ذكر حفر عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف زمزم


تفسير

رقم الحديث : 990

وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ , أَنَّ الْمَهْدِيَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَجَّ فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ ، فَنَزَلَ دَارَ النَّدْوَةِ ، فَجَاءَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَجَبِيُّ بِمَقَامِ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَاعَةٍ خَالِيَةٍ نِصْفَ النَّهَارِ مُشْتَمِلا عَلَيْهِ ، فَقَالَ لِلْحَاجِبِ : ائْذَنْ لِي عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّ مَعِي شَيْئًا لَمْ يُدْخَلْ بِهِ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَهُ ، وَهُوَ يَسُرُّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَدْخَلَهُ عَلَيْهِ ، فَتَكَشَّفَ عَنِ الْمَقَامِ ، فَسُرَّ بِهِ الْمَهْدِيُّ وَتَمَسَّحَ بِهِ وَسَكَبَ فِيهِ مَاءً ، ثُمَّ شَرِبَهُ وَقَالَ لَهُ : اخْرُجْ , فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ أَهْلِهِ فَشَرِبُوا فِيهِ ، وَتَمَسَّحُوا بِهِ ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ فَاحْتَمَلَهُ وَرَدَّهُ إِلَى مَكَانِهِ ، فَأَمَرَ لَهُ بِجَوَائِزَ عَظِيمَةٍ ، وَأَقْطَعَهُ خَيْفًا بِنَخْلَةٍ مِنْ أَعْرَاضِ مَكَّةَ يُقَالُ لَهُ : ذَاتُ الْقَوْبَعِ ، فَبَاعَهُ مِنْ مُنِيرَةَ مَوْلاةِ الْمَهْدِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبْعَةِ آلافِ دِينَارٍ ، ثُمَّ رَفَعَ الْحَجَبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ أَنَّ الْكُرْسِيَّ الْمَنْصُوبَ الْمُقْعَدَ فِيهِ الْمَقَامُ مُلَبَّسٌ صَفَائِحَ مِنْ رَصَاصٍ ، وَإِنَّهُ لَوْ عَمِلَ مَكَانَ الرَّصَاصِ فِضَّةً كَانَ أَشْبَهَ وَأَوْفَقَ لَهُ ، فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِعَمَلِ ذَلِكَ ، فَوَجَّهَ إِسْحَاقَ بْنَ سَلَمَةَ فَخَرَجَ فِي صُنَّاعٍ جَاءَ بِهِمْ مِنَ الْعِرَاقِ مِنَ الصُّوَّاغِ وَالرُّخَامِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ ، نَيِّفٍ وَثَلاثِينَ رَجُلا ، فَأَخَذَ فِي عَمَلِ الْمَقَامِ ، فَجَعَلَ الْفِضَّةَ عَلَى كُرْسِيِّ الْمَقَامِ مَكَانَ الرَّصَاصِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ، وَاتَّخَذَ لَهُ قُبَّةً مِنْ خَشَبِ السَّاجِ مَقْبُوَّةَ الرَّأْسِ بِضَبَّاتٍ قَدْ جَعَلَهَا لَهَا مِنْ حَدِيدٍ ، مُلَبَّسَةَ الدَّاخِلِ بِالأَدَمِ ، وَكَانَتِ الْقُبَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ مُسَطَّحَةً ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْفِضَّةِ آلافُ الدَّرَاهِمِ ، وَقَدْ كَانَ الْمَقَامُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ ، وَعَلَى مَكَّةَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَدْ وَهِيَ ، فَذَهَبَ الْحَجَبَةُ يَرْفَعُونَهُ فَانْثَلَمَ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَقَامَ حَجَرٌ رَخْوٌ يُشْبِهُ الشِّنَانَ فِي الْمَنْظَرِ ، وَهُوَ أَغْبَشُ مُكَسَّرُ الرُّخَامِ الأَبْيَضِ ، فَخَشَوْا أَنْ يَتَفَتَّتَ أَوْ يَتَدَاعَى ، فَكَتَبُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيِّ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ ، فَضَبَّبُوا بِهَا أَعْلَى الْمَقَامِ وَأَسْفَلَهُ ، وَهُوَ الذَّهَبُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ إِلَى خِلافَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ جَعْفَرٌ أَنْ يُجْعَلَ عَلَيْهِ ذَهَبٌ فَوْقَ ذَلِكَ الذَّهَبِ ، وَيُعْمَلُ أَحْسَنَ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ ، فَعُمِلَ فِي مَصْدَرِ الْحَاجِّ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ ، فَعُمِلَ وَلَمْ يُقْلَعْ عَنْهُ الذَّهَبُ الأَوَّلُ ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الذَّهَبُ حَتَّى كَانَ زَمَنُ الْفِتْنَةِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ ، فَأَخَذَ جَعْفَرُ بْنُ الْفَضْلِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ فَضَرَبَاهُ دَنَانِيرَ وَأَنْفَقَاهُ عَلَى حَرْبِ إِسْمَاعِيلَ ، فِيمَا ذَكَرُوا ، وَبَقِيَ الذَّهَبُ الَّذِي عَمِلَهُ الْمَهْدِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ حَتَّى دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ ، ثُمَّ وَلِيَ مَكَّةَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ عَامَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ الْحَجَبَةِ ، وَأَنَا عِنْدَهُ فَكَلَّمُوهُ فِي الْمَقَامِ وَقَالُوا : إِنَّهُ قَدْ وَهِيَ وَتَسَلَّلَتْ أَحْجَارُهُ ، وَنَحْنُ نَخَافُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُجَدِّدَ عَمَلَهُ وَتَضْبِيبَهُ حَتَّى يَشْتَدَّ ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوا مِنْ ذَلِكَ ، فَأَخَذَ فِي عَمَلِ الْمَقَامِ فِي الْمُحَرَّمِ ، فَأَحْضَرَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ عَامَّةَ الْحَجَبَةِ فَقَلَعَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ عَنِ الْمَقَامِ وَخَلَّوْهُ عَنْهُ ، فَإِذَا الْحَجَرُ سَبْعُ قِطَعٍ قَدْ كَانَتْ مُلْصَقَةً بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، فَزَالَ عَنْهَا الإِلْصَاقُ ، فَأُخِذَتِ الْقِطَعُ فَجُعِلَتْ فِي ثَوْبٍ وَخُتِمَ عَلَيْهِ بِخَاتَمٍ ، ثُمَّ دَعَا الصَّاغَةَ إِلَى دَارِ الإِمَارَةِ ، وَأَخَذَ فِي عَمَلِهِ ، وَحَضَرَتْهُ فِي ذَلِكَ نِيَّةٌ ، فَأَمَرَ أَنْ يُعْمَلَ لَهُ طَوْقَانِ مِنْ ذَهَبٍ : طَوْقٌ لِلأَعْلَى ، وَطَوْقٌ لُلأَسْفَلِ ، وَتَحْتَ الطَّوْقِ الأَسْفَلِ طَوْقٌ مِنْ فِضَّةٍ يَشُدُّ الطَّوْقَ الأَعْلَى ، وَهُوَ قِطْعَتَانِ يَدْخُلُ الْمَقَامُ فِي إِحْدَاهُمَا ، ثُمَّ يُلْصَقُ عَلَيْهِ الأُخْرَى ، ثُمَّ يُعْلَى عَلَيْهَا بِالطَّوْقِ الذَّهَبِ مِنْ فَوْقِ الْفِضَّةِ ، ثُمَّ تُضَبَّبُ جَوَانِبُهُ بِضِبَابٍ مِنْ ذَهَبٍ ، ثُمَّ يُسَمَّرُ بِمَسَامِيرَ ذَهَبٍ ، وَجَعَلَ فِي الطَّوْقِ كَمَا يَدُورُ أَرْبَعَ حِلَقٍ مِنْ فِضَّةٍ يُرْفَعُ بِهَا الْمَقَامُ ، وَزَادَ فِيهَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ مَا يُصْلِحُهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ عِنْدِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفِضَّةَ عَجَزَتْ بِهِمْ ، فَكَانَ فِي الطَّوْقِ الأَسْفَلِ مِنَ الْفِضَّةِ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا ، وَفِي الطَّوْقِ الذَّهَبِ الَّذِي فَوْقَهُ سَبْعُمِائَةٍ وَأَرْبَعُونَ مِثْقَالا ، وَجَعَلَ الطَّوْقَ الأَعْلَى أَيْضًا قِطْعَتَيْنِ يَدْخُلُ الْمَقَامُ فِي إِحْدَاهُمَا ، ثُمَّ يُلْصَقُ عَلَيْهَا الأُخْرَى ، ثُمَّ يُذَابُ عَلَيْهِمَا الرَّصَاصُ ، ثُمَّ تُضَبَّبُ أَرْكَانُهَا بِضِبَابٍ مِنْ ذَهَبٍ ، ثُمَّ يُسَمَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَجَعَلَ الطَّوْقَ الأَعْلَى ذَهَبًا مُضَمَّنًا وَحْدَهُ ، فَكُلُّ مَا فِي الطَّوْقِ مِنَ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَمِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَخَمْسُونَ مِثْقَالا ، وَجَعَلَ عَلَى الطَّوْقِ الأَعْلَى نُجُومًا ، وَهِيَ مَسَامِيرُ مِنْ ذَهَبٍ كَمَا يَدُورُ الطَّوْقُ عَدَدَ النُّجُومِ سِتُّونَ مِسْمَارًا إِلا وَاحِدًا ، وَوَزْنُهَا ثَلاثَةٌ وَتِسْعُونَ مِثْقَالا ، تَجْمَعُ مَا فِي الطَّوْقِ الأَعْلَى وَالأَسْفَلِ مِنَ الذَّهَبِ بِالنُّجُومِ أَلْفَا مِثْقَالٍ إِلا ثَمَانِيَةَ مَثَاقِيلَ ، وَعُمِلَ عَلَى جِنْسٍ مِنَ الصِّنَاعَةِ يُقَالُ لَهُ الأَلْسُنُ ، فَأَقَامَ الصَّاغَةُ يَعْمَلُونَهُ بَقِيَّةَ الْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ ، وَذَلِكَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ أَرْسَلَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى الْحَجَبَةِ يَأْمُرُهُمْ بِحَمْلِ الْمَقَامِ إِلَى دَارِ الإِمَارَةِ لِيُرَكِّبُوا عَلَيْهِ الطَّوْقَيْنِ اللَّذَيْنِ عُمِلا لَهُ عَلَى مَا وَصَفْنَا لِيَكُونَ أَقَلَّ لِزِحَامِ النَّاسِ ، فَأَتَوْا بِهِ إِلَى دَارِ الإِمَارَةِ ، وَأَنَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِمْ فِي ثَوْبٍ يَحْمِلُونَهُ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَجَاءَ بِشْرٌ الْخَادِمُ مَوْلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَدْ قَدِمَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامُ ، وَإِصْلاحِهِمَا فَأَمَرَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْفَعَلَةَ أَنْ يُذِيبُوا الْعَقَاقِيرَ فَأَذَابُوهَا بِالزِّئْبَقِ ، ثُمَّ أَخْرَجَ الْمَقَامَ ، وَمَا سَقَطَ مِنْهُ مِنَ الْحِجَارَةِ ، فَأَلْصَقَهَا بِشْرٌ بِيَدِهِ بِذَلِكَ الْعَلَكِ حَتَّى الْتَأَمَتْ وَأَخَذَ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَتَمَسَّحَ النَّاسُ بِالْمَقَامِ وَدَعَوُا اللَّهَ تَعَالَى وَذَكَرُوهُ وَذَكَرُوا خَلِيلَهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، وَقَلَّبُوهُ وَنَظَرُوا وَنَظَرْتُ مَعَهُمْ ، فَإِذَا فِي جَوَانِبِ الْمَقَامِ كُلِّهَا كَمَا يَدُورُ خُطُوطًا فِي طُولِ الْجَانِبِ الْمُسْتَدِقِّ مِنْهُ الْبَارِزِ عَنِ الذَّهَبِ سَبْعُ خُطُوطٍ مُسْتَطِيلَةٌ ، ثُمَّ تَرْجِعُ الْخُطُوطُ فِي أَسْفَلِهِ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ حَتَّى تَسْتَبِينَ فِيهِ مِنَ الْجَانِبِ الآخَرِ ، وَذَلِكَ فِي التَّرْبِيعِ سِتَّةُ خُطُوطٍ ، وَفِيهِ حَفْرٌ قِيَاسُهُ هَذَا الْخَطُّ الَّذِي أَخُطُّهُ ، وَذَلِكَ فِي عَرْضِهِ ، وَفِيهِ أَيْضًا دَوَاوِيرُ قِيَاسُهَا هَذَا الَّذِي أَخُطُّهُ ، وَفِي وَسَطِهِ نَكْيَةٌ مِنَ الْحَجَرِ ، وَفِيهِ أَيْضًا دَوَّارَةٌ فِي عَرْضِهِ مِنَ الْجَانِبِ الآخَرِ ، قِيَاسُهَا هَذَا الَّذِي أَخُطُّهُ ، وَإِذَا فِيهِ كِتَابٌ بِالْعِبْرَانِيَّةِ ، وَيُقَالُ بِالْحِمْيَرِيَّةِ ، وَهُوَ الْكِتَابُ الَّذِي وَجَدَتْهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَخَذْتُ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنْ الْمَقَامِ بِأَمْرِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بِيَدِي وَحَكَيْتُهُ كَمَا رَأَيْتُهُ مَخْطُوطًا فِيهِ ، وَلَمْ آلُ جَهْدِي وَهُوَ الَّذِي خَطَطْتُهُ الآنَ ، فَهَذَا مَا اسْتَبَانَ لِي مِنَ الْخُطُوطِ ، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ لَمْ تَسْتَبِنْ لِي فَلَمْ أَكْتُبْهَا ، ثُمَّ أَتَى بِالطَّوْقَيْنِ فَقُدِّرَا عَلَى الْمَقَامِ فَضَاقَ عَنْهُ فَأَمَرَ بِرَدِّ الْمَقَامِ إِلَى مَوْضِعِهِ ، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يُوَسِّعَا حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ عَلَى الْقَدْرِ ، فَأَقَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ السَّبْتِ ، وَذَلِكَ لِسِتِّ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ أَرْسَلَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى الْحَجَبَةِ فَأَحْضَرُوا الْمَقَامَ وَحَضَرَهُ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ فَمَسَحُوا الْمَقَامَ وَصَبُّوا فِيهِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَشَرِبُوا وَأَخَذُوا فِي الْقَوَارِيرِ وَالْكِيزَانِ ، وَدَعَوُا اللَّهَ تَعَالَى وَذَكَرُوهُ وَذَكَرُوا خَلِيلَهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، ثُمَّ رُكِّبَ الطَّوْقُ الأَسْفَلُ فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَرُدَّ الْمَقَامُ إِلَى مَوْضِعِهِ ، حَتَّى كَانَ الْغَدُ مِنْ يَوْمِ الأَحَدِ ، فَأَمَرَهُمْ بِإِحْضَارِهِ فَأَحْضَرُوهُ يَوْمَ الأَحَدِ ، فَرُكِّبَ الطَّوْقَ الأَعْلَى عَلَيْهِ ، وَحُمِلَ إِلَى مَوْضِعِهِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَكَانَتْ فِيهِ مَجَالِسُ حَسَنَةٌ ، وَمَشَاهِدُ جَمِيلَةٌ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍفَ حَدَّثَنِي وَأَخَذَ مِنِّي هَذَا الْكِتَابَ عَلَى الْمَقَامِ ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو زَكَرِيَّا الْمَغْرِبِيُّ بِمِصْرَ وَقَدْ أَخَذَ مِنِّي هَذِهِ النُّسْخَةَ ، يَعْنِي نُسْخَةَ هَذَا الْكِتَابِ ، فَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِ ، فَقَالَ لِي : أَنَا أَعْرِفُ تَفْسِيرَ هَذَا ، أَنَا أَطْلُبُ الْبَرَابِي ، وَالْبَرَابِي كِتَابٌ فِي الْحِجَارَةِ بِمِصْرَ مِنْ كِتَابِ الأَوَّلِينَ ، قَالَ : فَأَنَا أَطْلُبُهُ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً ، وَأَنَا أَرَى أَيَّ شَيْءٍ هَذَا الْمَكْتُوبَ فِي الْمَقَامِ فِي السَّطْرِ الأَوَّلِ " إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ، وَالسَّطْرِ الثَّانِي : " مَلِكٌ لا يُرَامُ " وَالسَّطْرِ الثَّالِثِ : " أصباوت " وَهُوَ اسْمُ اللَّهِ الأَعْظَمِ ، وَبِهِ تُسْتَجَابُ الدَّعَوَاتُ " قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ وَفِي تَفْسِيرِ سُنَيْدٍ قَالَ : " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى آدَمَ أَقْعَدَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : " مَنْ أَنَا يَا آدَمُ ؟ فَقَالَ : أَنْتَ أصباوت أَدْنَانِي , قَالَ : لَهُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " صَدَقْتَ يَا آدَمُ " يَعْنِي أَنْتَ اللَّهُ الصَّمَدُ يَقُولُ أَصباوت اللَّهُ الصَّمَدُ ، قَالَ : لِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ : وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ الَّذِي فِي الْمَقَامِ بِالْحِمْيَرِيَّةِ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.