أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَوِيِّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَغْلَبِيُّ ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَفَاعَةَ ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْخُلَعِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ النَّحَّاسِ ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْوَرْدِ ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ح . وَأَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قَدَامَةَ ، وَأَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ عَلَّانَ ، إِجَازَةً ، أَنَّ حَنْبَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُمْ : أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْوَاعِظُ ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَالِكِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ح وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَغَيْرُهُ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ ح وَسَهْلِ بْنِ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ح وَعَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ ح وَحَجَّاجِ بْنِ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا زُفَرُ بْنُ قُرَّةَ ، جَمِيعُهُمْ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ ، قَالَ : كُنْتُ رَجُلًا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ ، مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا جَيُّ وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَهَا ، وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ ، فَلَمْ يَزَلْ بِي حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ ، فَاجْتَهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَاطِنَ النَّارِ الَّذِي يُوقِدُهَا لَا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً ، وَكَانَتْ لِأَبِي ضَيْعَةٌ عَظِيمَةٌ ، فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا ، فَقَالَ لِي : يَا بُنَيَّ ، إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانِي هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي ، فَاذْهَبْ فَاطْلَعْهَا ، وَأَمَرَنِي بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ . فَخَرَجْتُ ، ثُمَّ قَالَ : لَا تَحْتَبِسُ عَلَيَّ؛ فَإِنَّكَ إِنِ احْتَبَسْتَ عَلَيَّ كُنْتَ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ضَيْعَتِي ، وَشَغَلْتَنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِي ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى ، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَكُنْتُ لَا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ بِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهِمْ ، وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ ، دَخَلْتُ إِلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَتْنِي صَلَوَاتُهُمْ ، وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ ، وَقُلْتُ : هَذَا - وَاللَّهِ - خَيْرٌ مِنَ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ؛ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي وَلَمْ آتِهَا ، فَقُلْتُ لَهُمْ : أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينَ ؟ قَالُوا : بِالشَّامِ ، قَالَ : ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي وَقَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِي وَشَغَلْتُهُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ ، فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، أَيْنَ كُنْتَ ؟ أَلَمْ أَكُنْ عُهِدْتُ إِلَيْكَ مَا عَهِدْتُ ؟ قُلْتُ : يَا أَبَةِ ، مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ دِينِهِمْ ، فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ . قَالَ : أَيْ بُنِّيَّ ، لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْهُ . قُلْتُ : كَلَّا وَاللَّهِ ، إِنَّهُ لِخَيْرٌ مِنْ دِينِنَا . قَالَ : فَخَافَنِي ، فَجَعَلَ فِي رِجْلِي قَيْدًا ، ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ . قَالَ : وَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى ، فَقُلْتُ : إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنَ النَّصَارَى ، فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ ، قَالَ : فَأَخْبَرُونِي بِهِمْ ، فَقُلْتُ : إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ ، وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ ، فَأَخْبِرُونِي . قَالَ : فَفَعَلُوا ، فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلِي ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ . فَلَمَّا قَدِمْتُهَا ، قُلْتُ : مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ ؟ قَالُوا : الْأَسْقُفُّ فِي الْكَنِيسَةِ . فَجِئْتُهُ ، فَقُلْتُ : إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ فِي كَنِيسَتِكَ ، وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ ، وَأُصَلِّي مَعَكَ . قَالَ : فَادْخُلْ ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ ، فَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا ، فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ مِنْهَا شَيْئًا ، اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ ، وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ ، فَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لَمَّا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ ، ثُمَّ مَاتَ ، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : إِنَّ هَذَا رَجُلُ سُوءٍ ، يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ ، وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا ، فَإِذَا جِئْتُمْ بِهَا ، كَنَزَهَا لِنَفْسِهِ ، وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ ، وَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَ كَنْزِهِ سَبْعَ قِلالٍ مَمْلُوءَةٍ ، فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا : وَاللَّهِ لَا نَدْفِنُهُ أَبَدًا . فَصَلَبُوهُ ثُمَّ رَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ . ثُمَّ جَاءُوا بِرَجُلٍ جَعَلُوهُ مَكَانَهُ ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا - يَعْنِي لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ - أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ ، أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا ، وَلَا أَرْغَبُ فِي الْآخِرَةِ ، وَلَا أَدْأَبُ لَيْلًا وَنَهَارًا ، مَا أَعْلَمُنِي أَحْبَبْتُ شَيْئًا قَطُّ قَبْلَهُ حُبَّهُ ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَقُلْتُ : يَا فُلَانُ ، قَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَحْبَبْتُ شَيْئًا قَطُّ حُبَّكَ ، فَمَاذَا تَأْمُرُنِي وَإِلَى مَنْ تُوصِينِي ؟ قَالَ لِي : يَا بُنَيَّ - وَاللَّهِ - مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَجُلًا بِالْمَوْصِلِ فَائْتِهِ؛ فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِي . فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ لَحِقْتُ بِالْمَوْصِلِ ، فَأَتَيْتُ صَاحِبَهَا ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ مِنَ الاجْتِهَادِ وَالزُّهْدِ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنْ فُلانًا أَوْصَانِي إِلَيْكَ أَنْ آتِيَكَ وَأَكُونَ مَعَكَ . قَالَ : فَأَقِمْ أَيْ بُنَيَّ . فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ عَلَى مِثْلِ أَمْرِ صَاحِبِهِ حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ . فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ فُلانًا أَوْصَى بِي إِلَيْكَ وَقَدْ حَضَرَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي ؟ وَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ ، أَيْ بُنَيَّ ، إِلَّا رَجُلًا بِنَصِيبِينَ ، فَلَمَّا دَفَنَّاهُ ، لَحِقْتُ بِالْآخَرِ ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ حَتَّى حَضَرَهُ الْمَوْتُ ، فَأَوْصَى بِي إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ عَمُّورِيَّةَ بِالرُّومِ ، فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ ، وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَ لِي غُنَيْمَةٌ وَبُقَيْرَاتٌ . ثُمَّ احْتُضِرَ فَكَلَّمْتُهُ إِلَى مَنْ يُوصِي بِي ؟ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقِيَ أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ ، وَلَكِنْ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ مِنَ الْحَرَمِ ، مُهَاجَرَهُ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ إِلَى أَرْضٍ سَبِخَةٍ ذَاتِ نَخْلٍ ، وَإِنَّ فِيهِ عَلامَاتٍ لَا تَخْفَى ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنَّ تَخْلُصَ إِلَى تِلْكَ الْبِلَادِ فَافْعَلْ؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُهُ . فَلَمَّا وَارَيْنَاهُ ، أَقَمْتُ حَتَّى مَرَّ بِي رِجَالٌ مِنْ تُجَّارِ الْعَرَبِ مِنْ كَلْبٍ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : تَحْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ ، وَأُعْطِيكُمْ غُنَيْمَتِي وَبَقَرَاتِي هَذِهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . فَأَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا وَحَمَلُونِي ، حَتَّى إِذَا جَاءُوا بِي وَادِي الْقُرَى ظَلَمُونِي ، فَبَاعُونِي عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ بِوَادِي الْقُرَى ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّخْلَ ، وَطَمِعْتُ أَنْ يَكُونَ الْبَلَدَ الَّذِي نَعَتَ لِي صَاحِبِي . وَمَا حَقَّتْ عِنْدِي حَتَّى قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَادِي الْقُرَى ، فَابْتَاعَنِي مِنْ صَاحِبِي ، فَخَرَجَ بِي حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا ، فَعَرَفْتُ نَعْتَهَا . فَأَقَمْتُ فِي رِقٍّ ، وَبَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ لَا يُذْكَرُ لِي شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الرِّقِّ ، حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبَاءَ ، وَأَنَا أَعْمَلُ لِصَاحِبِي فِي نَخْلَةٍ لَهُ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِيهَا إِذْ جَاءَهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ ، فَقَالَ : يَا فُلَانُ ، قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ ، وَاللَّهِ إِنَّهُمُ الْآنَ لَفِي قُبَاءَ مُجْتَمِعُونَ عَلَى رَجُلٍ جَاءَ مِنْ مَكَّةَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ . فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنَّ سَمِعْتُهَا فَأَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ - يَقُولُ الرِّعْدَةُ - حَتَّى ظَنَنْتُ لَأَسْقُطَنَّ عَلَى صَاحِبِي ، وَنَزَلْتُ أَقُولُ : مَا هَذَا الْخَبَرُ ؟ فَرَفَعَ مَوْلايَ يَدَهُ فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً ، وَقَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا ، أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ . فَقُلْتُ : لَا شَيْءَ؛ إِنَّمَا سَمِعْتُ خَبَرًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَهُ . فَلَمَّا أَمْسَيْتُ ، وَكَانَ عِنْدِي شَيْءٌ مِنْ طَعَامٍ ، فَحَمَلْتُهُ وَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِقُبَاءَ ، فَقُلْتُ لَهُ : بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ ، وَأَنَّ مَعَكَ أَصْحَابًا لَكَ غُرَبَاءَ ، وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ مِنَ الصَّدَقَةِ فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ مَنْ بِهَذِهِ الْبِلَادِ ، فَهَاكَ هَذَا ، فَكُلْ مِنْهُ . قَالَ : فَأَمْسَكَ ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : كُلُوا . فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : هَذِهِ خَلَّةٌ مِمَّا وَصَفَ لِي صَاحِبِي ، ثُمَّ رَجَعْتُ ، وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَجَمَعْتُ شَيْئًا كَانَ عِنْدِي ثُمَّ جِئْتُهُ بِهِ ، فَقُلْتُ : إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ . فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلَ أَصْحَابُهُ ، فَقُلْتُ : هَذِهِ خَلَّتَانِ ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتْبَعُ جِنَازَةً وَعَلَيَّ شَمْلَتَانِ لِي وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ ، فَاسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ إِلَى ظَهْرِهِ هَلْ أَرَى الْخَاتَمَ الَّذِي وُصِفَ ، فَلَمَّا رَآنِي اسْتَدْبَرْتُهُ عَرِفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ فِي شَيْءٍ وُصِفَ لِي ، فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ فَعَرَفْتُهُ ، فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي ، فَقَالَ لِي : تَحَوَّلْ . فَتَحَوَّلْتُ ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ حَدِيثِي كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ ، ثُمَّ شَغَلَ سَلْمَانُ الرِّقَّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرٌ وَأُحُدٌ . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ . فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلَاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ بِالْفَقِيرِ وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : أَعِينُوا أَخَاكُمْ . فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ الرَّجُلُ بِثَلَاثِينَ وَدِيَّةً وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ ، وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ ثَلَاثُ مِائَةِ وَدِيَّةٍ . فَقَالَ : اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَائْتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدِي . فَفَقَّرْتُ لَهَا وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي ، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا ، جِئْتُهُ وَأَخْبَرْتُهُ ، فَخَرَجَ مَعِي إِلَيْهَا نُقَرِّبُ لَهُ الْوَدِيَّ ، وَيَضَعُهُ بِيَدِهِ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ ، فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ ، وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ بَيْضَةِ دَجَاجَةٍ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ بَعْضِ الْمَغَازِي ، فَقَالَ : مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتِبُ ؟ فَدُعِيتُ لَهُ ، فَقَالَ : خُذْهَا فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ . قُلْتُ : وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّا عَلَيَّ ؟ قَالَ : خُذْهَا فَإِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ . فَأَخَذْتُهَا فَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، وَأَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهُمْ وَعَتَقْتُ ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَنْدَقَ حُرًّا ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ . زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، فَقَالَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ ، عَنْ سَلْمَانَ : قَالَ : لَمَّا قُلْتُ لَهُ : وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِنَ الَّذِي عَلَيَّ ؟ أَخَذَهَا فَقَلَّبَهَا عَلَى لِسَانِهِ ، ثُمَّ قَالَ : خُذْهَا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ | سلمان الفارسي | صحابي |
ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |
مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ | محمود بن لبيد الأشهلي / توفي في :96 | له رؤية |
عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ | عاصم بن عمر الأنصاري | ثقة |
ابْنِ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
زُفَرُ بْنُ قُرَّةَ | زفر بن قرة بن خالد السدوسي | ثقة |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ | عبد الله بن إدريس الأودي / ولد في :115 / توفي في :192 | ثقة حجة |
يَحْيَى بْنِ آدَمَ | يحيى بن آدم الأموي / توفي في :203 | ثقة حافظ فاضل |
يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ | يحيى بن زكريا الهمداني / ولد في :120 / توفي في :183 | ثقة متقن |
وَسَهْلِ بْنِ عُثْمَانَ | سهل بن عثمان الكندي | صدوق حسن الحديث |
يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ | يونس بن بكير الشيباني / توفي في :199 | صدوق حسن الحديث |
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ | محمد بن نمير الهمداني / توفي في :234 | ثقة حافظ |
أَبِي | إبراهيم بن سعد الزهري | ثقة حجة |
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ | يعقوب بن إبراهيم القرشي / توفي في :208 | ثقة |
أَبِي | أحمد بن حنبل الشيباني | ثقة حافظ فقيه حجة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ | عبد الله بن أحمد الشيباني / ولد في :213 / توفي في :290 | ثقة حجة |
أَبُو بَكْرٍ الْمَالِكِيُّ | محمد بن علي المالكي | مجهول الحال |
أَبُو عَلِيٍّ الْوَاعِظُ | الحسن بن علي التميمي | ضعيف الحديث |
أَبُو الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيُّ | هبة الله بن محمد الشيباني / ولد في :432 / توفي في :525 | ثقة |
حَنْبَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ | حنبل بن عبد الله الرصافي | صدوق حسن الحديث |
وَأَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ عَلَّانَ | المسلم بن محمد القيسي / ولد في :594 / توفي في :680 | مجهول الحال |
أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قَدَامَةَ | عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي / ولد في :597 / توفي في :682 | ثقة إمام |
ابْنِ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ | زياد بن عبد الله البكائي | صدوق حسن الحديث |
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ | عبد الملك بن هشام السدوسي | ثقة |
أَبُو سَعِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ | عبد الرحيم بن عبد الله البرقي / توفي في :286 | ثقة |
أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْوَرْدِ | عبد الله بن جعفر المصري / توفي في :351 | ثقة |
أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ النَّحَّاسِ | عبد الرحمن بن عمر الكندي / ولد في :323 / توفي في :416 | ثقة |
أَبُو الْحَسَنِ الْخُلَعِيُّ | علي بن الحسن الموصلي / ولد في :405 / توفي في :492 | ثقة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَفَاعَةَ | عبد الله بن رفاعة السعدي / ولد في :467 / توفي في :561 | صدوق حسن الحديث |
أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ | أحمد بن إسحاق الهمذاني | ثقة |