أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْمُؤَيِّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ الأُخْوَةِ ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ عَائِشَةُ بِنْتُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْفَاخِرِ ، بِأَصْبَهَانَ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي الرَّجَاءِ الصَّيْرَفِيَّ أَخْبَرَهُمْ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ الْمُقْرِئِ ، أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَافِعٍ الْخُزَاعِيُّ ، ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْم ، ثَنَا ابْنُ خُثَيْمٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِي ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ ، وَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسًا ، مَرْجِعَهُ مِنَ الْعِرَاقِ لَيَالِي قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَتْ لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ ، هَلْ أَنْتَ صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ ؟ تُحَدِّثُنِي عَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ ، قَالَ : وَمَالِي لا أَصْدُقُكِ ، قَالَتْ : فَحَدِّثْنِي عَنْ قِصَّتِهِمْ ، قَالَ : فَإِنَّ عَلِيًّا لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَحَكَمَ الْحَكَمَانِ ، خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ آلافٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ ، فَنَزَلُوا أَرْضًا يُقَالُ لَهَا : حَرُورَاءُ مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ ، وَإِنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ ، وَقَالُوا : انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ أَلْبَسَكَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَاسْمٍ سَمَّاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ، ثُمَّ تَحَكَّمْتَ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ ، فَلَمَّا أَنْ بَلَغَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ وَفَارَقُوهُ فِيهِ ، أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي : أَلَّا يَدْخُلَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا رَجُلٌ قَدْ حَمَلَ الْقُرْآنَ ، فَلَمَّا امْتَلَأَتِ الدَّارُ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ ، دَعَا بِمُصْحَفٍ ، إِمَامًا عَظِيمًا فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَطَفِقَ يَصُكُّهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ : أَيُّهَا الْمُصْحَفُ حَدِّثِ النَّاسَ ، فَنَادَاهُ النَّاسُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا تَسْأَلُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ فِي وَرَقٍ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رَوَيْنَا مِنْهُ ، فَمَاذَا تُرِيدُ ؟ قَالَ : أَصْحَابُكُمْ الَّذِينَ خَرَجُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ : وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا سورة النساء آية 35 ، فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ ذِمَّةً وَحُرْمَةً مِنَ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ ، وَنَقِمُوا عَلَيَّ أَنْ كَاتَبْتَ مُعَاوِيَةَ : كَتَبْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، وَقَدْ جَاءَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ، وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صَالَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا ، فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَقَالَ سُهَيْلٌ : لا تَكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَكَيْفَ نَكْتُبُ ؟ " ، قَالَ : اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " ، فَقَالَ سُهَيْلٌ : لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُخَالِفْكَ ، فَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ سورة الأحزاب آية 21 ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنَ عَبَّاسٍ ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ ، فَمَشَى حَتَّى إِذَا تَوَسَّطْنَا عَسْكَرَهُمْ ، قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَخَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ : يَا حَمَلَةَ الْقُرْآنِ ، هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفْهُ فَأَنَا أُعَرِّفُهُ إِيَّاهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، هَذَا مِمَّا أُنْزِلَ فِيهِ ، وَفِي قَوْمِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ سورة الزخرف آية 58 فَرُدُّوهُ إِلَى صَاحِبِهِ ، وَلا تُوَاضِعُوهُ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : فَقَامَ خُطَبَاؤُهُمْ فَقَالُوا : وَاللَّهِ لَنُوَاضِعَنَّهُ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنْ جَاءَ بِحَقٍّ نَعْرِفُهُ لَنَتَّبِعَنَّهُ ، وَإِنْ جَاءَ بِبَاطِلٍ لَنُبَكِّتَنَّهُ بِبَاطِلِهِ ، وَلَنَرُدَّنَّهُ إِلَى صَاحِبِهِ ، فَوَاضَعُوا عَبْدَ اللَّهِ الْكِتَابَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ، فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلافٍ كُلُّهُمْ تَائِبًا ، فِيهِمُ ابْنُ الْكَوَّاءِ ، حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْكُوفَةَ ، فَبَعَثَ عَلِيٌّ إِلَى بَقِيَّتِهِمْ فَقَالَ : قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِنَا وَأَمْرِ النَّاسِ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ ، فَقِفُوا حَيْثُ شِئْتُمْ حَتَّى تَجْتَمِعَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَدْخُلُوا مَعَهُمْ حَيْثُ شِئْتُمْ ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا ، أَوْ تَقْطَعُوا سَبِيلا أَوْ تَظْلِمُوا ذِمَّةً ، فَإِنْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ نَبَذْنَا إِلَيْكُمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ سورة الأنفال آية 58 فَقَالَتْ عَائِشَةُ : فَقَدْ قَتَلَهُمْ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا قَتَلَهُمْ حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيلَ ، وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ ، وَانْتَهَكُوا الْكُوفَةَ ، فَقَالَتْ : آللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ كَانَ ، قَالَ : آللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ كَانَ ، فَقَالَتْ : مَا شَيْءٌ بَلَغَنِي عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَتَحَدَّثُونَهُ يَقُولُونَ : ذُو الثُّدَيِّ ؟ فَقَالَ : قَدْ رَأَيْتُهُ وَقُمْتُ عَلَيْهِ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْقَتْلَى ، فَدَعَا النَّاسَ فَقَالَ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَمَا أَكْثَرُ مَنْ جَاءَ يَقُولُ : رَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلانٍ يُصَلِّي ، وَرَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلانٍ يُصَلِّي ، وَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِثَبْتٍ يُعْرَفُ إِلَّا ذَلِكَ ، قَالَتْ : فَمَا قَوْلُ عَلِيٍّ حِينَ قَامَ عَلَيْهِ كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِرَاقِ ؟ قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَتْ : فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ لا ، قَالَتْ : أَجَلْ ، صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، يَرْحَمُ اللَّهُ عَلِيًّا إِنَّهُ كَانَ مِنْ كَلامِهِ لا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ إِلَّا قَالَ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، فَيَذْهَبُ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَيَكْذِبُونَ عَلَيْهِ وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ . رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ بِطُولِهِ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى الطَّبَّاعِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ | علي بن أبي طالب الهاشمي / توفي في :40 | صحابي |
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِي | عبيد الله بن عياض الحجازي | ثقة |
ابْنُ خُثَيْمٍ | عبد الله بن عثمان القاري / توفي في :132 | مقبول |
يَحْيَى بْنُ سُلَيْم | يحيى بن سليم الطائفي / توفي في :193 | صدوق سيئ الحفظ |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ | محمد بن أبي عمر العدني / توفي في :243 | ثقة |
إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَافِعٍ الْخُزَاعِيُّ | إسحاق بن أحمد الخزاعي | ثقة متقن |
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ الْمُقْرِئِ | محمد بن إبراهيم الأصبهاني / ولد في :285 / توفي في :381 | ثقة مأمون |
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ | أحمد بن محمد الأصبهاني | ثقة مأمون |
سَعِيدَ بْنَ أَبِي الرَّجَاءِ الصَّيْرَفِيَّ | سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي | ثقة |
وَأُمُّ حَبِيبَةَ عَائِشَةُ بِنْتُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْفَاخِرِ | عائشة بنت معمر العبشمية / توفي في :607 | صدوق حسن الحديث |
أَبُو مُسْلِمٍ الْمُؤَيِّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ الأُخْوَةِ | المؤيد بن عبد الرحيم البغدادي / ولد في :527 / توفي في :606 | ثقة |