وَأَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْمُسْنِدُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ الْمَقْدِسِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو الثَّنَاءِ حَمَّادُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْحَرَّانِيُّ ، إِجَازَةً ، إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا ، أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيُّ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الأَنْمَاطِيُّ ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ بِنْتِ السُّكَّرِيِّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّقُّورِ ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، قَالا : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَهُوَ الْبَغَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُعْفِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ ، عَنِ الْمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : بَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ ، بِهَدِيَّةٍ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى النَّجَاشِيِّ ، فَقَالُوا لَهُ وَنَحْنُ عِنْدَهُ : قَدْ صَارَ إِلَيْكَ نَاسٌ مِنْ سَفِلَتِنَا ، وَسُفَهَائِنَا ، فَادْفَعْهُمْ إِلَيْنَا . قَالَ : لا حَتَّى أَسْمَعَ كَلامَهُمْ . قَالَ : فَبَعَثَ إِلَيْنَا ، فَقَالَ : مَا يَقُولُ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : قُلْنَا : إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولا فَآمَنَّا بِهِ وَصَدَّقْنَاهُ . فَقَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ : أَعَبِيدٌ هُمْ لَكُمْ ؟ أَفَلَكُمْ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ ؟ قَالُوا : لا . قَالَ : فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ . قَالَ : فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : إِنَّ هَؤُلاءِ يَقُولُونَ فِي عِيسَى غَيْرَ مَا تَقُولُ . قَالَ : إِنْ لَمْ يَقُولُوا فِي عِيسَى مِثْلَ قَوْلِي لَمْ أَدَعْهُمْ فِي أَرْضِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ . فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا ، فَكَانَتِ الدَّعْوَةُ الثَّانِيَةُ أَشَدَّ عَلَيْنَا مِنَ الأُولَى . قَالَ : مَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؟ قَالَ : يَقُولُ : هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى عَذْرَاءَ بَتُولٍ . قَالَ : فَأَرْسَلَ ، فَقَالَ : ادْعُوا لِي فُلانًا الْقِسَّ وَفُلانًا الرَّاهِبَ . فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْهُمْ . فَقَالَ : مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؟ فَقَالُوا : أَنْتَ أَعْلَمُنَا ، فَمَا تَقُولُ ؟ قَالَ النَّجَاشِيُّ , وَأَخَذَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ ، فَقَالَ : مَا عَدَا عِيسَى مَا قَالَ هَؤُلاءِ ، مِثْلَ هَذَا ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : أَيُؤْذِيكُمْ أَحَدٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى : مَنْ آذَى أَحَدًا مِنْهُمْ فَأَغْرِمُوهُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ قَالَ : أَتَكْفِيكُمْ ؟ قُلْنَا : لا . فَأَضْعَفَهَا . قَالَ فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَظَهَرَ بِهَا , قُلْنَا لَهُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَهَرَ ، وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَقَتَلَ الَّذِينَ كُنَّا حَدَّثْنَاكَ عَنْهُمْ ، وَقَدْ أَرَدْنَا الرَّحِيلَ إِلَيْهِ ، فَزَوِّدْنَا . فَقَالَ : نَعَمْ . فَحَمَّلَنَا وَزَوَّدَنَا ، ثُمَّ قَالَ : أَخْبِرْ صَاحِبَكَ بِمَا صَنَعْتُ إِلَيْكُمْ ، وَهَذَا صَاحِبِي مَعَكَ ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، وَقُلْ لَهُ : يَسْتَغْفِرْ لِي . قَالَ جَعْفَرٌ : فَخَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ ، فَتَلَقَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاعْتَنَقَنِي ، ثُمَّ قَالَ : " مَا أَدْرِي أَنَا بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَفْرَحُ أَوْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ " . وَوَافَقَ ذَلِكَ فَتْحَ خَيْبَرَ ، ثُمَّ جَلَسَ ، فَقَالَ رَسُولُ النَّجَاشِيِّ : هَذَا جَعْفَرٌ فَسَلْهُ مَا صَنَعَ بِهِ صَاحِبُنَا . فَقَالَ : نَعَمْ فَعَلَ بِنَا كَذَا ، وَحَمَلَنَا ، وَزَوَّدَنَا ، وَشَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَقَالَ : قُلْ لَهُ : يَسْتَغْفِرْ لِي . فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ دَعَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ : " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلنَّجَاشِيِّ " . فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ آمِينَ . ثُمَّ قَالَ جَعْفَرٌ : فَقُلْتُ لِلرَّسُولِ : انْطَلِقْ فَأَخْبِرْ صَاحِبَكَ بِمَا قَدْ رَأَيْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، بِلَفْظٍ غَيْرِ هَذَا وَأَسْنَدُوهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . مَوْلِدُ شَيْخِنَا أَبِي الْعَبَّاسِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍّ ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ تَاسِعِ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّ مِائَةٍ , رَحِمَهُ اللَّهُ . وَدُفِنَ بِجَبَلِ قَاسِيُونَ بِمَقْبُرَةِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ .