أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ ، أخبرني أَبُو عَبْد اللَّه الزبير بْن عَبْد الواحد الحافظ الأسداباذى ، قَالَ : سمعت أَبَا سَعِيد مُحَمَّد بْن عقيل الفريابي ، يقول : قَالَ المزني ، أو الربيع : كنا يوما عند الشافعي ، بين الظهر والعصر ، عند الصحن فِي الصفة ، والشافعي قد استند ، إما قَالَ : إِلَى الأسطوانة ، وإما قَالَ : إِلَى غيرها ، إذ جاء شيخ عَلَيْهِ جبة صوف ، وعمامة صوف ، وإزار صوف ، وفي يده عكازه ، قَالَ : فقام الشافعي ، وسوى عَلَيْهِ ثيابه ، واستوى جالسا ، قَالَ : وسلم الشَّيْخ ، وجلس ، وأخذ الشافعي ينظر إِلَى الشَّيْخ هيبة لَهُ ، إذ قَالَ لَهُ الشَّيْخ : أسأل ؟ قَالَ الشافعي : سل . قَالَ : أيش الحجة فِي دين اللَّه ؟ فقال الشافعي : كتاب اللَّه . قَالَ : وماذا ؟ قَالَ : وسنة رَسُول اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ : وماذا ؟ قَالَ : اتفاق الأمة . قَالَ : من أين قلت : اتفاق الأمة ؟ قَالَ : من كتاب اللَّه . قَالَ : من أين فِي كتاب اللَّه ؟ قَالَ : فتدبر الشافعي ساعة . فقال الشَّيْخ : قد أجلتك ثلاثة أيام ولياليها ، فإن جئت بحجة من كتاب اللَّه فِي الاتفاق ، وإلا تب إِلَى اللَّه ، عز وجل . قَالَ : فتغير لون الشافعي ، ثم إنه ذهب فلم يخرج ثلاثة أيام ولياليهن ، قَالَ : فخرج إلينا فِي اليوم الثالث فِي ذلك الوقت ، يعنى : بين الظهر والعصر ، وقد انتفخ وجهه ، ويداه ، ورجلاه وَهُوَ مسقام ، فجلس قَالَ : فلم يكن بأسرع من أن جاء الشَّيْخ ، فسلم وجلس ، فقال : حاجتي . فقال الشافعي : نعم ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ اللَّه ، عز وجل : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا سورة النساء آية 115 لا نصليه عَلَى خلاف المؤمنين ، إلا وَهُوَ فرض ، فقال : صدقت . وقام وذهب . قَالَ الفريابي : قَالَ المزني ، أو الربيع : قَالَ الشافعي : لما ذهب الرجل ، قرأت القرآن فِي كل يوم وليلة ثلاث مرات ، حتى وقفت عَلَيْهِ . قلت : إن ثبتت هَذِهِ الحكاية ، فيمكن أن يكون هَذَا الشَّيْخ : الخضر ، عَلَيْهِ السلام ، وقد فهمه الشافعي حين أجله ، واستمع لَهُ ، وأصغى لإغلاظه فِي القول ، واعتمد إشارته ، وسند هَذِهِ الحكاية صحيح لا غبار عَلَيْهِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |