تفسير

رقم الحديث : 290

أنبأنا عبد الوهاب الأمين ، عن أبي السعادات مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مكي النديم ، قَالَ : كنت صبيًا . . . مغنية تعرف باختيار بنت القاضي ، فمرضت والدتي ، فدخلت عليها أعودها ، وهي بدار المقتدئة ، فسألتها عن حوائجها ، فقالت لي : أريد كذا وكذا يا ولدي ما بقي في قلبي حسرة إلا كيف تخرج جنازتي من بيت دور الكراء بعد أن كان لما الأملاك العزيزة القيمة ، فقلت لها : أنت تعلمين أني لا أملك إلا ستة عشر دينارًا وهي معك ، فهل تعلمين أنه يحصل لنا بها عشر دينار ؟ وخرجت من عندها بضيق الصدر واجتمعت باختيار ابنة القاضي وأخبرتها بحالي ، فقالت لي : غدًا تحضر عند عفيف وسوف أسألك عن موجب انقباضك فأخبرني بالقصة وهو يسمع ، فقلت : نعم ، فلما حضرنا عنده رأينا انبساطه ، قَالَ : يا أبا السعادات ، ما لك لا تنبسط عَلَى عادتك ؟ فقصصت عليه القصة ، وقلت : هل سمع قط مريضة تشهت عوض التمر هندي ، والأجاص دارًا ؟ فضحك عفيف ، وسكت ، وانفصلنا آخر وقت ولم أر لما قلت أثرًا ، فلما كان ثاني ذلك اليوم استحضرنا ، فَقَالَ : يا أبا السعادات ، أعد علي حديث أمك ، فأعدته عليه ، وقلت له : قلت لها : لا أملك إلا ستة عشر دينارًا في خريقة زرقاء معك ، فضحك ، وَقَالَ لفراش : امض إلى أمه ، وقل لها : بهذه العلامة أعطيني الخرقة الزرقاء التي فيها الذهب ، فمضى الفراش ، وأتى بالخرقة فحلها بين يديه ، وكانت عادته أن لا يمس بيده ذهبًا ، وكان يسمي القراضة الحيات ، فقبلها بمروحة في يده ، وأعطى اخيتار بعضها ، وسلم إلى الفراش الباقي ، وَقَالَ : ابتع لنا به بقلا وريحانًا ، ثم أمر بمد الطبق فأكل الحاضرون ولم آكل ، فَقَالَ : ما لك لا تؤاكل الجماعة ؟ فقلت : قد أخذتم مالي وذخيرتي وتقولون : كل ، واللَّه ما أقدر عَلَى الأكل ولا عَلَى الشرب ، فجعل يضحك ويقول : باللَّه عليك كل ، وأنا أمتنع عليه ، فلما طال امتناعي ضرب بيده إلى ورائه مسنده ، وأخرج كتابًا ورماه إلي فوقفت عليه ، وإذا فيه : هذا ما اشترى به أبو السعادات بْن مكي بْن فلانة بنت فلان جميع الدار الفلانية بثلاث مائة دينار ، وقد أشهد فيه الشهود ، وهي الدار التي بها والدتي ، فطرت بجناح السرور ، فمن أعجب العجب أننا فارقناه أول الليل ، وباكرناه ، فكيف تهيأ ذلك في هذه المدة اليسيرة ، وكان هذا منه في حقي وأنا صبي لم أتعرف إلى الناس ولا اتصلت بخدمة الملوك .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.