وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيِّ ، بِسَفْحِ قَاسِيُونَ ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ الْخَضِرُ بْنُ كَامِلِ بْنِ سَالِمِ بْنِ سُبَيْعٍ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَسِتِّ مِائَةِ ، وَأَبُو الْيُمْنِ زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكِنْدِي ، إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا ، قَالَ الأَوَّلُ : أَنَا أَبُو الدّر يَاقُوتِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّومِيُّ ، وَقَالَ الثَّانِي : أَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَيْضَاوِيُّ ، قَالا : أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَزَارمَرْد َ ، وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي النُّورِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُورِ بْنِ قَمَرٍ الْهِيتِيِّ ، أَخْبَرَكُمُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ مُوسَى ابْنُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجِيلِيُّ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ ، قَالَ : أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سَعِيدُ بْنُ أَحْمَد بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْبَنَّاءِ ، قَالَ : أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبُسْرِيِّ قَالا : أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْمُخَلِّصُ ، ثنا اللَّهِ يَعْنِي الْبَغَوِيَّ ، ثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، ثنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، ثنا الْحَسَنُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى جَنْبِ خَشَبَةٍ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَيْهَا ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ ، قَالَ : ابْنُوا لِي مِنْبَرًا ، قَالَ : فَبَنَوْا لَهُ عَتَبَتَانِ ، فَلَمَّا قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ ، حَنَّتِ الْخَشَبَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ أَنَسٌ : وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ ، فَسَمِعْتُ الْخَشَبَةَ تَحِنُّ حَنِينَ الْوَالِهِ ، فَمَا زَالَتْ تَحِنُّ حَتَّى نَزَلَ إِلَيْهَا فَاحْتَضَنَهَا ، فَسَكَنَتْ ، فَكَانَ الْحَسَنُ إِذَا حُدِّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى ، ثُمَّ قَالَ : يَا عِبَادَ اللَّهِ الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَوْقًا إِلَيْهِ لِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَى لِقَائِهِ ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : رَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ ، مِنْهُمْ : أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ، وَبُرَيْدَةُ ، وَأُمُّ سَلَمَةَ ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ ، كُلُّهُمْ يُحَدِّثُ بِمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ . قَالَ التِّرْمِذِيُّ : وَحَدِيثُ أَنَسٍ صَحِيحٌ ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ : فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ ، سَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ ، وَفِي رِوَايَةِ أَنَسٍ : حَتَّى ارْتَجَّ الْمَسْجِدُ بِخُوَارِهِ ، وَفِي رِوَايَةِ سَهْلٍ : وَكَثُرَ بُكَاءُ النَّاسِ لِمَا رَأَوْا فِيهِ ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُطَّلِبِ : حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَسَكَتَ ، زَادَ غَيْرُهُ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ هَذَا بَكَى لِمَا فَقَدَ مِنَ الذِّكْرِ ، وَزَادَ غَيْرُهُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمِ الْتَزِمْهُ ، لَمْ يَزَلْ هَكَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَحَزُّنًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَ بِهِ فَدُفِنَ تَحْتَ الْمِنْبَرِ ، وَفِي حَدِيثِ أُبَيٍّ ، أَنَّهُ أَخَذَهُ أُبَيٌّ فَكَانَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ أَكَلَتْهُ الأَرَض وَعَادَ رُفَاتًا ، وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ : فَقَالَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنْ شِئْتَ أَرُدُّكَ إِلَى الْحَائِطِ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ تَنْبُتُ لَكَ عُرُوقُكَ ، وَيُكْمَلُ خَلْقُكَ ، وَيُجَدَّدُ لَكَ خُوصٌ وَثَمَرَةٌ ، وَإِنْ شِئْتَ أَغْرِسُكَ فِي الْجَنَّةِ ، فَيَأْكُلُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ مِنْ ثَمَرِكَ " ، ثُمَّ أَصْغَى لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ ، فَقَالَ : بَلْ تَغْرِسُنِي فِي الْجَنَّةِ ، فَسَمِعَهُ مَنْ يَلِيهِ ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ : " قَدْ فَعَلْتُ " .