باب ما جاء في الانفال وتاويلها وما يخمس منها


تفسير

رقم الحديث : 808

أنا أنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، أنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ رُشَيْدٍ ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ ، قَالَ لِعُمَرَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، " إِنَّ عِنْدَنَا أَجَمَةً ، لَيْسَتْ فِي يَدِ أَحَدٍ ، فَأَقْطِعْنِيهَا فَأُعَمِّرُهَا فَتَكُونُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ لِعِيَالِي وَمَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ . فَكَتَبَ لَهُ بِهَا " . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَلِهَذِهِ الأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الإِقْطَاعِ وجُوهٌ مُخْتَلِفَةٌ ، إِلا أَنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي عَادِيِّ الأَرْضِ هُوَ عِنْدِي مُفَسِّرٌ لِمَا يَصْلُحُ فِيهِ مِنَ الإِقْطَاعِ مِنَ الأَرَضِينَ ، وَلِمَا لا يَصْلُحُ , وَالْعَادِيُّ : كُلُّ أَرْضٍ كَانَ لَهَا سَاكِنٌ فِي آبَادِ الدَّهْرِ ، فَانْقَرَضُوا فَلَمْ يَبْقَ لَهَا مِنْهُمْ أُنَيْسٌ ، فَصَارَ حُكْمُهَا إِلَى الإِمَامِ , وَكَذَلِكَ كُلُّ أَرْضٍ مَوَاتٍ لَمْ يُحْيِهَا أَحَدٌ ، وَلَمْ يَمْلِكْهَا مُسْلِمٌ وَلا مُعَاهِدٌ , وَإِيَّاهَا أَرَادَ عُمَرُ بِكِتَابِهِ إِلَى أَبِي مُوسَى : إِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضَ جِزْيَةٍ وَلا أَرْضًا يَجْرِي إِلَيْهَا مَاءُ جِزْيَةٍ ، فَأَقْطِعْهَا إِيَّاهُ . فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الإِقْطَاعَ لَيْسَ يَكُونُ إِلا فِيمَا لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ فَإِذَا كَانَتِ الأَرْضُ كَذَلِكَ ، فَأَمْرُهَا إِلَى الإِمَامِ وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ : لَنَا رِقَابُ الأَرْضِ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَلِتِلْكَ الآثَارِ الأُخَرِ مَذَاهِبٌ سِوَى هَذَا سَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا حَضَرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . وَأَمَّا إِقْطَاعُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ الزُّبَيْرَ أَرْضًا ذَاتَ نَخْلٍ وَشَجَرٍ ، فَإِنَّا نَرَاهَا الأَرْضَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَهَا الأَنْصَارِيَّ ، فَأَحْيَاهَا وَعَمَّرَهَا ، ثُمَّ تَرَكَهَا بِطِيبِ نَفْسٍ ، فَقَطَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرَ وَهُوَ مُفَسَّرٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ , فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الأَرْضَ ، فَلَعَلَّهَا مِمَّا اصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ خَيْبَرَ , فَقَدْ كَانَ لَهُ مِنْ كُلِّ غَنِيمَةٍ الصَّفِيُّ وَخُمُسُ الْخُمُسِ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا كَانَ لَهُ خَاصًّا مِنَ الْغَنَائِمِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ ، فَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ الزُّبَيْرِ مِنْ ذَلِكَ ، فَهِيَ مِلْكُ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ يُعْطِيهَا مَنْ شَاءَ ، عَامِرَةَ وَغَيْرَ عَامِرَةَ لا أَعْرِفُ لإِقْطَاعِهِ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ وَشَجَرٌ وَجْهًا غَيْرَ هَذَا , وَأَمَّا الْقَرْيَاتُ الَّتِي جَعَلَهَا لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، وَهِيَ أَرْضٌ مَعْمُورَةٌ بِهَا أَهْلٌ , فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّفَلِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَحَ الشَّامَ وَقَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا الْمُسْلِمُونَ , فَجَعَلَهَا لَهُ نَفْلا مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ إِذَا ظَهْرَ عَلَيْهَا , وَهَذَا كَفِعْلِهِ بِابْنَةِ بُقَيْلَةَ عَظِيمِ الْحِيرَةِ ، حِينَ سَأَلَهُ إِيَّاهَا الشَّيْبَانِيُّ ، فَجَعَلَهَا لَهُ قَبْلَ افْتِتَاحِ الْحِيرَةِ فَأَمْضَاهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حِينَ ظَهْرَ عَلَيْهَا , وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَهَا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ ، وَكَذَلِكَ أَمْضَى عُمَرُ لِتَمِيمٍ حِينَ افْتَتَحَ فِلَسْطِينَ ، مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ تَمِيمًا , وَقَدْ عَمِلَ عُمَرُ فِي السَّوَادِ مِثْلَ هَذَا ، حِينَ جَعَلَ لِجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثُّلُثَ أَوِ الرُّبُعَ عِنْدَ تَوْجِيهِهِ إِيَّاهُ إِلَى الْعِرَاقِ , وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَهُ فِي فَتْحِ السَّوَادِ , وَكَذَلِكَ الأَرْضُ الَّتِي كَتَبَ بِهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ وَهِيَ بِأَيْدِي الرُّومِ يَوْمَئِذٍ , قِصَّتُهَا كَقِصَّةِ قُرَى تَمِيمَ , فَأَمَّا إِقْطَاعُهُ فُرَاتَ بْنَ حَيَّانَ الْعِجْلِيَّ أَرْضًا بِالْيَمَامَةِ فَغَيْرُ هَذَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْيَمَامَةَ قَدْ كَانَ بِهَا إِسْلامٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدِمَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ ، مِنْهُمْ مُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ ، وَالرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ ، وَمُحْكِمُ بْنُ الطُّفَيْلِ ، فَأَسْلَمُوا وَأَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَّاعَةَ أَرْضًا وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا , وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَكَذَلِكَ إِقْطَاعُهُ فُرَاتَ بْنَ حَيَّانَ وَهَؤُلاءِ أَشْرَافُ أَهْلِ الْيَمَامَةُ فَأَقْطَعَهُمْ مِنْ مَوَاتِ أَرْضِهِمْ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمُوا يَتَأَلَّفُهُمْ بِذَلِكَ , فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْتَدَّ الرَّجَّالُ وَمُحْكِمُ الْيَمَامَةِ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : مُحْكِمٌ . قَالَ : وَكَانَ عِنْدَهُمْ أَشْرَفُ مِنْ مُسَيْلِمَةَ فَقُتِلا مَعَ مُسَيْلِمَةَ وَلَمْ يَرْتَدَّ هَذَانِ وَأَمَّا إِقْطَاعُهُ ابْنَ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ , وَهُوَ مِنَ الْمَدِينَةِ , فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمَدِينَةَ ، إِنَّمَا أَسْلَمَ أَهْلُهَا رَاغِبِينَ فِي الإِسْلامِ غَيْرَ مُكْرَهِينَ ، وَالسُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ فَأَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا وَهَذِهِ حَالُهَا , فَلَمْ يَأْتِينَا فِي الإِقْطَاعِ شَيْءٌ هُوَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا ، وَإِنَّمَا عَرَفْنَاهُ بِحَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.