باب ما جاء في الانفال وتاويلها وما يخمس منها


تفسير

رقم الحديث : 964

أنا أَبُو الْيَمَانِ ، أنا أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ رَجُلا نَفَقَتْ دَابَّتُهُ فَأَتَى مَالِكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيَّ وَبَيْنَ يَدَيْهِ بِرْذَوْنٌ مِنَ الْمَغْنَمِ ، فَقَالَ : " احملني أيها الأمير على هذا البرذون . فقال : مَا أَسْتَطِيعُ حَمْلَهُ . فَقَالَ الرَّجُلُ : إِنِّي لَمْ أَسْأَلْكَ حَمْلَهُ ، وَإِنِّي سَأَلْتُكَ أَنْ تَحْمِلَنِي عَلَيْهِ . قَالَ مَالِكٌ : إِنَّهُ من الْمَغْنَمُ ، وَاللَّهُ يَقُولُ : وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سورة آل عمران آية 161 فَمَا أُطِيقُ حَمْلَهُ وَلَكِنْ تَسْأَلُ جَمِيعَ الْجَيْشِ حُظُوظَهُمْ ، فَإِنْ أَعْطُوكَهَا فَحَظِّي لَكَ مَعَهَا " . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : فَهَذَا لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ عِنْدِي إِذْ جَاءَتْ هَذِهِ الْكَرَاهَةُ ، إِلا أَنْ يَكُونَ الأَصْنَافُ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْخُمُسِ كَانُوا يَوْمَئِذٍ أَحْوَجَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ فَهَذَا حُكْمُ الْخُمُسِ ، أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ إِلَى الإِمَامِ وَهُوَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى ، فَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَلَمْ يَأْتِنَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ وَلا الْعُلَمَاءِ ، أَنَّهُ رَأَى صَرْفَهَا إِلَى أَحَدٍ سِوَى الأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا ، فَاخْتَلَفَ حُكْمُ الْخُمُسِ وَحُكْمُ الصَّدَقَةِ فِي ذَلِكَ ، وَكِلاهُمَا قَدْ سُمِّيَ أَهْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، فَنَرَى اخْتِلافَهُمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْخُمُسَ إِنَّمَا هُوَ الْفَيْءُ وَالْفَيْءُ وَالْخُمُسُ جَمِيعًا أَصْلُهُمَا مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ فَرَأَوْا رَدَّ الْخُمُسِ إِلَى أَصْلِهِ عِنْدَ مَوْضِعِ الْفَاقَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى ذَلِكَ وَمِمَّا يُقَرِّبُ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَكَرَ أَوَّلَهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الْخُمُسِ : وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ سورة الأنفال آية 41 فَاسْتَفْتَحَ الْكَلامَ بِأَنْ نَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَهْلَهُ بَعْدُ ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْفَيْءِ : مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ سورة الحشر آية 7 فَنَسَبَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ إِلَى نَفْسِهِ ثُمَّ اقْتَصَّ ذِكْرَ أَهْلِهِ ، فَصَارَ فِيهِمُ الْخِيَارُ إِلَى الإِمَامِ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُرَادُ اللَّهُ بِهِ ، وَكَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ الصَّدَقَةِ ، فَقَالَ : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ سورة التوبة آية 60 وَلَمْ يَقُلْ لِلَّهِ وَلِكَذَا وَلِكَذَا ، فَأَوْجَبَهَا لَهُمْ وَلَمْ يَجْعَلْ لأَحَدٍ فِيهَا خِيَارًا أَنْ يَصْرِفَهَا عَنْ أَهْلِهَا إِلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَمَعَ هَذَا إِنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً فَحُكْمُهَا أَنْ تُؤْخَذَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ إِلَى فُقَرَائِهِمْ ، فَلا يَجُوزُ مِنْهَا نَفَلٌ وَلا عَطَاءٌ لأَنَّ هَذِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْكُفْرِ فَافْتَرَقَ حُكْمُ الْخُمُسِ ، وَحُكْمُ الصَّدَقَةِ لِمَا ذَكَرْنَا . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ مَعَ هَذَا فِيمَا حُكِيَ عَنْهُ ، يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنَّمَا اسْتَفْتَحَ الْكَلامَ فِي الْفَيْءِ وَالْخُمُسِ بِذِكْرِ نَفْسِهِ ، لأَنَّهُمَا أَشْرَفُ الْكَسْبِ ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ يَشْرُفُ وَيَعْظُمُ ، قَالَ : وَلَمْ يَنْسِبِ الصَّدَقَةَ إِلَى نَفْسِهِ لأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَلَيْسَ هَذَا بِرَادٍّ لِمَذْهَبِنَا فِي ذَلِكَ ، بَلْ هُوَ يُحَقِّقُهُ لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَرَنَ الْفَيْءَ وَالْخُمُسَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ ، لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَهُمَا وَأَبَانَ الصَّدَقَةَ مِنْ ذَلِكَ بِمَعْنًى سِوَى هَذَا فِيمَا يُرْوَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.