أَنْبَأَنَا الْعَدْلُ أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مَحْفُوظِ بْنِ صَصَرَى التَّغْلِبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ ، أَنْبَأَنَا الشَّرِيفُ النَّقِيبُ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ حَيْدَرَةَ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِمَا ، وَأَنَا أَسْمَعُ ، قَالا : أَنْبَأَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْف سُفْيَانُ الطَّائِيُّ ، قَالَ : قرأت عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنَفِيِّ ، قَالَ : ذَكَرَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ أَسْلَمَ ، قَالَ : قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : أَتُحِبُّونَ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ إِسْلامِي ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَيْنَا أَنَا يَوْمًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ شَدِيدِ الْحَرِّ بِالْهَاجِرَةِ ، فِي بَعْضِ طُرُقِ مَكَّةَ ، إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَقَالَ : أَيْنَ تَذْهَبُ يَابْنَ الْخَطَّابِ ؟ أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ هَكَذَا ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكَ هَذَا الأَمْرُ فِي بَيْتِكَ ؟ ! قَالَ ، قُلْتُ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : أُخْتُكَ قَدْ صَبَأَتْ ، قَالَ : فَرَجَعْتُ مُغْضَبًا ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ الرَّجُلَ وَالرَّجُلَيْنِ إِذَا أَسْلَمَا عِنْدَ الرَّجُلِ بِهِ قُوَّةٌ ، فَيَكُونَانِ مَعَهُ ، وَيُصِيبَانِ مِنْ طَعَامِهِ ، وَقَدْ كَانَ ضَمَّ إِلَى زَوْجِ أُخْتِي رَجُلَيْنِ ، قَالَ : فَجِئْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ ، فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : وَكَانَ الْقَوْمُ جُلُوسًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ فِي صَحِيفَةٍ مَعَهُمْ ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتِي تَبَادَرُوا وَاخْتَفَوْا ، وَتَرَكُوا أَوْ نَسَوُا الصَّحِيفَةَ مِنْ أَيْدِيهِمْ ، قَالَ : فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ فَفَتَحَتْ لِي ، فَقُلْتُ : يَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا ، قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ صَبَوْتِ ! قَالَ : فَأَرْفَعُ شَيْئًا فِي يَدِي فَأَضْرِبُهَا بِهِ ، قَالَ : فَسَالَ الدَّمُ ، قَالَ : فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الدَّمَ بَكَتْ ، ثُمَّ قَالَتْ : يَابْنَ الْخَطَّابِ ، مَا كُنْتَ فَاعِلا فَافْعَلْ ، فَقَدْ أَسْلَمْتُ ، قَالَ : فَدَخَلْتُ وَأَنَا مُغْضَبٌ ، فَجَلَسْتُ عَلَى السَّرِيرِ ، فَنَظَرْتُ ، فَإِذَا بِكِتَابٍ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ ، قُلْتُ : مَا هَذَا الْكِتَابُ ؟ أَعْطِينِيهِ ، فَقَالَتْ : لا أُعْطِيكَ ، لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ ، أَنْتَ لا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَلا تَطْهُرُ ، وَهَذَا لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ ! قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ بِهَا حَتَّى أَعْطَتْنِيهِ ، فَإِذَا فِيهِ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " فَلَمَّا مَرَرْتُ بِ : " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " ، ذَعَرْتُ وَرَمَيْتُ الصَّحِيفَةَ مِنْ يَدِي ، قَالَ : ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي ، فَإِذَا فِيهَا : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ سورة الحديد آية 1 قَالَ : فَكُلَّمَا مَرَرْتُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذَعَرْتُ ، ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَيَّ نَفْسِي ، حَتَّى بَلَغْتُ : آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ حتَّى بَلَغْتُ إِلَى قَوْلِهِ : إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ سورة الحديد آية 1ـ8 ، قَالَ : فَقُلْتُ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : فَخَرَجَ الْقَوْمُ يَتَبَادَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ ، اسْتِبْشَارًا بِمَا سَمِعُوهُ مِنِّي ، وَحَمِدُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ قَالُوا : يَابْنَ الْخَطَّابِ ، أَبْشِرْ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا يَوْمَ الإِثْنَيْنِ ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ : إِمَّا عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ ، وَإِمَّا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " ، وَإِنَّا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ ، فَأَبْشِرْ ، قَالَ : فَلَمَّا عَرَفُوا مِنِّي الصِّدْقَ قُلْتُ لَهُمْ : أَخْبِرُونِي بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : هُوَ فِي بَيْتٍ فِي أَسْفَلِ الصَّفَا ، وَصَفُوهُ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : وَقَدْ عَرَفُوا شِدَّتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يَعْلَمُوا بِإِسْلامِي ، قَالَ : فَمَا اجْتَرَأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَحَ الْبَابَ ! قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " افْتَحُوا لَهُ ، فَإِنَّهُ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ " ، قَالَ : فَفَتَحُوا لِي ، وَأَخَذَ رَجُلانِ بِعَضُدِي حَتَّى دَنَوْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَقَالَ : " أَرْسِلُوهُ " ، قَالَ : فَأَرْسَلُونِي ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، قَالَ : فَأَخَذَ بِمَجْمَعِ قَمِيصِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَسْلِمْ يَابْنَ الْخَطَّابِ ، اللَّهُمَّ اهْدِهِ " ، قَالَ : قُلْتُ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً ، سُمِعَتْ بِطُرِقِ مَكَّةَ ، قَالَ : وَقَدْ كَانَ اسْتَخْفَى ، قَالَ : ثُمَّ خَرَجْتُ ، فَكُنْتُ لا أَشَاءُ إِنْ أَرَى رَجُلا قَدْ أَسْلَمَ يَضْرِبُ إِلا رَأَيْتُهُ ، قَالَ : فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ : لا أُحِبُّ إِلا أَنْ يُصِيبَنِي مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ : فَذَهَبْتُ إِلَى خَالِي ، وَكَانَ شَرِيفًا فِيهِمْ ، فَقَرَعْتُ الْبَابَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : ابْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : فَخَرَجَ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ ؟ قَالَ : فَعَلْتَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : لا تَفْعَلْ ! قَالَ : فَقُلْتُ : بَلَى ، قَدْ فَعَلْتُ ، قَالَ : لا تَفْعَلْ ! وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي وَتَرَكَنِي ، قَالَ : قُلْتُ : مَا هَذَا بِشَيْءٍ ! قَالَ : فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَجُلا مِنْ عُظَمَاءِ قُرَيْشٍ ، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : فَخَرَجَ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ ؟ قَالَ : فَعَلْتَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَلا تَفْعَلْ ! قُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ ، قَالَ : لا تَفْعَلْ ! قَالَ : ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ ، وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي ، قَالَ : فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ انْصَرَفْتُ ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ : تُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ إِسْلامُكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِذَا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ ، وَاجْتَمَعُوا أَتَيْتَ فُلانًا رَجُلا لَمْ يَكُنْ يَكْتُمِ السِّرَّ ، فَاصْغَ إِلَيْهِ ، وَقُلْ لَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ : إِنِّي قَدْ صَبَوْتُ ، فَإِنَّهُ سَوْفَ يُظْهِرُ عَلَيْكَ وَيُصِيحُ وَيُعْلِنُهُ ، قَالَ : فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ ، فَجِئْتُ الرَّجُلَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، فَقُلْتُ : أَعَلِمْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ ؟ فَقَالَ : أَلا إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَا ، قَالَ : فَمَا زَالَ النَّاسُ يَضِرُبوِني وَأَضْرِبُهُمْ ، قَالَ ، فَقَالَ خَالِي : مَا هَذَا ؟ فَقِيلَ : ابْنُ الْخَطَّابِ ! قَالَ : فَقَامَ عَلَى الْحِجْرِ فَأَشَارَ بِكُمِّهِ ، فَقَالَ : أَلا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أُخْتِي ، قَالَ : فَانْكَشَفَ النَّاسُ عَنِّي ، وَكُنْتُ لا أَشَاءُ أَنْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُضْرَبُ إِلا رَأَيْتُهُ ، وَأَنَا لا أُضْرَبُ ، قَالَ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا بِشَيْءٍ حَتَّى يُصِيبَنِي مِثْلَ مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ ؟ قَالَ : فَأَمْهَلْتُ حَتَّى إِذَا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ ، وَصَلْتُ إِلَى خَالِي ، فَقُلْتُ : اسْمَعْ ، فَقَالَ : مَا أَسْمَعُ ؟ . قَالَ قُلْتُ : جِوَارُكَ عَلَيْكَ رَدٌّ ، قَالَ : فَقَالَ : لا تَفْعَلْ يَابْنَ أُخْتِي ، قَالَ قُلْتُ : بَلْ هُوَ ذَاكَ ، فَقَالَ : مَا شِئْتَ ! قَالَ : فَمَا زِلْتُ أُضْرَبُ وَأَضْرِبُ حَتَّى أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلامَ . أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ ، بِإِسْنَادِهِ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا بَعَثَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ ، فِي طَلَبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ فِي دَارٍ فِي أَصْلِ الصَّفَا ، فَلَقِيَهُ النَّحَّامُ ، وَهُوَ نُعْيَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسِيدٍ ، وَهُوَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَدْ أَسْلَمَ قِيلَ ذَلِكَ ، وَعُمَرُ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ ، فَقَالَ : يَا عُمَرُ ، أَيْنَ تُرِيدُ ؟ فَقَالَ : " أَعْمَدُ إِلَى مُحَمَّدٍ الَّذِي سَفَّهَ أَحْلامَ قُرَيْشٍ ، وَشَتَمَ آلْهِتَهُمْ ، وَخَالَفَ جَمَاعَتَهُمْ ، فَقَالَ النَّحَّامُ : وَاللَّهِ لَبِئْسَ الْمَمْشَى مَشَيْتَ يَا عُمَرُ ! وَلَقَدْ فَرَّطْتَ وَأَرَدْتَ هَلَكَةَ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ ! أَوْ تُرَاكَ تَفَلْتَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي زُهْرَةَ ، وَقَدْ قَتَلَتْ مُحَمَّدًا ؟ فَتَحَاوَرَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : إِنِّي لأَظُنُّكَ قَدْ صَبَوْتَ ، وَلَوْ أَعْلَمُ ذَلِكَ لَبَدَأْتُ بِكَ ! فَلَمَّا رَأَى النَّحَّامُ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَهٍ ، قَالَ : فَإِنِّي أُخْبِرُكَ أَنَّ أَهْلَكَ ، وَأَهْلَ خَتْنِكَ قَدْ أَسْلَمُوا ، وَتَرَكُوكَ ، وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ ضَلالَتِكَ ، فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ تِلْكَ بِقَوْلِهَا ، قَالَ : وَأَيُّهُمْ ؟ قَالَ : خَتَنُكَ ، وَابْنُ عَمِّكَ ، وَأُخْتُكَ ، فَانْطَلَقَ عُمَرُ حَتَّى أَتَى أُخْتَهُ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَتْهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ ، نَظَرَ إِلَى أُولِي السَّعَةِ ، فَيَقُولُ : عِنْدَكَ فُلانٌ ، فَوَافَقَ ذَلِكَ ابْنَ عَمِّ عُمَرَ وَخَتْنَهُ ، زَوْجَ أُخْتِهِ ، سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ، فَدَفَعَ إِلَيْه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ ، وَقَدْ أنَزْلَ اللَّهُ تَعَالَى : طه { 1 } مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى { 2 } سورة طه آية 1 - 2 . وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ وَنُقْصَانٌ ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : فَقَالَ عُمَرُ عِنْدَ ذَلِكَ ، يَعْنِي إِسْلامَهُ : وَاللَّهِ لَنَحْنُ بِالإِسْلامِ أَحَقُّ أَنْ نُبَادِيَ مِنَّا بِالُكْفِر ، فَلَيَظْهَرَنَّ بِمَكَّةَ دِينُ اللَّهِ ، فَإِنْ أَرَادَ قَوْمُنَا بَغْيًا عَلَيْنَا نَاجَزْنَاهُمْ ، وَإِنْ قَوْمُنَا أَنْصَفُونَا قَبِلْنَا مِنْهُمْ ، فَخَرَجَ عُمَرُ وَأَصْحَابُهُ فَجَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ إِسْلامَ عُمَرَ سَقَطَ فِي أَيْدِيهِمْ . .