حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقَرِيُّ قَالَ : ثنا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ : أَمَّنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , وَكَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ ، فَكَانَ يَقْرَأُ بِنَا فِي الْوِتْرِ بِالْمُعَوِّذَاتِ ، يَعْنِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ أَيْضًا مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ ، وَإِنَّمَا تُرِكَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ مِنْ قِبَلِ الْوُلاةِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ , وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ : كَانَ النَّاسُ بِمَكَّةَ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ يَقُومُونَ قِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، تُرْكَزُ حَرْبَةٌ خَلْفَ الْمَقَامِ بِرَبْوَةٍ ، فَيُصَلِّي الإِمَامُ دُونَ الْحَرْبَةِ وَالنَّاسُ مَعَهُ , فَمَنْ أَرَادَ صَلَّى ، وَمَنْ أَرَادَ طَافَ وَرَكَعَ خَلْفَ الْمَقَامِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ , فَلَمَّا وَلِيَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ أَمَرَ الْقُرَّاءَ أَنْ يَتَقَدَّمُوا فَيَصُفُّوا خَلْفَ الْمَقَامِ , فَقِيلَ لَهُ : تَقْطَعُ الطَّوَافَ لِغَيْرِ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ ؟ قَالَ : فَأَنَا آمُرُهُمْ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ سَبْعًا ، فَأَمَرَهُمْ فَفَصَلُوا بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ بِطَوَافِ سَبْعٍ , فَقِيلَ لَهُ : فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ وَجَوَانِبِهِ حَتَّى يَعْلَمَ انْقِضَاءَ الطَّوَافِ فَيَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلصَّلاةِ ؟ فَأَمَرَ عَبِيدَ الْكَعْبَةِ أَنْ يُكَبِّرُوا حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَيَقُولُونَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ , وَاللَّهُ أَكْبَرُ , فَإِذَا بَلَغُوا الرُّكْنَ الأَسْوَدَ فِي الطَّوَافِ السَّادِسِ سَكَتُوا بَيْنَ التَّكْبِيرِ سَكْتَةً حَتَّى يَتَهَيَّأَ مَنْ كَانَ فِي الْحِجْرِ وَفِي جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ مِنْ مُصَلٍّ وَغَيْرِهِ ، فَيَعْرِفُونَ ذَلِكَ بِانْقِطَاعِ التَّكْبِيرِ ، فَيُخَفِّفُ الْمُصَلِّي صَلاتَهُ ثُمَّ يَعُودُوا إِلَى التَّكْبِيرِ حَتَّى يَفْرُغُوا مِنَ السَّبْعِ , وَيَقُومُ مُسَمِّعٌ مِنْ غِلْمَانِ الْكَعْبَةِ فَيُنَادِي عَلَى زَمْزَمَ : الصَّلاةَ رَحِمَكُمُ اللَّهُ ، وَكَانَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، فِيمَا ذَكَرَ الْمَكِّيُّونَ ، يَرَوْنَ ذَلِكَ وَلا يُنْكِرُونَهُ , فَإِذَا فَرَغَ الإِمَامُ مِنَ التَّرَاوِيحِ فَأَحْرُسُ الْمَسْجِدِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ , فَأَذِنُوا لِلنِّسَاءِ فَخَرَجْنَ أَوَّلا ، حَتَّى يَنْفُذَ آخِرُ النِّسَاءِ ، وَذَلِكَ بَعْدَ طَوَافِ سَبْعٍ بَعْدَ الْقِيَامِ ، فَإِذَا طَافَ الطَّائِفُ فِيهِ سَبْعًا قَامَ غُلامٌ مِنْ غِلْمَانِ الْكَعْبَةِ ، وَهُوَ الْمُسَمِّعُ فِي الصَّلاةِ وَرَاءَ الْمَقَامِ ، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ بِالْحَرَسِ : أَرْسِلْ أَرْسِلْ , فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ الْحَرَسِيُّ الَّذِي عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ أَرْسَلُوا الرِّجَالَ حِينَئِذٍ , وَقَدْ صَارَ النِّسَاءُ إِلَى مَنَازِلِهِنَّ ، فَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْقِيَامِ بِلَيْلٍ وَذَلِكَ مِقْدَارُ الأَذَانِ الأَوَّلِ ، أَوْ أَرْجَحَ ، جَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى الْمَنَارَةِ الَّتِي تَلِي أَجْيَادَ , وَقَدْ جَمَعَ مُؤَذِّنِي الْجِبَالِ قَبْلَ ذَلِكَ تَحْتَ الْمَنَارَةِ مِنْ خَارِجٍ فِي الْوَادِي ، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : السَّحُورَ رَحِمَكُمُ اللَّهُ , اشْرَبُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ , فَيَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ، فَيُجِيبُهُ مُؤَذِّنُو الْجِبَالِ الَّذِي تَحْتَ الْمَنَارَةِ وَيَصِيحُونَ : اشْرَبُوا , وَيَتَفَرَّقُونَ فِي فِجَاجِ مَكَّةَ يُؤْذِنُونَ النَّاسَ بِالسَّحُورِ إِلَى قَرِيبٍ مِنَ الْفَجْرِ وَسَمِعْتُ بَعْضَ فُقَهَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَشْيَاخِهَا يَقُولُ : كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ قَدِيمًا أَنْ يَخْتِمُوا الْقُرْآنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فِي التَّرْوِيحَةِ الأُولَى مِنَ التَّرَاوِيحِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ التَّرْوِيحَةِ الأُولَى ، فَإِذَا فَرَغَ الْخَاتِمُ دَعَا وَهُوَ قَائِمٌ قَبْلَ رُكُوعِهِ ، وَدَعَا النَّاسُ مَعَهُ سَاعَةً ، لا يُطَوِّلُ فِيهَا وَلا يُقَصِّرُ , لِكَيْلا يَضُرَّ بِالضَّعِيفِ , ثُمَّ يَرْكَعُ ، فَإِذَا قَامَ فِي الرَّابِعَةِ قَرَأَ وَآيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لِيَكُونَ قَدْ خَتَمَ وَابْتَدَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ : وَيُرْوَى عَنْ بَعْضِ مَنْ مَضَى مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْخَتْمَةِ إِذَا بَلَغُوا وَالضُّحَى كَبَّرَ الْخَاتِمُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ يَقُولُ : اللَّهُ أَكْبَرُ , فِي الصَّلاةِ ثُمَّ تَرَكُوا ذَلِكَ بَعْدُ ، وَجَعَلُوا التَّكْبِيرَ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ , ثُمَّ تَرَكُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَفَرَغَ النَّاسُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنَ التَّرَاوِيحِ الْخَمْسِ ، قَامُوا فَأَدَارُوا بِالْكَعْبَةِ مِنْ جَوَانِبِهَا ، وَوَقَفُوا يَدْعُونَ اللَّهَ وَيُكَبِّرُونَ ، وَيَسْأَلُونَ الْمَغْفِرَةَ لِذُنُوبِهِمْ ، وَالْقَبُولَ لِصِيَامِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ ، وَأَنْ لا يَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ صِيَامِ شَهْرِ اللَّهِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , فَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ لَيْلا طَوِيلا , ثُمَّ يُنَادَوْنَ : الصَّلاةَ , فَيُصَلِّي الإِمَامُ الْخَامِسَةَ , فَإِنْ تَمَّ الشَّهْرُ فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي لَيْلَةِ ثَلاثِينَ أَيْضًا .