أَنْبَأَنَا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، إِذْنًا ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ قَهْمٍ ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : انْتَدُبَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْخَوَارِجِ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ ، وَهُوَ مِنْ حِمْيَرٍ ، وَعِدَادُهُ فِي بَنِي مُرَادٍ ، وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي جَبَلَةَ مِنْ كِنْدَةَ ، وَالْبُرْكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ ، وَعَمْرُو بْنُ بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ ، فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ ، وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا لِيَقْتُلَنَّ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، وَمُعَاوِيَةَ ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَيُرِيحُوا الْعِبَادَ مِنْهُمْ ، فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ : أَنَا لَكُمْ بِعَلِيٍّ ، وَقَالَ الْبُرْكُ : أَنَا لَكُمْ بِمُعَاوِيَةَ ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ : أَنَا كَافِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ، فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ ، وَتَعَاقَدُوا عَلَيْهِ ، وَتَوَاثَقُوا أَنْ لا يَنْكِصَ مِنْهُمْ رَجُلٌ عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ ، وَيَتَوَّجَهَ لَهُ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ ، فَاتَّعَدُوا بَيْنَهُمْ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ ، ثُمَّ تَوَجَّهَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهُ ، فَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْكُوفَةَ ، فَلَقِيَ أَصْحَابَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ ، فَكَاتَمَهُمْ مَا يُرِيدُ ، وَكَانَ يَزُورُهُمْ وَيَزُورُونَهُ ، فَزَارَ يَوْمًا نَفَرًا مِنْ بَنِي تَيْمِ الرَّبَابِ ، فَرَأَى امْرَأَةً مِنْهُم ، يُقَالُ لَهَا : قَطَامُ بِنْتُ شِجْنَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ تَيْمِ الرَّبَابِ ، وَكَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا بِالنَّهْرَوَانِ ، فَأَعْجَبَتْهُ فَخَطَبَهَا ، فَقَالَتْ : لا أَتَزَوَّجُكَ حَتَّى تَشْتَفِيَ لِي ، فَقَالَ : لا تَسْأَلِينِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكِ ، فَقَالَتْ : ثَلاثَةُ آلافٍ ، وَقَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلا قَتْلُ عَلِيٍّ ، وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ مَا سَأَلْتِ ، وَلَقِيَ ابْنُ مُلْجَمٍ شَبِيبَ بْنَ بَجْرَةَ الأَشْجَعِيَّ ، فَأَعْلَمَهُ مَا يُرِيدُ ، وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ ، وَظَلَّ ابْنُ مُلْجَمٍ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا أَنْ يَقْتُلَ عَلِيًّا فِي صَبِيحَتِهَا يُنَاجِي الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ فِي مَسْجِدِهِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ، فَقَالَ لَهُ الأَشْعَثُ : فَضَحِكَ الصُّبْحَ ، فَقَامَ ابْنُ مُلْجَمٍ ، وَشَبِيبُ بْنُ بَجْرَةَ ، فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا ، ثُمَّ جَاءَا حَتَّى جَلَسَا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ ، قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ : فَأَتَيْتُهُ سُحَيْرًا ، فَجَلَسْتُ إِلَيْه ، فَقَالَ : إِنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ أُوقِظُ أَهْلِي ، فَمَلَكَتْنِي عَيْنَايَ ، وَأَنَا جَالِسٌ ، فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَتِّكَ مِنَ الأَوَدِ وَاللَّدَدِ ، فَقَالَ لِي : ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ ، وَأَبْدِلْهُمْ بِي شَرًّا لَهُمْ مِنِّي ، وَدَخَلَ ابْنُ التَّيَّاحِ الْمُؤَذِّنُ عَلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ : الصَّلاةَ ، فَقَامَ يَمْشِي ابْنُ التَّيَّاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنَا خَلْفَهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبَابِ نَادَى : أَيُّهَا النَّاسُ ، الصَّلاةَ ، الصَّلاةَ ، كَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ كُلُّ يَوْمٍ يَخْرُجُ وَمَعَهُ دِرَّتُهُ يُوقِظُ النَّاسَ فَاعْتَرَضَهُ الرَّجُلانِ ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ : ذَلِكَ بَرِيقُ السَّيْفِ ، وَسَمِعْتُ قَائِلا ، يَقُولُ : لِلَّهِ الْحُكْمُ يَا عَلِيُّ لا لَكَ ، ثُمَّ رَأَيْتُ سَيْفًا ثَانِيًا فَضَرَبَا جَمِيعًا ، فَأمَّا سَيْفُ ابْنِ مُلْجَمٍ ، فَأَصَابَ جَبْهَتَهُ إِلَى قَرْنِهِ وَوَصَلَ إِلَى دِمَاغِهِ ، وَأَمَّا سَيْفُ شَبِيبٍ فَوَقَعَ فِي الطَّاقِ ، فَسَمِعَ عَلِيٌّ ، يَقُولُ : لا يَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ ، وَشَدَّ النَّاسُ عَلَيْهِمَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، فَأَمَّا شَبِيبٌ فَأَفْلَتَ ، وَأَخَذَ ابْنُ مُلْجَمٍ فَأَدْخَلَ عَلَى عَلِيٍّ ، فَقَالَ : أَطِيبُوا طَعَامَهُ ، وَأَلِينُوا فِرَاشَهُ ، فَإِنْ أَعِشْ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي : عَفْوٌ أَوْ قِصَاصٌ ، وَإِنْ مُتُّ فَأَلْحِقُوهُ بِي أُخَاصِمْهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عَلِيٍّ : يَا عَدُوَّ اللَّهِ ، قَتَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! قَالَ : مَا قَتَلْتُ إِلا أَبَاكَ ، قَالَتْ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَأْسٌ ، قَالَ : فَلِمَ تَبْكِينَ إِذًا ؟ ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ سَمَمْتُهُ شَهْرًا يَعْنِي سَيْفَهُ فَإِنْ أَخْلَفَنِي أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ . وَبَعَثَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ابْنَهُ قَيْسَ بْنَ الأَشْعَثِ صَبِيحَةَ ضَرْبِ عَلِيٍّ ، فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ انْظُرْ كَيْفَ أَصْبَحَ أَمِيرُ الُمْؤِمِنيَن ؟ فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ رَجَعَ ، فَقَالَ : رَأَيْتُ عَيْنَيْهِ دَاخِلَتَيْنِ فِي رَأْسِهِ ، فَقَالَ الأَشْعَثُ : عَيْنَيْ دَمِيغٍ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ . قَالَ : وَمَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَيَوْمَ السَّبْتِ ، وَبَقِيَ لَيْلَةَ الأَحَدِ لإِحْدَى عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِينَ ، وَتُوُفِّيَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَغَسَّلَهُ الْحَسَنُ ، وَالْحُسَيْنُ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ . قَالُوا : وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فِي السِّجْنِ ، فَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ ، وَدُفِنَ بَعَثَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى ابْنِ مُلْجَمٍ ، فَأَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ لِيَقْتُلَهُ ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَجَاءُوا بِالنِّفْطِ وَالْبَوَارِي ، وَالنَّارِ ، وَقَالُوا : نَحْرِقُهُ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ : دَعُونَا حَتَّى نَشْفِيَ أَنْفُسَنَا مِنْهُ ، فَقَطَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يَدَيْهِ وَرِجْلَيِه ، فَلَمْ يَجْزَعْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ ، فَكَحَّلَ عَيْنَيْهِ بِمِسْمَارٍ مَحْمِيٍّ ، فَلَمْ يَجْزَعْ ، وَجَعَلَ يَقُولُ : إِنَّكَ لَتُكَحِّلُ عَيْنَيْ عَمِّكَ بِمَمُلولٍ مُمْضٍ ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ السُّورَةِ ، وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَسِيلانِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَعُولِجَ عَنْ لِسَانِهِ لِيَقْطَعَهُ ، فَجَزِعَ ، فَقِيلَ لَهُ ، قَطَعْنَا يَدَكَ ، وَرِجْلَيْكَ ، وَسَمَلْنَا عَيْنَيْكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ ، فَلَمْ تَجْزَعْ ، فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى لِسَانِكَ جَزِعْتَ ، قَالَ : مَا ذَاكَ مِنْ جَزَعٍ إِلا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ فِي الدُّنْيَا فُوَاقًا لا أَذْكُرُ اللَّهَ ، فَقَطَعُوا لِسَانَهُ ، ثُمَّ جَعَلُوهُ فِي قَوْصَرَةٍ فَأَحْرَقُوهُ بِالنَّارِ ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ ، فَلَمْ يَسْتَأْنِ بِهِ بُلُوغُهُ . وَكَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ أَسْمَرَ أَبْلَجَ ، فِي جَبْهَتِهِ أَثَرُ السُّجُودِ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ | علي بن أبي طالب الهاشمي / توفي في :40 | صحابي |
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ | عبد الوهاب بن هبة الله البغدادي / ولد في :510 / توفي في :588 | صدوق حسن الحديث |