أخبرنا أَبُو مُوسَى ، كِتَابَةً ، أخبرنا أَبُو عَلِيٍّ ، أخبرنا أَبُو نُعَيْمٍ ، حدثنا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ ، حدثنا مُحَمَّد يَحْيَى ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ، عن إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، عن ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : كَانَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ وَرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا ، فَمَشَى إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَكَانَ الطُّفَيْلُ شَرِيفًا شَاعِرًا لَبِيبًا ، فَقَالُوا : يَا طُفَيْلُ إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلادَنَا ، وَهَذَا الرَّجُلُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، قَدْ عَضَلَ بِنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كَالسِّحْرِ ، يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَبِيهِ ، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنِ أَخِيهِ ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجِهِ ، وَإِنَّمَا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ ، فَلا تُكَلِّمْهُ وَلا تَسْمَعْ مِنْهُ . قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا بِي حَتَّى أَجْمَعْتُ أَنْ لا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا وَلا أُكَلِّمَهُ ، حَتَّى حَشَوْتُ أُذُنَيَّ كُرْسُفًا ، فَرَقًا أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ قَوْلِهِ ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لا أَسْمَعَهُ . قَالَ : فَغَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ ، قَالَ : فَقُمْتُ قَرِيبًا مِنْهُ ، فَأَبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُسْمِعَنِي قَوْلَهُ ، فَسَمِعْتُ كَلامًا حَسَنًا ، قَالَ : فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : وَاثَكْلَ أُمِّي ! وَاللَّهِ إِنِّي لَرَجُلٌ شَاعِرٌ لَبِيبٌ مَا يَخْفَى عَلَيَّ الْحَسَنُ مِنَ الْقَبِيحِ ، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَسْمَعَ هَذَا الرَّجُلَ مَا يَقُولُ ! إِنْ كَانَ الَّذِي يَأْتِي حَسَنًا قَبِلْتُهُ ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُهُ . قَالَ : فَمَكَثْتُ حَتَّى انْصَرَفَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهِ ، فَتَبِعْتُهُ ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : يا مُحَمَّدُ ، إِنَّ قَوْمَكَ قَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَبَى إِلا أَنْ أَسْمَعَ قَوْلَكَ ، فَسَمِعْتُ قَولًا حَسَنًا ، فَأَعْرِضْ عَلَيَّ أَمْرَكَ . قَالَ : فَعَرَضَ عَلَيَّ الإِسْلامَ ، وَتَلا عَلَيَّ الْقُرْآنَ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ ، وَلا أَمْرًا أَعْدَلَ مِنْهُ ، فَأَسْلَمْتُ ، وَقُلْتُ : يَا رَسُول اللَّهِ ، إِنِّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي قَوْمِي ، وَأَنَا رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ وَدَاعِيهِمْ إِلَى الإِسْلامِ ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لِي آيَةً ، تَكُونُ لِي عَوْنًا عَلَيْهِمْ فِيمَا أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ ، اجْعَلْ لَهُ آيَةً " . قَالَ : فَخَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةٍ تُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ ، وَقَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيَّ مِثْلُ الْمِصْبَاحِ ، قَال : فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ ، فِي غَيْرِ وَجْهِي ، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا مُثْلَةً لِفِرَاقِي دِينَهِمْ ، فَتَحَوَّلَتْ فِي رَأْسِ سَوْطِي ، فَجَعَلَ الْحَاضِرُ يَتَرَاءُونَ ذَلِكَ النُّورَ فِي سَوْطِي ، كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ ، وَأَنَا أَهْبِطُ إِلَيْهِمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ ، فَلَمَّا نَزَلْتُ أَتَانِي أَبِي وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا ، فَقُلْتُ : إِلَيْكَ عَنِّي أَبَهْ ، فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي . قَالَ : وَلِمَ ، أَيْ بُنَيَّ ؟ قُلْتُ : إِنِّي أَسْلَمْتُ ، قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، فَدِينِي دِينُكَ ، فَأَسْلَمَ ، ثُمَّ أَتَتْنِي صَاحِبَتِي ، فَقُلْتُ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ ، فَأَسْلَمْتُ ، وَقَالَتْ : أَيَخَافُ عَلَيَّ مِنْ ذِي الشَّرَى ؟ صَنَمٍ لَهُمْ ، فَقُلْتُ : لا ، أَنَا ضَامِنٌ لِذَلِكَ . ثُمَّ دَعَوْتُ دَوْسًا فَأَبْطَئُوا عن الإِسْلامِ ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ، فَقُلْتُ : يا رَسُول اللَّهِ ، إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَلَى دَوْسٍ الزِّنَا ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : " اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا ، ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ وَارْفُقْ بِهِمْ " . قَالَ : فَرَجَعْتُ ، فَلَمْ أَزَلْ بِأَرْضِ قَوْمِي دَوْسٍ أَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ حَتَّى هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَقَضَى بَدْرًا ، وَأُحُدًا ، وَالْخَنْدَقَ ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ أَسْلَمَ مَعِي مِنْ قَوْمِي ، وَرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ ، حَتَّى نَزَلْتُ الْمَدِينَةَ بِسَبْعِينَ أَوْ بِثَمَانِينَ بَيْتًا مِنْ دَوْسٍ ، ثُمَّ لَحِقْنَا بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ ، فَأَسْهَمَ لَنَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ . ثُمَّ لَمْ أَزَلْ مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مَكَّةَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُول اللَّهِ ، ابْعَثْنِي إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ ، صَنَمِ عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ ، حَتَّى أُحَرِّقَهُ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ طُفَيْلٌ يَقُولُ وَهُوَ يُحَرِّقُهُ ، وَكَانَ مِنْ خَشَبٍ : يَا ذَا الْكَفَّيْنِ لَسْتُ مِنْ عِبَادِكَا مِيلادُنَا أَقْدَمُ مِنْ مِيلادِكَا إِنِّي حَشَوْتُ النَّارَ فِي فُؤَادِكَا ثُمَّ رَجَعَ طُفَيْلٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ ، حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ | الطفيل بن عمرو الدوسي | صحابي |
ابْنِ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ | إبراهيم بن سعد الزهري | ثقة حجة |
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ | أحمد بن محمد البغدادي | صدوق حسن الحديث |
مُحَمَّد يَحْيَى | محمد بن يحيى الدينوري | صدوق حسن الحديث |
حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ | حبيب بن الحسن البغدادي | ثقة |
أَبُو نُعَيْمٍ | أحمد بن عبد الله الأصبهاني | ثقة |
أَبُو عَلِيٍّ | الحسن بن أحمد الأصبهاني | ثقة |
أَبُو مُوسَى | محمد بن عمر المديني / ولد في :501 / توفي في :581 | ثقة حافظ |