تفسير

رقم الحديث : 379

أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ ، إذنا خاصا ، أَخْبَرَنَا الكمال عمر بْن إلياس بْن يونس المراغي ، أَخْبَرَنَا التقي يوسف بْن أبي بكر النسائي ، بمصر ، أَخْبَرَنَا الكمال محمود بْن عمر الرازي ، قال : سمعت الإمام فخر الدين يوصي بهذه الوصية لما احتضر لتلميذه إبراهيم بْن أبي بكر الأصبهاني ، يقول : العبد الراجي رحمة ربه ، الواثق بكرم مولاه ، محمد بْن عمر بْن الحسن الرازي ، وهو أول عهده بالآخرة ، وآخر عهده بالدنيا ، وهو الوقت الذي يلين فيه كل قاس ، ويتوجه إلى مولاه كل آبق : أحمد الله بالمحامد التي ذكرها أعظم ملائكته في أشرف أوقات معارجهم ، ونطق بها أعظم أنبيائه في أكمل أوقات شهاداتهم ، وأحمده بالمحامد التي يستحقها ، عرفتها ، أو لم أعرفها ؛ لأنه لا مناسبة للتراب مع رب الأرباب ، وصلواته على ملائكته المقربين ، والأنبياء والمرسلين ، وجميع عباد الله الصالحين . اعلموا ، أخلائي في الدين ، وإخواني في طلب اليقين ، أن الناس يقولون : إن الإنسان إذا مات انقطع عمله وتعلقه عن الخلق ، وهذا مخصص من وجهين ؛ الأول : أنه إن بقي منه عمل صالح صار ذلك سببا للدعاء ، والدعاء له عند الله ، تعالى ، أثر ، الثاني : ما يتعلق بالأولاد ، وأداء الجنايات . أما الأول ؛ فاعلموا أني كنت رجلا محبا للعلم ، فكنت أكتب من كل شيء شيئا لأقف على كميته وكيفيته ؛ سواء كان حقا ، أو باطلا ، إلا أن الذي نطق به في الكتب المعتبرة أن العالم المخصوص تحت تدبير مدبره ، المنزه عن مماثلة التحيزات موصوف بكمال القدرة والعلم والرحمة ، ولقد اختبرت الطرق الكلامية ، والمناهج الفلسفية ، فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن ؛ لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلال لله ، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات ، وما ذاك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشى في تلك المضايق العميقة ، والمناهج الخفية . فلهذا أقول : كل ما ثبت بالدلائل الظاهرة ، من وجوب وجوده ووحدته وبراءته عن الشركاء ، كما في القدم ، والأزلية ، والتدبير ، والفعالية ؛ فذلك هو الذي أقول به وألقى الله به ، وأما ما ينتهي الأمر فيه إلى الدقة والغموض ، وكل ما ورد في القرآن والصحاح ، المتعين للمعنى الواحد ؛ فهو كما قال ، والذي لم يكن كذلك أقول : يا إله العالمين ، إني أرى الخلق مطبقين ، على أنك أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ، فكل ما مده قلمي ، أو خطر ببالي ، فأستشهد وأقول : إن علمت مني أني أردت به تحقيق باطل ، أو إبطال حق ، فافعل بي ما أنا أهله ، وإن علمت مني أني ما سعيت إلا في تقديس اعتقدت أنه الحق ، وتصورت أنه الصدق ، فلتكن رحمتك مع قصدي ، لا مع حاصلي ، فذاك جهد المقل ، وأنت أكرم من أن تضايق الضعيف الواقع في زلة ، فأغثني وارحمني واستر زلتي وامح حوبتي ، يا من لا يزيد ملكه عرفان العارفين ، ولا ينقص ملكه بخطإ المجرمين . وأقول : ديني متابعة الرسول محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وكتابي القرآن العظيم ، وتعويلي في طلب الدين عليهما ، اللهم يا سامع الأصوات ، ويا مجيب الدعوات ، ويا مقيل العثرات ، أنا كنت حسن الظن بك ، عظيم الرجاء في رحمتك ، وأنت قلت : " أنا عند ظن عبدي بي " ، وأنت قلت : أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ سورة النمل آية 62 ، فهب أني ما جئت بشيء ، فأنت الغني الكريم ، فلا تخيب رجائي ، ولا ترد دعائي ، واجعلني آمنا من عذابك قبل الموت ، وبعد الموت ، وعند الموت ، وسهل علي سكرات الموت ، فإنك أرحم الراحمين . وأما الكتب التي صنفتها واستكثرت فيها من إيراد السؤالات ؛ فليذكرني من نظر فيها بصالح دعائه على سبيل التفضل والإنعام ، وإلا فليحذف القول السيئ ، فإني ما أردت إلا تكثير البحث ، وشحذ الخاطر ، والاعتماد في الكل على الله . الثاني ، وهو إصلاح أمر الأطفال ، فالاعتماد فيه على الله . ثم إنه سرد وصيته في ذلك ، إلى أن قال : وأمرت تلامذتي ، ومن لي عليه حق ، إذا أنا مت ، يبالغون في إخفاء موتي ، ويدفنوني على شرط الشرع ، فإذا دفنوني قرأوا علي ما قدروا عليه من القرآن ، ثم يقولون : يا كريم ، جاءك الفقير المحتاج ، فأحسن إليه . هذا آخر الوصية .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.