باب في جماع اموال ما تخرج الارض من الحب والثمار والسنة فيما تجب فيه الصدقة مما تخرج ا...


تفسير

رقم الحديث : 1505

أنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : " لا صَدَقَةَ إِلا فِي نَخْلٍ أَوْ عِنَبٍ أَوْ حَبٍّ " وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ . قَالَ حُمَيْدٌ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي صَدَقَةِ الْحَبِّ ، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ ، إِلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْقَطَانِيِّ كُلِّهَا ، كَوُجُوبِهَا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ ، وَكَذَلِكَ الأَوْزَاعِيُّ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ ، سِوَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَسُفْيَانَ . غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا أَشَدُّهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلا ، كَانَ يَرَى أَنْ تُضَمَّ أَصْنَافُ الْحُبُوبِ كُلِّهَا بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ مَعًا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَتْ مِنْهَا الصَّدَقَةُ ، وَأَمَّا الأَوْزَاعِيُّ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرَوْنَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ صَدَقَةً ، حَتَّى يَبْلُغَ كُلُّ نَوْعٍ مِنْهَا عَلَى حِيَالِهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا . وَلا يُعْجِبُنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، وَالَّذِي نَخْتَارُهُ فِي ذَلِكَ الاتِّبَاعَ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّمَسُّكَ بِهَا ، أَنَّهُ لا صَدَقَةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحُبُوبِ إِلا فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ ، وَلا صَدَقَةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الثِّمَارِ إِلا فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ ؛ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُسَمِّ إِلا إِيَّاهَا مَعَ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، ثُمَّ اخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَسُفْيَانَ إِيَّاهُ ؛ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَصَّ هَذِهِ الأَصْنَافَ الأَرْبَعَةَ لِلصَّدَقَةِ ، وَأَعْرَضَ عَمَّا سِوَاهَا ، قَدْ كَانَ يَعْلَمُ لِلنَّاسِ أَمْوَالا وَأَقْوَاتًا مِمَّا تُخْرِجُ الأَرْضُ سِوَاهَا ، فَكَانَ تَرْكُهُ ذَلِكَ وَإِعْرَاضُهُ عَنْهُ عَفْوًا مَنْهُ كَعَفْوِهِ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَى التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ فِيمَا لا تُوجَدُ فِيهِ السُّنَّةُ ، فَإِذَا وُجِدَتِ السُّنَّةُ قَائِمَةً لَزِمَ النَّاسَ اتِّبَاعُهَا عَلَى مَا وَافَقَ الرَّأْيَ وَخَالَفَهُ مَعَ أَنَّ التَّمَسُّكَ بِالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ أَصَحُّ عِنْدَنَا فِي مَذْهَبِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ مِنْ تَشْبِيهِ مَنْ شَبَّهَ ، وَتَمْثِيلِ مَنْ مَثَّلَ بِخِلافِهَا . أَلا تَرَى أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمَّا قَالَ لِنَبِيِّهِ : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً سورة التوبة آية 103 لَمْ يَأْخُذْ إِلا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ ؟ وَإِنَّكَ إِذَا تَدَبَّرْتَ ذَلِكَ وَجَدْتَهُ أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ : الْعَيْنُ ، وَالْمَاشِيَةُ ، وَالثِّمَارُ ، وَالْحَرْثُ ، ثَمَّ وَجَدْتَهُ قَدْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنَ الأَرْبَعَةِ مِنْ أَغْلَبِهِ وَأَكْثَرِهِ ، وَعَفَا عَمَّا يَتْبَعُهُ مِنْ صِنْفٍ ، وَإِنْ كَانَ شَبِيهًا بِهِ . أَلا تَرَى أَنَّهُ حِينَ أَخَذَ مِنَ الْعَيْنِ ، أَخَذَ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ، وَسَكَتَ عَنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ , وَحِلْيَةِ السُّيُوفِ , وَالسُّرُوجِ , واللُّجَمِ ، وَالْخَوَاتِيمِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ؟ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيَ ذَلِكَ ذَهَبًا وَفِضَّةً ، كَمَا الدَّرَاهِمُ فِضَّةٌ وَالدَّنَانِيرُ ذَهَبٌ ، وَأَخَذَ مِنَ الْمَوَاشِي ، فَأَخَذَ مِنْ سَوَائِمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ، وَلَمْ يَعْرِضْ لِسَوَائِمِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ ، وَأَخَذَ مِنَ الثِّمَارِ ، فَأَخَذَ مِنَ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ ، وَأَعْرَضَ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الثِّمَارِ ، فَكَذَلِكَ أَخْذُهُ الصَّدَقَةَ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ ، وَإِعْرَاضُهُ عَنْ سَائِرِ أَصْنَافِ الْحُبُوبِ ، إِنَّمَا هُوَ عَفْوٌ مِنْهُ عَنْهَا ، كَسَائِرِ مَا عَفَا عَنْهُ مِنْ تَوَابِعِ الأَصْنَافِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، وَذَلِكَ لأَنَّ الصَّدَقَةَ حَقٌّ فَرَضَهُ اللَّهُ لِلْفُقَرَاءِ فِي فُضُولِ أَمْوَالِ الأَغْنِيَاءِ لِيَعِيشُوا بِهِ مَعَ الأَغْنِيَاءِ , فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ , لأَنَّهُمَا الثَّمَنُ لِجَمِيعِ الأَشْيَاءِ فِي الآفَاقِ ، وَهُمَا مَعَ ذَلِكَ جُلُّ أَمْوَالِ أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ , وَسَكَتَ عَمَّا يَتْبَعُهُمَا مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ , وَحِلْيَةِ السُّيُوفِ وَالسُّرُوجِ وَاللُّجُمِ ، وَالْخَوَاتِيمِ , لأَنَّهَا لَيْسَتْ بِثَمَنٍ لِشَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ , وَإِنَّمَا هِيَ عُرُوضٌ تُبَاعُ , وَلِبَاسٌ يُلْبَسُ وَيُبَدَّلُ , وَزِينَةٌ يُتَزَيَّنُ بِهَا , وَلا يَجْمَعُ النَّاسُ مِنْهَا مَا يَجْمَعُونَ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَأَخَذَ مِنْ سَوَائِمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ؛ لأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لُحُومَهَا وَأَلْبَانَهَا مَعَايِشَ لِلنَّاسِ , وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ جُلُّ أَمْوَالِ الْمَاشِيَةِ ؛ لِيَعِيشَ الْفُقَرَاءُ مَعَ الأَغْنِيَاءِ وَأَعْرَضَ عَمَّا سِوَاهَا مِنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ , مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا خُلِقَتْ مَتَاعًا وَزِينَةً , يَرْكَبُهُ النَّاسُ وَيَتَزَيَّنُونَ بِهَا , وَيَتَعَاوَرُونَهَا بَيْنَهُمْ , وَلا يَتَّخِذُونَ مِنْهَا مَا يَتَّخِذُونَ مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ , وَأَخَذَ فِي الثِّمَارِ مِنَ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ , لأَنَّهُمَا جُلُّ أَمْوَالِ أَهْلِ الثِّمَارِ ، وَهُمَا مَعَ ذَلِكَ مِنْ مَعَايِشِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَعَيَّشُونَ بِهِ , وَمِنْ طَعَامِهِمُ الَّذِي يَيْبَسُونَ وَيَدَّخِرُونَ ، وَأَعْرَضَ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الثِّمَارِ , وَإِنْ كَانَ مِنْهَا مَا يَيْبَسُ مِثْلَ الْجَوْزِ , وَاللَّوْزِ , وَالْخَوْخِ , وَالتِّينِ , وَالتُّفَّاحِ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، لِقِلَّتِهَا وَسُرْعَةِ فَنَائِهَا , وَلأَنَّ النَّاسَ لا يَتَّخِذُونَ شَيْئًا مِنْهَا لِلْمَعَاشِ , وَإِنَّمَا يَتَّخِذُونَهَا لِلشَّهَوَاتِ وَأَخَذَ مِنَ الْحَرْثِ , فَأَخَذَ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ , لأَنَّهُمَا الْغَالِبُ عَلَى طَعَامِ النَّاسِ وَأَعْلافِهِمْ فِي عَامَّةِ الأَمْصَارِ ، وَهُمَا مَعَ ذَلِكَ أَكْثَرُ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْثِ , وَسَكَتَ عَنْ سَائِرِ أَصْنَافِ الْحُبُوبِ عَفْوًا مِنْهُ كَعَفْوِهِ عَمَّا عَفَا عَنْهُ مِنْ تَوَابِعِ الأَصْنَافِ الَّتِي ذَكَرْنَا , وَإِنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِنَ الْغَالِبِ عَلَى طَعَامِهِ الأُرْزُ , وَمِنْهُمْ مَنِ الْغَالِبُ عَلَى طَعَامِهِ الذُّرَةُ , فَإِنَّ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ , وَأَغْلَبُهُ عَلَى طَعَامِ النَّاسِ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.