حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قال : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قال : " نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلا عَلَى مَنْقَلَةٍ أَوْ مَنْقَلَتَيْنِ ، فَأَقْبَلَ رَجُلانِ ، رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ : جَهْجَاهُ بْنُ قَيْسٍ الْغِفَارِيُّ ، وَسِنَانُ بْنُ وَبَرَةَ الْجُهَنِيُّ ، حَلِيفُ بَنِي الْخَزْرَجِ ، قال : فَظَهَرَ اللَّهُ جَهْجَاهَ عَلَى الْجُهَنِيِّ ، وَكَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، رضي الله عنه ، عَسِيفٌ إِذَا نَزَلَ الْقَوْمُ انْطَلَقَ يُخَنِّسُ لِفَرَسِهِ ، فَانْطَلَقَ الْعَسِيفُ فَوَجَدَهُمَا يَقْتَتِلانِ ، قال : وَظَهَرَ عَلَيْهِ جَهْجَاهُ ، فَاسْتَصْرَخَ ابْنُ وَبَرَةَ بِقَوْمِهِ حَتَّى نَادَوْا : يَا أَبَا الْحُبَابِ ، لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَقَدْ أَخَذَ بِيَدِ الرَّجُلَيْنِ ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ إِلا قَوْمَهُ ، فقال : هَنِيئًا لَكُمْ يَا آلَ الأَوْسِ ، ضَمَمْتُمْ إِلَيْكُمْ سُرَّاقَ الْحَجِيجِ ، مِنْ مُزَيْنَةَ وَغِفَارٍ ، يَأْكُلُونَ ثِمَارَكُمْ وَيَقْهَرُونَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ ، وَلَنُمْسِكَنَّ بِأَيْدِينَا عَنْ أَثْمَارِنَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِ صَاحِبِهِمْ . قال : فَرَجَعَ عَسِيفُ عُمَرَ وَلَمْ يُخَنِّسْ لِفَرَسِهِ ، فقال لَهُ عُمَرُ ، رضي الله عنه : مَا شَأْنُكَ لَمْ تُخَنِّسْ لِفَرَسِي ؟ قال : الْعَجَبُ ، مَرَرْتُ بِجَهْجَاهَ وَابْنَ وَبَرَةَ يَقْتَتِلانِ ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ جَهْجَاهُ ، فَاسْتَصْرَخَ ابْنُ وَبَرَةَ بِقَوْمِهِ ، فَجَاءَ ابْنُ أُبَيٍّ وَقَدْ أَخَذَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ إِلا قَوْمَهُ ، فقال : هَنِيئًا لَكُمْ يَا آلَ الأَوْسِ ، ضَمَمْتُمْ إِلَيْكُمْ سُرَّاقَ الْمُخَيَّمِ مِنْ مُزَيْنَةَ وَغِفَارٍ ، يَأْكُلُونَ ثِمَارَكُمْ وَيَقْهَرُونَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ ، وَلَنُمْسِكَنَّ بِأَيْدِينَا مِنْ ثِمَارِهَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِ صَاحِبِهِمْ ، قال : قَدْ سَمِعْتَ ، قال : فَانْدَفَعَ عُمَرُ ، رضي الله عنه ، مِنْ مَكَانِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ مَنْزِلا صَلَّى بِهِمْ صَلاةَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَرْتَحِلْ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِمْ صَلاةَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ . قال : فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ ، رضي الله عنه ، وَكَانَ مِمَّنْ يَتَوَسَّدُ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ أَوْ ذِرَاعَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلاةَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ ، فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ ، رضي الله عنه ، فقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ادْعُهُ " ، وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي عَسِيفًا أَبْعَثُهُ يُخَنِّسُ لِفَرَسِي إِذَا نَزَلَ الْقَوْمُ ، وَإِنَّهُ انْطَلَقَ يُخَنِّسُ فَوَجَدَ جَهْجَاهَ وَابْنَ وَبَرَةَ يَقْتَتِلانِ ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ وَما قال ابْنُ أُبَيٍّ ، فقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوَقَدْ قِيلَتْ ؟ ! " فَأَمَرَ فَنُودِيَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ ، فَارْتَحَلُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ : لَمْ يُرَحِّلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُرْتَحَلِهِ الَّذِي كَانَ يَرْتَحِلُ إِلا شَيْءٌ خَافَهُ أَوْ شَيْءٌ أَتَاهُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْتَهِزَهُ ، قال : حَتَّى أَصْبَحَ النَّاسُ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ بِحَدِيثِهِ ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ ، فَقَامَ فَخَطَبَ ، فقال : " إِنَّمَا عَاقَنَا عَنْ مُرْتَحَلِنَا الَّذِي كُنَّا نَرْحَلُ لَهُ قَوْلُ رَجُلٍ مِنْكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، قال كَذَا وَكَذَا " ، قال : فَوَثَبَ وَرَقَةُ ، فقال : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَظْعَنَكَ عَنْ مُرْتَحَلِكَ الَّذِي كُنْتَ تَرْتَحِلُ إِلا قَوْلُ رَجُلٍ مِنَّا ؟ فَوَاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَئِنْ شِئْتَ لآتِيَنَّكَ أَوَّلَهُ مِنْ رَأْسِهِ أَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْكَ ، قال : وَقَدْ كَانَ وَرَقَةُ ابْنَ عَمٍّ لِعَبْدِ اللَّهِ ، فقال : فَأَبَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : " لا أُحِلُّ ، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا فَأْتُونِي بِهِ " . قال : فَانْدَفَعُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ ، قالوا : يَا ابْنَ أُبَيٍّ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَهُ عَنْكَ قَوْلٌ فَوَجَدَ عَلَيْكَ فِي نَفْسِهِ ، فَإِذَا أَنْتَ أَتَيْتَهُ فَاعْتَذِرْ إِلَيْهِ مَا قلت ، مُرْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكَ ، فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ رَحِيما قال : وَمَا بِي ، أَلَسْتُ أَغْزُو مَعَكُمْ إِذَا غَزَوْتُمْ ، وَأُنْفِقُ مَعَكُمْ إِذَا أَنْفَقْتُمْ ؟ فَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَقُولُونَ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ يَلْوِي رَأْسَهُ إِلَى أَصْحَابِهِ جَنْبَيْهِ وَيَقُولُ : مَا لِي ، أَلَسْتُ أَغْزُو مَعَكُمْ إِذَا غَزَوْتُمْ ، وَأُنْفِقُ مَعَكُمْ إِذَا أَنْفَقْتُمْ ؟ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ كَذَلِكَ ، فقال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا ابْنَ أُبَيٍّ ، أَنْتَ الَّذِي تقول : لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ ، أَفَأَنْتَ أَعَزُّ مِنِّي ؟ " ، قال : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَلْ أَنْتَ أَعَزُّ وَأَكْرَمُ ، مَا رَكِبْنَا حَتَّى رَكِبْتَ ، وَمَا قَاتَلْنَا حَتَّى كُنْتَ أَوَّلَ ، قال : " فَأَنْتَ الَّذِي ، تقول : لَنُمْسِكَنَّ مَا بِأَيْدِينَا مِنْ ثَمَرِنَا حَتَّى يَجُوعُوا فَيَنْفَضُّوا عَنْ صَاحِبِهِمْ ؟ أَيْ أَنَّكَ تُنْفِقُ عَلَيْنَا " . قال : وَالَّذِي تَحْلِفُ بِهِ مَا قلت . وَنَزَلَتْ : إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ، إِلَى قَوْلِهِ : وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ سورة المنافقون آية 1 - 8 " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ | سعيد بن جبير الأسدي | ثقة ثبت |
أَبِي بِشْرٍ | جعفر بن أبي وحشية اليشكري | ثقة |
أَبُو عَوَانَةَ | الوضاح بن عبد الله اليشكري / توفي في :176 | ثقة ثبت |
عَفَّانُ | عفان بن مسلم الباهلي / توفي في :220 | ثقة ثبت |