سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا مَنْصُورٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ حَيَّانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْمِصْرِيَّ ، يَقُولُ : كُنْتُ أَسْمَعُ بِذِكْرِ أَبِي الْحَسَنِ الدَّامِغَانِيِّ ، فَكُنْتُ أَتَمَنَّى رُؤْيَتَهُ ، فَدَخَلْتُ مَدِينَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَقَمْتُ بِهَا أَيَّامًا فَدَخَل يَوْمًا شَيْخٌ مُطَيْلَسٌ فِي رِجْلِهِ نَعْلُ طَاقٍ ، فَقِيلَ لِي : هَذَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّامِغَانِيُّ ، فَانْتَظَرْتُ خُرُوجَهُ ، فَدَخَلْتُ يَوْمًا الْمَسْجِدَ ، وَإِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَمَضَيْتُ خَلْفَهُ ، فَإِذَا هُوَ بِمَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَأَجَابَنِي ، ثُمَّ أَدَّى الْمَغْرِبَ ، وَأَقَامَ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ ، فَمَا زَالَ يُصَلِّي إِلَى الْعَتَمَةِ ، ثُمَّ أَذَّنَ لِلْعَتَمَةِ ، وَأَقَامَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْعَتَمَةَ ، فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ تَعَلَّقْتُ بِهِ ، وَقُلْتُ : الصُّحْبَةَ . فَأَبَى عَلَيَّ فَمَا زِلْتُ بِهِ حَتَّى أَجَابَنِي إِلَى ذَلكَ ، فَلَمَّا قَالَ لِي : ضَعْ قَدَمَكَ عَلَى إِثْرِ قَدَمِي ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَلْتَفِتَ يَمِينًا أَوْ شِمَالا ، فَمَضَى وَمَضَيْتُ مَعَهُ حَتَّى بَقِيَ فِي اللَّيْلِ الْقَلِيلِ ، فَقَالَ لِي : هَذَا مَسْجِدُ عَائِشَةَ ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ . فَقُلْتُ : أَدْخُلُ الْمَسْجِدَ تَعَجُّبًا ؟ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، وَإِذَا هُوَ مَسْجِدُ عَائِشَةَ ، بِبَابِ مَكَّةَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ ، وَدَخَلْتُ مَكَّةَ ، فَإِذَا بِالشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ جَالِسًا مَعَ الْمَشَايِخِ بِبَابِ إِبْرَاهِيمَ ، فَلَمَّا رَأَوْنِي رَحَّبُوا بِي ، وَقَالُوا : يَا أَبَا بَكْرٍ مَتَى خَرَجْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ ؟ فَسَكَتَ مِنْ هَيْبَةِ الشَّيْخِ ، فَلَمَّا خَرَجَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ . قُلْتُ : إِنِّي خَرَجْتُ الْبَارِحَةَ مِنَ الْمَدِينَةِ مَعَ الشَّيْخِ أَبِي الدَّامِغَانِيِّ ، فَقَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ : لَوْ أَرَادَ أَبُو الْحَسَنِ أَنْ يَمْشِيَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ فِي لَيْلَةٍ لَمَشِيَ .