِيهِ الْحَدِيثَ ، أَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ أَعْيَانِ الْمَاشِيَةِ ، فَإِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ أَوْ أَكْثَرُ ، لا يُحَاسَبُ أَحَدٌ بِمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ ، وَلا تَعُودُ الصَّدَقَةُ دَيْنًا يُتْبَعُ بِهِ صَاحِبُهَا ، وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَتِ الْمَاشِيَةُ هَلَكَتْ مِنْ حَادِثٍ أُحْدِثَ بِهَا ، غَيْرَ اسْتِهْلاكٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ ، بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، فَإِذَا كَانَ هُوَ الْجَانِي عَلَيْهَا لَزِمَهُ الضَّمَانُ فِي الأَقْوَالِ كُلِّهَا ، وَمِمَّا يُقَوِّي مَا تَأَوَّلْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ حَيًّا حَاضِرًا يَوْمَ يَأْتِي الْمُصَدِّقُ حَدِيثُ عُمَرَ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.