تفسير

رقم الحديث : 371

أَخْبَرَنَا غير واحد ، إذنا ، عن أبي الفضل بْن عساكر ، عن أبي الطيب بْن سعد بْن السمعاني ، أَخْبَرَنَا الجنيد بْن محمد الصوفي ، بقراءتي عليه ، أَخْبَرَنَا أبو الفضل محمد بْن أبي الطبسي الحافظ ، بقاين ، أَخْبَرَنَا أبو الحسن محمد بْن القاسم الفارسي ، سمعت أحمد بْن يعقوب بْن عبد الجبار القرشي ، يقول : دخلت مع خالي بغداد سنة ثلاث وثلاث مائة ، وبغداد تغلي بالعلماء والأدباء والشعراء ، وأصحاب الحديث ، وأهل الأخبار ، والمجالس عامرة ، وأهلها متوافرون ، فأردت أن أطوف المجالس كلها ، وأخبر أخبارها . فقيل لي : إن ههنا شيخا ، يقال له : أبو العبر طز أملح الناس ، يحدث بالأعاجيب . فقلت لخالي : مل بنا ندخل على الشيخ . فقال : إنه مهوس ، يضحك منه الناس . فارتحلنا من بغداد ، ولم ندخل عليه ، وكنت أجد في القلب من ذلك ما أجد ، حتى إذا كان انحداري من الشام ، بعد طول من المدة ، فلما دخلت بغداد سألت عنه . فقيل : إنه يعيش وله مجلس . فقمت وعمدت إلى الكاغد والمحبرة ، وقصدت الشيخ ، فإذا الدار مملوءة من أولاد الملوك والأغنياء ، بأيديهم الأقلام يكتبون ، وإذا مستمل قائم في صحن الدار ، وإذا شيخ في صحن الدار ذو جمال وهيبة ، قد وضع في رأسه طاق خف مقلوب ، مشتمل بفرو أسود ، وجعل الجلد مما يلي بدنه ، فجلست في أخريات القوم ، وأخرجت الكاغد ، وانتظرت ما يذكر من الإسناد ، فلما فرغوا قال الشيخ : حَدَّثَنَا الأول ، عن الثاني ، عن الثالث أن الزنج والزط كلهم سود . وحدثني حرياق ، عن يقاق ، عن رياق ، قال : مطر الربيع ماء كله . وحدثني دريد ، عن وريد ، عن رشيد ، قال : الضرير يمشي رويد . قال أبو بكر أحمد بْن يعقوب : فتعجبت من أمره ، وتطلبت به خلوة في أيام ، أعود إليه كل يوم ، فلا أصل إليه ، حتى كانت الليلة التي يخرج فيها الناس إلى الغدير ، اجتزت بباب داره ، فإذا الدار ليس فيها أحد ، فدخلت ، فإذا أنا بالشيخ وحده جالس في صدر الدار ، فدنوت منه ، فسلمت عليه ، فرحب بي وأدناني ، وجعل يسألني ، ورأيت منه من جميل المحيا والعقل والظرافة والأدب ما تحيرت . فقال لي : هل من حاجة ؟ فقلت : نعم ، تحيرت في أمر الشيخ ، وما هو مدفوع إليه ، مما لا يليق بعقله وحسن أدبه وفصاحته ، فتنفس تنفسا شديدا ، ثم قال : يا بني ، إن الاضطرار رفع الاختيار ، إن السلطان أرادني على عمل لم أكن أطيقه ، وحبسني في المطبق أيام حياته ، فلما ولى ابنه عرض علي ما عرضه أبوه ، فأبيت فردني إلى أسوإ حال ، وذهب من يدي ما كنت أملكه ، فاخترت سلامة الدين ، ولم أتعرض لشيء من الدنيا بشيء من ديني ، وصنت العلم عما لا يليق به ، ولم أجد وجها للخلاص ، فتحامقت ، ونجوت ، فها أنا ذا في رغد من العيش .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.