حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ ، قال : كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَّا يُقَالُ لَهُمْ بَنُو أُبَيْرِقٍ : بَشِيرٌ وَبِشْرٌ وَمُبَشِّرٌ ، وَكَانَ مُبَشِّرٌ رَجُلا مُنَافِقًا ، وَكَانَ ، يقول الشِّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ يُنْحِلُهُ بَعْضَ الْعَرَبِ ، ثُمَّ ، يقول : قال فُلانٌ كَذَا ، وَقَالَ فُلانٌ كَذَا ، فَإِذَا سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الشِّعْرَ ، قالوا : وَاللَّهِ مَا ، يقول هَذَا الشِّعْرَ إِلا هَذَا الرَّجُلُ الْخَبِيثُ ، فقال : أَوَكُلَّما قال الرَّجُلُ قَصِيدَةً أَضِمُوا وَقَالُوا : ابْنُ الأُبَيْرِقِ قَالَهَا ، قال : وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ فَاقَةٍ وَحَاجَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ ، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ يَسَارٌ فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ بِالدَّرْمَكِ ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْهَا فَخَصَّ بِهِ نَفْسَهُ ، فَأَمَّا الْعِيَالُ فَإِنَّمَا طَعَامُهُمُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ ، فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلا مِنَ الدَّرْمَكِ فَجَعَلَهُ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ ، وَفِي الْمَشْرُبَةِ سِلاحٌ لَهُ : دِرْعَانِ وَسَيْفَاهُمَا وَمَا يُصْلِحُهُمَا ، فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ فَنُقِبَتِ الْمَشْرُبَةُ فَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلاحُ ، فَلَمَّا أَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ ، قال : ابْنَ أَخِي ، تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ عُدِيَ عَلَيْنَا مِنْ لَيْلَتِنَا هَذِهِ ، فَنُقِبَتْ مَشْرَبَتُنَا فَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَسِلاحِنَا . قال : فَتَحَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا ، فقالوا : قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبَيْرِقٍ اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَلا نَرَى فِيمَا نَرَى إِلا عَلَى بَعْضِ طَعَامِكُمْ ، قال : وَقَدْ كَانَ بَنُو أُبَيْرِقٍ ، قالوا ، وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ : وَاللَّهِ مَا نَرَى صَاحِبَكُمْ إِلا لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ ، رَجُلٌ مِنَّا لَهُ صَلاحٌ وَإِسْلامٌ ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ وَقَالَ : أَنَا أَسْرِقُ ! وَاللَّهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتَبِينُ هَذِهِ السَّرِقَةُ ، قالوا : إِلَيْكَ عَنَّا أَيُّهَا الرَّجُلُ ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا ، فَسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّى لَمْ يُشَكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا ، فقال لِي عَمِّي : يَا ابْنَ أَخِي ، لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتَ لَهُ ذَلِكَ ؟ قال قَتَادَةُ : فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلُ جَفَاءٍ عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ ، فَنَقَبُوا مَشْرُبَةً لَهُ فَأَخَذُوا سِلاحَهُ وَطَعَامَهُ ، فَلْيَرُدُّوا عَلَيْنَا سِلاحَنَا ، فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلا حَاجَةَ لَنَا بِهِ ، فقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ " ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِقٍ أَتَوْا رَجُلا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَيْدُ بْنُ عُرْوَةَ فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقالوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ عَمَدُوا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ إِسْلامٍ وَصَلاحٍ يَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلا ثَبْتٍ ، قال قَتَادَةُ : فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقال : " عَمَدْتَ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ ذُكِرَ مِنْهُمْ إِسْلامٌ وَصَلاحٌ تَرْمِيهِمْ بِالسَّرِقَةِ عَنْ غَيْرِ ثَبْتٍ وَلا بَيِّنَةٍ " ، قال : فَرَجَعْتُ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَعْضِ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، فَأَتَانِي عَمِّي ، فقال : يَا ابْنَ أَخِي ، مَا صَنَعْتَ ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِما قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقال : اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ . قال : فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ : إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا سورة النساء آية 105 : بَنِي أُبَيْرِقٍ ، وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ سورة النساء آية 106 : أَيْ مِمَّا قلت لِقَتَادَةَ ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا { 106 } وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ سورة النساء آية 106-107 : أَيْ بَنِي أُبَيْرِقٍ ، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا { 107 } يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا { 108 } هَأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا { 109 } وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا { 110 } سورة النساء آية 107-110 : أَيْ لَوْ أَنَّهُمُ اسْتَغْفَرُوا اللَّهَ لَغَفَرَ لَهُمْ ، وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا { 111 } وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا سورة النساء آية 111-112 : قَوْلُهُمْ لِلَبِيدٍ ، فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا { 112 } وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ سورة النساء آية 112-113 : يَعْنِي أُسَيْدًا وَأَصْحَابَهُ ، وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا { 113 } لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا { 114 } سورة النساء آية 113-114 ، قال : فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّلاحِ فَرَدَّهُ إِلَى رِفَاعَةَ ، قال قَتَادَةُ : فَلَمَّا أَتَيْتُ عَمِّي بِالسِّلاحِ ، وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَسَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكُنْتُ أَرَى أَنَّ إِسْلامَهُ مَدْخُولا ، قال : يَا ابْنَ أَخِي هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَعَرَفْتُ أَنَّ إِسْلامَهُ كَانَ صَحِيحًا ، قال : فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لَحِقَ بَشِيرٌ بِالْمُشْرِكِينَ ، فَنَزَلَ عَلَى سُلافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ شَهِيدٍ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا { 115 } إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا { 116 } سورة النساء آية 115-116 ، فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى سُلافَةَ ، رَمَاهَا حَسَّانُ بِأَبْيَاتِ شِعْرٍ ، فَأَخَذَتْ رَحْلَهُ فَوَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا ثُمَّ خَرَجَتْ فَرَمَتْ بِهِ فِي الأَبْطَحِ ، ثُمَّ قالت : أَهْدَيْتَ إِلَيَّ شِعْرَ حَسَّانَ ، قالت : وَاللَّهِ لا يَثْبُتُ فِي صَدْرِي ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ # أهديت إلي هجاء حسان ، فأخذت رحله فألقته في البطحاء # ، فَخَرَجَ يَسِيرُ إِلَى الطَّائِفِ ، فَذَهَبَ يَنْقُبُ بَيْتًا فَانْهَدَمَ عَلَيْهِ فَمَاتَ ، فقال أَهْلُ مَكَّةَ : مَا كَانَ لِيُفَارِقَ مُحَمَّدًا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِ خَيْرٌ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ | قتادة بن النعمان الأنصاري / توفي في :23 | صحابي |
أَبِيهِ | عمر بن قتادة الظفري | مقبول |
عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ | عاصم بن عمر الأنصاري | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ | محمد بن سلمة الباهلي / توفي في :191 | ثقة |
الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ | الحسن بن أحمد الأموي | ثقة |