أنا أَبُو الأَسْوَدِ ، أنا ابْنُ لَهِيعَةَ ، قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّهُ سَمِعَ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ ، يَقُولُ : صَحِبْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ زَمَانًا ، فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَ عَلَى الْفَحْلِ وَالْمَرْعَى وَالْحَوْضِ " . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَقَدْ تَكَلَّمَتِ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ الْجَمِعِ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقِ ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ قَدِيمًا مِنْهُمْ : الأَوْزَاعِيُّ ، وَسُفْيَانُ ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : قَالَ : حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، قَالَ : قَوْلُهُ : لا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ . يَقُولُ : لا يَنْبَغِي لِلْمُصَّدِّقِ ، إِذَا كَانَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً ، وَهُمْ خُلَطَاءُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِنْ شَاةٍ وَاحِدَةٍ ، لا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ وَاحِدَةً . قَالَ : وَقَوْلُهُ : لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ . يَقُولُ : إِذَا كَانَتْ لِكُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعُونَ شَاةً عَلَى حِدَةٍ ، فَلا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنَّ يَجْمَعُوهَا فَيَجِدُهَا الْمُصَّدِّقُ مُجْتَمِعَةً فَلا يَأْخُذُ مِنْهَا إِلا شَاة , وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ثَلاثٌ فَهَذَا قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ ، أَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، أَنْ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ : لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ . أَنْ يَنْطَلِقَ النَّفَرُ الَّذِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً ، قَدْ وَجَبَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الصَّدَقَةُ ، فَإِذَا أَظَلَّهُمُ الْمُصَّدِّقُ جَمَعُوهَا جَمِيعًا ، لأَنْ لا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلا شَاةٌ وَاحِدَةٌ ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ : لا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ . الْخَلِيطَانِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ ، فَيَكُونُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ ثَلاثُ شِيَاهٍ ، فَإِذَا أَظَلَّهُمُ الْمُصَّدِّقُ ، فَرَّقَا غَنَمَهُمَا ، فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلا شَاةٌ وَاحِدَةٌ ، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَأَمَّا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنْهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِهِ ، أَنَّهُ قَالَ : فِي قَوْلِهِ : لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ . مِثْلَ الأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ سَوَاءٌ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي هَذِهِ الْخَلَّةِ , قَالَ : وَأَمَّا قَوْلُهُ : لا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ . فَإِنَّهُ إِنْ يَكُونْ عِشْرُونَ وَمِائَةُ شَاةٍ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَلا يَنْبَغِي لِلْمُصَّدِّقِ أَنْ يُفَرِّقَهَا ثَلاثَ فِرَقٍ ، ثُمَّ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً ، وَلَكِنْ يَأْخُذُ مِنْهَا جَمِيعًا شَاةً وَاحِدَةً ، لأَنَّهَا مِلْكٌ لإِنْسَانٍ وَاحِدٍ ، فَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : قَوْلُهُ : لا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ . هُوَ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعُونَ شَاةً بَيْنَ خَلِيطَيْنٍ ، فَلا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الصَّدَقَةِ ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا شَاةٌ لأَنَّهُمَا خَلِيطَانِ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَأَحْسَبُهُ قَالَ : فِي قَوْلِهِ : لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ . كَقَوْلِ الآخَرِينَ ، فَاجْتَمَعُوا أَرْبَعَتُهُمْ : الأَوْزَاعِيُّ ، وَمَالِكٌ ، وَاللَّيْثٌ ، وَسُفْيَانُ فِي تَأْوِيلِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُفْتَرِقِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ ، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَحْدَهُ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْخَلَّتَيْنِ جَمِيعًا إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَتَأَوَّلَهَا الآخَرُونَ أَنَّ إِحْدَاهُمَا لِرَبِّ الْمَالِ وَالأُخْرَى لِلْمُصَّدِّقِ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَالْوَجْهُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلاءِ ، لأَنَّ الْعُدْوَانَ لا يُؤْمَنُ مِنَ الْمُصَّدِّقِ ، كَمَا أَنَّ الْفِرَارَ مِنَ الصَّدَقَةِ لا يُؤْمَنُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ ، فَأَوْعَزَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَهُوَ بَيِّنٌ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ حِينَ حَدَّثَ عَنْ مُصَدِّقِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ ، أَنَّهُ قَالَ : أنَّ فِيَ عَهْدِي أَنْ لا أُفَرِّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ ، وَلا أَجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ فَقَدْ أَوْضَحَ لَكَ هَذَا أَنَّ النَّهْيَ لِلْمُصَّدِّقِ , وَقَوْلُهُ : مَخَافَةَ الصَّدَقَةِ . يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ النَّهْيَ لأَرْبَابِ الْمَالِ فَإِذَا كَانَتِ الْمَاشِيَةُ بَيْنَ خَلِيطَيْنٍ ، فَإِنَّ فِيهِمَا بَيْنَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ اخْتِلافًا فِي التَّأْوِيلِ فِي الْفُتْيَا ، مَعَ آثَارٍ جَاءَتْ بِتَفْسِيرِهَا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ | الليث بن سعد الفهمي / ولد في :94 / توفي في :175 | ثقة ثبت فقيه إمام مشهور |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ | عبد الله بن صالح الجهني / ولد في :137 / توفي في :222 | مقبول |
أَبُو عُبَيْدٍ | القاسم بن سلام الهروي / ولد في :157 / توفي في :224 | ثقة مأمون |
سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ | سعد بن أبي وقاص الزهري | صحابي |
السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ | السائب بن يزيد الكندي | صحابي صغير |
الأَوْزَاعِيِّ | عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي / ولد في :87 / توفي في :157 | ثقة مأمون |
مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ | محمد بن شعيب القرشي / ولد في :116 / توفي في :200 | ثقة |
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ | يحيى بن سعيد الأنصاري / توفي في :143 | ثقة ثبت |
ابْنُ لَهِيعَةَ | عبد الله بن لهيعة الحضرمي / ولد في :97 / توفي في :174 | ضعيف الحديث |
هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ | هشام بن إسماعيل الحنفي / توفي في :216 | ثقة فقيه عابد |
أَبُو عُبَيْدٍ | القاسم بن سلام الهروي / ولد في :157 / توفي في :224 | ثقة مأمون |
أَبُو الأَسْوَدِ | النضر بن عبد الجبار المرادي / ولد في :145 / توفي في :219 | ثقة |