أنبأنا أبو الفرج بن الجوزي ، قال : أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي ، قراءة عليه ، أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، ثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبي ، إملاء ، قال : وجدت في كتاب والدي : حدثني أبو عبد الله محمد بن عمرو الكاتب ، قال أبو عبد الله : وعاش عبدون زيادة على مائة سنة ، وابنه شيخا كبيرا ، يحمل علي ظهر غلام إلي ديوان بادوريا ، وَكَانَ كاتبا حاذقا في أول خلافة المعتضد ، قال : اجتزت وأنا غلام حدث باب الرصافة ، فإذا رجل شاب حسن الوجه ، عليه قميص دبيقي ، ورداء يثرب ، ونعل حذو ، جالس في دكان صيرفي ، فمر به رجل تحته برذون كميت ، سرجه يغري ، وعنانه نسع ، فوثب إليه ذلك الفتى فقال له : يا حكيم هذا الإقليم ، أفرغ في هذه الآذان ما يفرح به هذه القلوب : ولم يدر ما بي ، فاندفع يوقع على قربوس سرجه ويقول : أحمد قال لي ولم يدر ما بي أتحب الغداة عتبة حقا فتنفست ثم قلت نعم حبا جرى في العروق عرقا فعرقا لو تجسين يا عتيبة قلبي لوجدت الفؤاد قرحا تفقا قد لعمري مل الطبيب ومل الأهل مني مما أداوي وأرقي ليتني مت فاسترحت فإني أبدا ما حييت منكم ملقى قال : فقال : يا أبا المهنأ ، رققت حتى لو شئت أن أحسرك لحسرتك ، ثم انصرف إلى موضعه ، فسألت عنه فقيل لي : هذا أبو نواس ، والراكب مخارق المغني .