باب ما جاء في الانفال وتاويلها وما يخمس منها


تفسير

رقم الحديث : 1170

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : أنا هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيِّ ، قَالَ : " لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الَّتِي تُحْرَثُ صَدَقَةٌ ، لأَنَّ فِي الْقَمْحِ صَدَقَةً ، وَإِنَّمَا الْقَمْحُ بِالْبَقَرِ " . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ , عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، إِنَّهُ كَانَ رَأْيُهُ مِثْلَ هَذِهِ الأَحَادِيثِ ، وَكَانَ مَالِكُ بْن أَنَسٍ يَرَى أَنَّ فِيهَا الصَّدَقَةَ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَلا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَ مَالِكٍ فِي الْبَقَرِ خَاصَّةً ، وَإِنَّمَا ذَهَبَ فِيمَا نَرَى إِلَى مِثْلِ مَذْهَبِهِ فِي الإِبِلِ ، أَنَّ الْجُمْلَةَ جَاءَتْ فِي الْبَقَرِ وَالإِبِلِ ، فَحَمَلَ الْمَعْنَى عَلَى الْجَمِيعِ حَتَّى أَدْخَلَ فِيهَا الْعَوَامِلَ وَالْحَوَارِثَ ، وَكَانَ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ لَوْلا تَوَاتُرُ هَذِهِ الأَحَادِيثِ بِالاسْتِثْنَاءِ فِيهَا خَاصَّةً مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بَعْدُ ، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ ، هَلُمَّ جَرًّا إِلَى الْيَوْمِ ، وَبِهِ يَأْخُذُ أَهْلُ الْعِرَاقِ ، وَهُوَ رَأْيُ سُفْيَانَ ، وَحَكَى لَهُ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ قَوْلَ مَالِكٍ ، فَقَالَ : مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا يَقُولُ هَذَا . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَمَعَ هَذَا إِنَّكَ إِذَا صِرْتَ إِلَى النَّظَرِ وَجَدْتَ الأَمْرَ عَلَى مَا قَالُوا ، إِنَّهُ لا صَدَقَةَ فِي الْعَوَامِلِ مِنْ جِهَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا : أَنَّهَا إِذَا اعْتُمِلَتْ وَاسْتَمْتَعَ بِهَا النَّاسُ ، صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ وَالَّتِي تَحْمِلُ الأَثْقَالَ مِنَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ ، وَأَشْبَهَتِ الْمَمَالِيكَ وَالأَمْتِعَةَ ، فَفَارَقَ حُكْمُهَا حُكْمَ السَّائِمَةِ لِهَذَا ، وَأَمَّا الْجِهَةُ الأُخْرَى فَالَّتِي فَسَّرَهَا ابْنُ شِهَابٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ تَسْنُو أَوْ تَحْرُثُ ، فَإِنَّ الْحَبَّ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ ، إِنَّمَا يَكُونُ حَرْثُهُ وُسَقْيُهُ وَدِرَاسَتُهُ بِهَا ، فَإِذَا صَدَّقَتْ هِيَ أَيْضًا مَعَ الْحَبِّ صَارَتِ الصَّدَقَةُ مُضَاعَفَةً عَلَى النَّاسِ فَهَذِهِ أَحْكَامُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ ، وَهِيَ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ : فَأَحَدُهَا : إِذَا كَانَتْ بَقَرًا مُبَقَّرَةً ، وَهِيَ السَّوَائِمُ الَّتِي تُتَّخَذُ لِلنَّسْلِ وَالنَّمَاءِ ، فَصَدَقَتُهَا مَا قَصَصْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنَ التَّبِيعِ وَالْمُسِنَّةِ ، وَالصِّنْفُ الثَّانِي : أَنْ تَكُونَ يُرَادُ بِهَا التِّجَارَةُ ، فَسُنَّتُهَا فِي الصَّدَقَةِ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ كسائر أموال التِّجَارَ ، فَيُقَوِّمُهَا رَبُّهَا لِرَأْسِ الْحَوْلِ ، ثُمَّ يَضُمُّهَا إِلَى مَالِهِ ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، أَوْ عِشْرِينَ مِثْقَالا فَصَاعِدًا ، زَكَّاهُ كَمَا يُزَكِّي الْعَيْنَ وَالْوَرْقَ سَوَاءً فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ، وَفِي كُلِّ عِشْرِينَ مِثْقَالا نِصْفُ مِثْقَالٍ ، وَمَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ ، وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ : هَذِهِ الْعَوَامِلُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَلا صَدَقَةَ فِيهَا وَكَذَلِكَ الإِبِلُ إِذَا كَانَتْ مُؤَبَّلَةً يُبْتَغَى نَسْلُهَا وَنَمَاؤُهَا ، فَصَدَقَتُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ كُتُبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُتُبِ عُمَرَ فِي الصَّدَقَةِ ، أَنَّ فِيَ كُلِّ خَمْسٍ شَاةً ، ثُمَّ عَلَى هَذَا ، وَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ عَوَامِلَ فَلا شَيْءَ فِيهَا ، فَأَمَّا الْغَنَمُ فَإِنَّهَا تُجَامِعُ الْبَقَرَ وَالإِبِلَ فِي السَّائِمَةِ وَالتِّجَارَةِ ، وَتُفَارِقُهُمَا فِي الْعَوَامِلِ ، لأَنَّ الْغَنَمَ لا عَوَامِلَ فِيهَا ، وَلَكِنَّ الصِّنْفَ الثَّالِثَ مِنَ الْغَنَمِ الَّتِي تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّدَقَةُ مِنَ الرَّبَائِبِ الَّتِي تُتَّخَذُ فِي الْبُيُوتِ وَالأَمْصَارِ وَالْقُرَى ، فَتَكُونُ أَلْبَانُهَا لِقُوتِ النَّاسِ وَطَعَامِهِمْ ، وَلَيْسَتْ لِتِجَارَةٍ وَلا سَائِمَةً ، وَهِيَ الَّتِي قَالَ فِيهَا إِبْرَاهِيمُ وَمُجَاهِدٌ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.