تفسير

رقم الحديث : 85

أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيلٍ ، أَخْبَرَنَا اللَّبَّانُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ هِلالِ بْنِ خَبَّابٍ ، عَنْ قَزَعَةَ ، قَالَ : " رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ ثِيَابًا خَشِنَةً أَوْ جَشِبَةً ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ بِثَوْبٍ لَيِّنٍ مِمَّا يُصْنَعُ بِخُرَاسَانَ ، وَتَقَرُّ عَيْنَايَ أَنْ أَرَاهُ عَلَيْكَ . قَالَ : أَرِنِيهِ ، فَلَمَسَهُ ، وَقَالَ : أَحَرِيرٌ هَذَا ؟ قُلْتُ : لا ، إِنَّهُ مِنْ قُطْنٍ . قَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَلْبَسَهُ ، أَخَافُ أَكُونُ مُخْتَالا فَخُورًا ، وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ سورة الحديد آية 23 " . قُلْتُ : كُلُّ لِبَاسٍ أَوْجَدَ فِي الْمَرْءِ خُيَلاءَ وَفَخْرًا فَتَرْكُهُ مُتَعَيِّنٌ وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَهَبٍ وَلا حَرِيرٍ . فَإِنَّا نَرَى الشَّابَّ يَلْبَسُ الْفَرَجِيَّةَ الصُّوفَ بِفَرْوٍ مِنْ أَثْمَانِ أَرْبَعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَنَحْوِهَا ، وَالْكِبْرُ وَالْخُيَلاءُ عَلَى مِشْيَتِهِ ظَاهِرٌ ، فَإِنْ نَصَحْتَهُ وَلُمْتَهُ بِرِفْقٍ كَابَرَ ، وَقَالَ : مَا فِي خُيَلاءَ وَلا فَخْرٍ . وَهَذَا السَّيِّدُ ابْنُ عُمَرَ يَخَافُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ . وَكَذَلِكَ تَرَى الْفَقِيهَ الْمُتْرَفَ إِذَا لِيمَ فِي تَفْصِيلِ فَرَجِيَّةٍ تَحْتَ كَعْبَيْهِ ، وَقِيلَ لَهُ : قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَسْفَلُ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ " . يَقُولُ : إِنَّمَا قَالَ هَذَا فِيمَنْ جَرَّ إِزَارَهُ خُيَلاءَ ، وَأَنَا لا أَفْعَلُ خُيَلاءَ . فَتَرَاهُ يُكَابِرُ ، وَيُبَرِّئُ نَفْسَهُ الْحَمْقَاءَ ، وَيَعْمَدُ إِلَى نَصٍّ مُسْتَقِلٍّ عَامٍّ ، فَيَخُصُّهُ بِحَدِيثٍ آخَرَ مُسْتَقِلٍّ بِمَعْنَى الْخُيَلاءِ ، وَيَتَرَخَّصُ بِقَوْلِ الصِّدِّيقِ : إِنَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَسْتَرْخِي إِزَارِي ، فَقَالَ : " لَسْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاءَ " . فَقُلْنَا : أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ يَشُدُّ إِزَارَهُ مَسْدُولا عَلَى كَعْبَيْهِ أَوَّلا ، بَلْ كَانَ يَشُدُّهُ فَوْقَ الْكَعْبِ ، ثُمَّ فِيمَا بَعْدَ يَسْتَرْخِي . وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ : " إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ ، لا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ " . وَمِثْلُ هَذَا فِي النَّهْيِ لِمَنْ فَصَّلَ سَرَاوِيلَ مُغَطِّيًا لِكِعَابِهِ . وَمِنْهُ طُولُ الأَكْمَامِ زَائِدًا ، وَتَطْوِيلَ الْعَذَبَةِ . وَكُلُّ هَذَا مِنْ خُيَلاءَ كَامِنٍ فِي النُّفُوسِ . وَقَدْ يُعْذَرُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِالْجَهْلِ ، وَالْعَالِمُ لا عُذْرَ لَهُ فِي تَرْكِهِ الإِنْكَارِ عَلَى الْجَهَلَةِ . فَإِنْ خَلَعَ عَلَى رَئِيسٍ خِلْعَةً سِيرَاءَ مِنْ ذَهَبٍ وَحَرِيرٍ وَقَنْدَسَ ، يَحْرُمُهُ مَا وَرَدَ فِي النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَلُبْسِهَا ، الشَّخْصُ يَسْحَبُهَا وَيَخْتَالُ فِيهَا ، وَيَخْطِرُ بِيَدِهِ وَيَغْضَبُ مِمَّنْ لا يُهَنِّيهِ بِهَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ ، وَلا سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ خِلْعَةُ وَزَارَةٍ وَظُلْمٍ وَنَظَرِ مَكْسٍ ، أَوْ وِلايَةِ شُرْطَةٍ . فَلْيَتَهَيَّأْ لِلْمَقْتِ وَللْعَزْلِ وَالإِهَانَةِ وَالضَّرْبِ ، وَفِي الآخِرَةِ أَشَدُّ عَذَابًا وَتَنْكِيلا . فَرَضِيَ اللَّهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِيهِ . وَأَيْنَ مَثَلُ ابْنِ عُمَرَ فِي دِينِهِ ، وَوَرَعِهِ وَعِلْمِهِ ، وَتَأَلُّهِهِ وَخَوْفِهِ ، مِنْ رَجُلٍ تُعْرَضُ عَلَيْهِ الْخِلافَةُ ، فَيَأْبَاهَا ، وَالْقَضَاءُ مِنْ مِثْلِ عُثْمَانَ ، فَيَرُدُّهُ ، وَنِيَابَةُ الشَّامِ لِعَلِيٍّ ، فَيَهْرُبُ مِنْهُ . فَاللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ ، وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ عُمَرَ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.