وحكي عن أبي المظفر محمد بْن محمد بْن قزمي الإسكافي إمام الوزير علي بْن طراد الزينبي ، قال : لما كنا مع الإمام المسترشد بالله ؛ يعني : بالمعسكر بباب همذان ، كان معنا إنسان يعرف بـ : فارس الإسلام ، وكان يقرب من خدمه الخليفة ، قال : فجاء ليلة من الليالي قبل طلوع الفجر ، فدخل على الوزير فسلم عليه ، قال : ما جاء بك في هذا الوقت ؟ قال : منام رأيته الساعة ، وهو كأن خمسة نفر قد توجهوا للصلاة واحد يؤمهم ، فجئت فصليت معهم ، ثم قلت لواحد منهم : من هذا الذي يصلي بنا ؟ فقال : هذا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ومن أنت ؟ فقال : أنا علي بْن أبي طالب ، وهؤلاء أصحابه . فقمت وقبلت يده الشريفة ، وقلت : يا رسول الله ، ما تقول في هذا الجيش ، وعنيت عسكر الخليفة ؟ فقال : هذا جيش مكسور مقهور ، وأريد أن تطالع الخليفة بهذا المنام . فقال الوزير : يا فارس الإسلام ، أنا أشرت على الخليفة أن لا يخرج من بغداد . فقال لي : يا علي ، أنت عاجز ، ارجع إلى بيتك . وأقول له هذه الرؤيا ، فربما تطير بها . ثم يقول : قد جاءني بترهات . قال : أفلا أنهي ذلك إليه ؟ قال : بلى ، تقول لابن طلحة ، صاحب المخزن ، فذاك منبسط ، وينهي مثل هذا . قال : فخرج من عند الوزير ثم دخل إلى صاحب المخزن ، فأورد عليه الرؤيا . فقال : ما أشتهي أن أنهي إليه ما يتطير به . قال : فيجوز أني أذكر هذا . قال : اكتب إليه واعرضها وأخل موضع مقهور . قال : فكتبتها وجئت إلى باب السرادق ، فوجدت مرتجا الخادم في الدهليز ، ورأيت الخليفة ، وقد صلى الفجر ، والمصحف على فخذه ، وهو يقرأ ، ومقابله ابن سكينة إمامه ، والشمعة بينهما ، فدخل وسلم الرقعة إليه ، وأنا أنظره ، فقرأها ثم رفع رأسه إلى الخادم ، ثم قرأها ثانيا ، ثم نظر إليه ، ثم قرأها ثالثا ، ثم قال : من كتب هذه الرقعة ؟ فقال : فارس الإسلام . فقال : وأين هو ؟ قال : بباب السرادق . قال : فأحضره . فجاء فقبض علي يدي ، فبقيت أرعد خيفة من تطيره ، فدخلت وقبلت الأرض . فقال : وعليكم السلام ، ثم قرأ الرقعة ثلاث مرات أخرى ، وهو ينظر إلي . ثم قال : من كتب هذه الرقعة ؟ فقلت : أنا يا أمير المؤمنين . فقال : ويلك ، لم أخليت موضع الكلمة الأخرى ؟ فقلت : هو ما رأيت يا أمير المؤمنين . فقال : ويلك ، هذا المنام رأيته الساعة أنا . فقلت : يا مولانا ، لا يكون أصدق من رؤياك ، نرجع من حيث جئنا . فقال : ويلك ، ونكذب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؟ ! لا والله ، ما بقي لنا رجعة ويقضي الله ما يشاء . فلما كان اليوم الثاني ، أو الثالث وقع المصاف ، وتم ما تم وكسر وأسر وقتل ، وروي أنه رأى في نومه في الأسبوع الذي استشهد فيه ، كأن على يده حمامة مطوقة ، وأتاه آت . وقال له : خلاصك في هذا ، فلما أصبح قص على ابن سكينة الإمام ما رأى . فقال : يكون خيرا . ثم قال : ما أولته يا أمير المؤمنين ؟ قال : ببيت أبي تمام ؛ حيث يقول : هن الحمام فإن كسرت عيافه حاء الحمام فإنهن حمام وخلاصي في حمامي ، وليت من يأتي فيخلصني مما أنا فيه من الذل والحبس ، فقتل بعد أيام . ومن شعره لما كسر وأشير عليه بالهزيمة : قالوا تقيم وقد أحاط بك العدو ولا تفر فأجبتهم المرء ما لم يتعظ بالوعظ غر لا نلت خيرا ما حييت ولا عداني الدهر شر إن كنت أعلم أن غير الله ينفع أو يضر سمع : المسترشد بالله الحديث من أبي القاسم علي بْن أحمد الرزاز ، ومن مؤدبه أبي البركات أحمد بْن عبد الوهاب بْن هبة الله بْن السيبي ، وحدث ، وقد أسندنا حديثه . كتب إلي أحمد بْن أبي طالب ، عن محمد بْن محمود ، أَخْبَرَنَا أبو أحمد عبد الوهاب بْن علي بْن علي بْن عبيد الله ، قراءة عليه ، أَخْبَرَنَا أبو القاسم إسماعيل بْن أحمد بْن عمر السمرقندي ، قراءة عليه ، قال : قرأت على السيد الأجل الرضا ، نقيب النقباء ، شرف الدين ، خالصة الخلافة ، وزير أمير المؤمنين ، أبي القاسم علي بْن طراد بْن محمد بْن علي الزينبي ، أدام الله سعادته وتوفيقه . قلت له : قرئ على سيدنا ومولانا الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين ، أدام الله أيامه ، وأعانه على ما استرعاه ، وأيده بنصره وجنده ، وبلغه نهاية أمله في ولي عهده ، وجميع ولده ، بمنه وكرمه ، وأنت تسمع في يوم الأحد ، عاشر المحرم ، سنة سبع عشرة وخمس مائة ، في عودة من قتال المارقين مظفر منصورا . قيل له : أخبركم علي بن أحمد بْن محمد الرزاز ، أَخْبَرَنَا محمد بْن محمد بْن الرزاز ، حَدَّثَنَا إسماعيل بْن محمد الصفار ، حَدَّثَنَا الحسن بْن عرفة ، حَدَّثَنَا عبيس بْن مرحوم . الحديث .
الأسم | الشهرة | الرتبة |