أَخْبَرَنِي شِهَابٌ الْحَاتِمِيُّ ، بِهَرَاةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعْدِ بْنَ السَّمْعَانِيِّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْعَلاءِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْحَافِظَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ ثَابِتٍ الطَّرْقِيَّ الْحَافِظَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ ، أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ الشِّيرَازِيَّ أَمْلَى عَلَيْهِمْ بِبَغْدَادَ يَوْمًا حَدِيثَ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : " صَلاةٌ فِي أَثَرِ صَلاةٍ كِتَابٌ فِي عَلِّيِّينَ " ، فَصَحَّفَ وَقَالَ : كَنَارٍ فِي غَلَسٍ ، وَكَانَ الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْخُجَنْدِيُّ حَاضِرًا ، فَقَالَ لَهُ : مَا مَعْنَى كَنَارٍ فِي غَلَسٍ ؟ فَقَالَ : النَّارُ فِي الْغَلَسِ تَكُونُ أَضْوَأَ . قال الطرقي : وسأله بعض أصدقائي عن جامع أبي عيسى الترمذي ، وقال له : هل لك به سماع ؟ . فقال : ما الجامع ومن أبو عيسى ؟ . ما سمعت بهذا الكتاب ، ثم رأيته بعد ذلك يعده في مسموعاته ، وذكر يوما أنه سمع صحيح البخاري ، فقلت له : هل معك أصل سماعك ؟ . فقال : لماذا ؟ فقلت : لنسمع منك ، فقال : وما ببغداد صحيح البخاري ؟ في النسخ كثرة ، اقرأوا من بعضها ، قال الطرقي : ولما أراد الفامي أن يملي في جامع القصر ، فقلت له : لو استعنت ببعض حفاظ البلد فانتقي الأحاديث ورتبها على ما جرت به عاداتهم ؟ . فقال : إنما يفعل ذلك من قلت معرفته بالحديث ، وأما أنا فحفظي يغنيني ، ولم أحتج إلى أحد فيما يعنيني ، وكان هذا أول يوم قدم وما كنت بلوته ، فأملى اليوم الثاني وامتحنت بالاستملاء ، أعوذ بالله من البلاء ، فأول ما حدث رأيته يسقط من الإسناد رجلا ويزيد فيه رجلا ، ويبدل رجلا برجل ، ويجعل الرجل الواحد رجلين ، والرجلين رجلا واحدا ، ورأيت نصحه أعجز عن ذلك ، وسأفصل ما أجملته : أما إسقاط رجل ففي غير موضع ، منها : أنه ذكر الحسن بن سفيان ، عن يزيد بن زريع ، فأمسك أهل المجلس أقلامهم ، ورفعوا إلي رؤسهم ، فمنهم المنكر بصريح لسانه ، ومنهم المشير بحاجبه وبنانه ، فقلت لهم : سقط أحد رجلين ، ولا يزيد بين الحسن بن سفيان ، ويزيد إما محمد بن المنهال ، أو أمية بن بسطام ، فقال المملي : اكتبوا كما في أصلي ، وأما زيادة رجل فإنه أورد إسنادا وكان في الكتاب : أنبأنا سهل بن بحر ، أنا سألته ، فصحفه وقال : أنبأنا سهل بن بحر ، أنبأنا ساليه ، وأما تبديل رجل برجل فأكثر من أن يلحقه الإحصاء ، كتبديل عمر بعمرو ، وحميل بجميل ، وحبان بحيان ، وأشباه ذلك ، وأما جعله الرجل الواحد رجلين ، فإنه رأى في كتاب سعيد بن عمرو الأشعثي وهو شيخ مسلم بن الحجاج القشيري ، فقال هو : أنبأنا سعيد بن عمرو الأشعثي ، قالا : أنبأنا فلان بن فلان ، فقلت : إنما هو سعيد بن عمرو الأشعثي ؟ قال : لا ، ليس كما تقول ، قلت : فمن الأشعثي ؟ قال : فضول منك ، وأما جعله الرجلين رجلا واحدا ، فإني رأيت بأخره مجلسا كتبه عنه بعض البغداديين المشهورين بحفظ الحديث فقرأته ، وإذا فيه : ثنا ورقاء بن قيس بن الربيع ، فأنكرت عليه وقلت : يا إنسان ، تكتب مثل هذه الأخبار ، وتفضي عن موضع الإنكار ! وليس هذا مما يخفى على من شم رائحة الحديث ، ألست تعلم أنه ورقاء بن عمر اليشكري ، وعن قيس بن الربيع ؟ فقال : بلى ، ولكنه شديد الكلام حديد اللسان ، وإني قد رددت عليه في مواضع ، فأغلظ علي في القول ، فآليت أن لا أرد عليه ، قال الطرقي : وأما تصاحيفه في المتون فقد شذ عني الأكثر ، ومن ذلك أنه قال في أول حديث أملاه : قال حميل بن بصرة : لقيت أبا هريرة وهو يجيء من الطود ، فقيل له : إنما هو الطور ، قال : بل هو الطود ، قال الله تعالى : فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ سورة الشعراء آية 63 ، وأما ما أخذ عليه في علم اللغة والنحو والعروض والشعر ، فمنها أني كنت أقرأ عليه تصنيفا له في معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء ، فذكر في معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم كلامه في الخشف والضب والناقة ، فقيل له : ما الخشف ؟ فقال : طائر ، وقال يوما في بعض ما جرى معه : الدلو يذكر ، فقلت : إنما يستدل على التأنيث والتذكير بالجمع والتصغير ، وتصغير الدلو دلية ، فقال : تصغير الرجل أيضا رجيله ، فيجب أن يكون الرجل مؤنثا ، فكأنما ألقمني حجرا مثلثا ، وقال في بعض مناظرانه مع ابن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني : الفعل لا يوصف ، فقال الشيخ أبو الفضل الهمداني : يقول الله تعالى : فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا سورة الكهف آية 110 بما انتصب على الحال ، وأنشد بيتا فأسقط منه كلمة تحتوي على وتد مجموع وسبب خفيف ، وذاك جزء خماسي على وزن فعولن ، فقلت : البيت مكسور ، فقال : كأني لم أعرف الأوزان والنحو والعروض ، كذا بحرا منها الطويل ، ومنها البسيط ، ومنها الممدود ، فأخذني الضحك وقمت عنه . قال ابن السمعاني : والحافظ الطرقي كتب رسالة في جزء ضخم إلى نظام الملك ، يذكر فيها أحوال عبد الوهاب الفامي : وذكر من هذا الجنس فيها جملة ، اقتصرت منه على هذا القدر ، ولولا أنه حافظ كبير رحل وجمع وشرط في هذه الرسالة ، أنه لا يزيد شيئا بل ينقص مما سمع ، ما أوردت هذا القدر .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدَ الْوَهَّابِ الشِّيرَازِيَّ | عبد الوهاب بن أحمد الشيرازي | مجهول الحال |
غَيْرَ وَاحِدٍ | اسم مبهم |