ذكر قول اهل مكة في السماع والغناء في الاعراس والختان وفي


تفسير

رقم الحديث : 1658

حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ أَبُو سَعِيدٍ الأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ ، قَالَ : إِنَّ صَدَقَةَ بْنَ أَبِي صَدَقَةَ حَدَّثَهُمَا عَنِ ابْنِ أَبِيهِ ، قَالَ : " بَيْنَا أَنَا فِي سُوقِ اللَّيْلِ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَيَّامِ الْمَوْسِمِ ، إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ ، مَعَهَا صَبِيٌّ يَبْكِي ، وَهِيَ تُسْكِتُهُ ، فَيَأْبَى أَنْ يَسْكُتَ ، فَسَفَرَتْ ، وَإِذَا فِي فِيهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ، فَدَفَعَتْهَا إِلَى الصَّبِيِّ فَسَكَتَ ، وَإِذَا وَجْهٌ رَقِيقٌ دُرِّيٌّ ، وَإِذَا شَكْلٌ رَطْبٌ ، وَلِسَانٌ طَوِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَتْنِي أُحِدُّ النَّظَرَ إِلَيْهَا قَالَتِ : اتْبَعْنِي ، قُلْتُ : إِنَّ شَرِيطَتِي الْحَلالُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، قَالَتْ : فِي حِرِ أُمِّكَ ، مَنْ أَرَادَكَ عَلَى الْحَرَامِ ؟ فَخَجِلْتُ ، وَغَلَبَتْنِي نَفْسِي عَلَى رَأْيِي ، فَاتَّبَعْتُهَا ، فَدَخَلَتْ زُقَاقَ الْعَطَّارِينَ ، ثُمَّ صَعَدَتْ دَرَجَةً وَقَالَتِ : اصْعَدْ فَصَعِدْتُ ، فَقَالَتْ : إِنِّي مَشْغُولَةٌ ، وَزَوْجِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي فُلانٍ ، وَأَنَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي فُلانٍ ، وَلَكِنْ عِنْدِي هَنٌ ضَيِّقٌ ، يَعْلُوهُ وَجْهٌ أَحْسَنُ مِنَ الْعَافِيَةِ بِخُلُقِ ابْنِ سُرَيْجٍ ، وَتَرَنُّمِ مَعْبَدٍ ، وَتِيهِ ابْنِ عَائِشَةَ ، وَتَخَنُّثِ طُوَيْسٍ ، اجْتَمَعَ هَذَا كُلُّهُ فِي بَدَنٍ وَاحِدٍ بِأَصْفَرِ سُلَيْمٍ ، قُلْتُ : وَمَا أَصْفَرُ سُلَيْمٍ ؟ قَالَتْ : دِينَارُ يَوْمِكَ وَلَيْلَتِكَ ، فَإِذَا أَقَمْتَ فَعَلَيْكَ الدِّينَارُ وَظِيفَةً ، وَتَزَوَّجْهَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا ، قُلْتُ : فِدَاكِ أَبِي وَأُمِّي ، إِنِ اجْتَمَعَ لِي مَا ذَكَرْتِ فَلَيْسَتْ فِي الدُّنْيَا ، فَهَذِهِ شَرَائِطُ الْجَنَّةِ ، قَالَتْ : هَذِهِ شَرِيطَتُكَ قُلْتُ : وَأَيْنَ هَذِهِ الصِّفَةُ ؟ فَصَفَّقَتْ بِيَدِهَا إِلَى جَارَةٍ لَهَا ، فَأَجَابَتْهَا ، فَقَالَتْ : قُولِي لِفُلانَةَ : الْبَسِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ ، وَعَجِّلِي ، وَبِحَيَاتِي عَلَيْكِ لا تَمَسِّي طِيبًا وَلا غُمْرًا ، فَتَحْتَسِينَا بِدَلالِكِ وَعِطْرِكِ ، قَالَ : فَإِذَا جَارِيَةٌ قَدْ أَقْبَلَتْ مَا أَحْسَبُ وَقَعَتْ عَلَيْهَا الشَّمْسُ قَطُّ ، كَأَنَّهَا صُورَةٌ ، فَسَلَّمَتْ وَقَعَدَتْ كَالْخَجِلَةِ ، فَقَالَتِ الأُولَى : هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُكِ لَهُ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْهَيْئَةِ الَّتِي تَرَيْنَ ، قَالَتْ : حَيَّاهُ اللَّهُ وَقَرَّبَ دَارَهُ ، قَالَتْ : وَقَدْ بَذَلَ لَكِ مِنَ الصَّدَاقِ دِينَارًا ؟ قَالَتْ : أَيْ أُمِّ ، أَخْبَرْتِيهِ بِشَرِيطَتِي قَالَتْ : لا وَاللَّهِ أَيْ بُنَيَّةُ ، أُنْسِيتُهَا ، ثُمَّ نَظَرَتْ إِلَيَّ ، فَغَمَزَتْنِي ، فَقَالَتْ : تَدْرِي مَا شَرِيطَتُهَا ؟ قُلْتُ : لا ، قَالَتْ : أَقُولُ لَكَ بِحَضْرَتِهَا مَا إِخَالُهَا تَكْرَهُهُ ، هِيَ أَفْتَكُ مِنْ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيٍّ ، وَأَشْجَعُ مِنْ رَبِيعَةَ بْنِ مُكَدَّمٍ ، وَلَيْسَ تُوصَلُ إِلَيْهَا حَتَّى تَسْكَرَ ، وَيُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهَا ، فَإِذَا بَلَغَتْ تِلْكَ الْحَالَ فَفِيهَا الْمَطْمَعُ ، قُلْتُ : مَا أَهْوَنَ هَذَا وَأَسْهَلَهُ ، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ : تَرَكْتِ شَيْئًا أَيْضًا ، قَالَتْ : نَعَمْ وَاللَّهِ ، اعْلَمْ أَنَّكَ لا تَقْدِرُ عَلَيْهَا إِلا أَنْ تَتَجَرَّدَ فَتَرَاكَ مُجَرَّدًا مُقْبِلا وَمُدْبِرًا قُلْتُ : وَهَذَا أَيْضًا أَفْعَلُهُ ، قَالَتْ : هَلُمَّ دِينَارَكَ ، فَأَخْرَجْتُ دِينَارًا ، فَنَبَذَتْهُ إِلَيْهَا ، فَصَفَّقَتْ تَصْفِيقَةً أُخْرَى ، فَأَجَابَتْهَا امْرَأَةٌ ، فَقَالَتْ : قُولِي لأَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي الْحُسَيْنِ : هَلُمَّا السَّاعَةَ ، قُلْتُ : يَا نَفْسِي ، أَبُو الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ! فَإِذَا شَيْخَانِ خَصِيَّانِ قَدْ أَقْبَلا ، فَقَعَدَا ، فَقَصَّتْ عَلَيْهِمَا الْمَرْأَةُ الْقِصَّةَ ، فَخَطَبَ أَحَدُهُمَا ، وَأَجَابَ الآخَرُ ، وَأَقْرَرْتُ بِالتَّزْوِيجِ ، وَأَقَرَّتِ الْمَرْأَةُ ، وَدَعَوْا بِالْبَرَكَةِ ، ثُمَّ نَهَضَا ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أُحَمِّلَ الْجَارِيَةَ مَئُونَةً مِنَ الدُّنْيَا ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهَا دِينَارًا آخَرَ ، فَقُلْتُ : هَذَا لِطِيبِكِ قَالَتْ : يَا فَتَى ، لَسْتُ مِمَّنْ يَمَسُّ طِيبًا لِرَجُلٍ ، إِنَّمَا أَتَطَيَّبُ لِنَفْسِي إِذَا خَلَوْتُ ، فَقُلْتُ : اجْعَلِي هَذَا لِغَدَائِنَا الْيَوْمَ قَالَتْ : أَمَّا هَذَا ، فَنَعَمْ ، وَنَهَضَتِ الْجَارِيَةُ ، وَأَمَرَتْ بِصَلاحِ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ عَادَتْ وَتَغَدَّيْنَا ، وَجَاءَتْ بِدَوَاةٍ , وَقَضَيبٍ ، وَقَعَدَتْ تُجَاهِي ، وَدَعَتْ بِنَبِيذٍ قَدْ أَعَدَّتْهُ ، وَانْدَفَعَتْ تُغَنِّينَا بِصَوْتٍ لَمْ أَسْمَعْ قَطُّ بِمِثْلِهِ وَمَا سَمِعْتُ بِمِثْلِ تَرَنُّمِهَا لأَحَدٍ ، فَكِدْتُ أَنْ أُجَنَّ سُرُورًا وَطَرَبًا ، وَجَعَلْتُ أُرِيغُ أَنْ تَدْنُوَ مِنِّي فَتَأْبَى ، إِلَى أَنْ تَغَنَّتْ بِشَعْرٍ لا أَعْرِفُهُ : رَاحُوا يَصِيدُونَ الظِّبَاءَ وَإِنَّنِي لأَرَى تَصَيُّدَهَا عَلَيَّ حَرَامَا أَعْزِزْ عَلَيَّ بِأَنْ أُرَوِّعَ شِبْهَهَا أَوْ أَنْ يَذُقْنَ عَلَى يَدَيَّ حِمَامَا فَقُلْتُ : جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكِ ، مَنْ تَغَنَّى بِهَذَا الشَّعْرِ ؟ قَالَتْ : جَمَاعَةٌ اشْتَرَكُوا فِيهِ هُوَ لِمَعْبَدٍ ، وَتَغَنَّى بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَابْنُ عَائِشَةَ ، فَلَمَّا غَلَبَ عَلَيْهَا النَّبِيذُ ، وَجَاءَ الْمَغْرِبُ ، تَغَنَّتْ بِبَيْتٍ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ لِلشَّقَاءِ الَّذِي كُتِبَ عَلَى رَأْسِي وَالْهَوَانِ الَّذِي أُعِدَّ لِي : كَأَنِّي بِالْمُجَرَّدِ قَدْ عَلَتْهُ نِعَالُ الْقَوْمِ أَوْ خَشَبُ السَّوَارِي فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكِ ، مَا أَفْهَمُ هَذَا الشَّعْرَ ، وَلا أَحْسَبُهُ مِمَّا يُتَغَنَّى بِهِ ، فَقَالَتْ : أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَغَنَّى فِيهِ ، قُلْتُ : إِنَّمَا هُوَ بَيْتٌ عَائِرٌ ! قَالَتْ : مَعَهُ آخَرُ ، قُلْتُ : فَتَرَيْنَ أَنْ تُغَنِّيَهُ لِعَلِّي أَفْهَمُهُ ؟ قَالَتْ : لَيْسَ هَذَا وَقْتَهُ وَهُوَ مِنْ آخِرِ مَا أَتَغَنَّى بِهِ ، وَجَعَلْتُ لا أُنَازِعُهَا فِي شَيْءٍ إِجْلالا لَهَا وَإِعْظَامًا ، فَلَمَّا أَمْسَيْنَا وَصَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ ، وَجَاءَتِ الْعِشَاءُ الآخِرَةُ ، وَضَعْتُ الْقَضِيبَ ، وَقُمْتُ فَصَلَّيْتُ الْعِشَاءَ ، وَلا أَدْرِي كَمْ صَلَّيْتُ عَجَلَةً وَتَشَوُّقًا ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ قُلْتُ : تَأْذَنِينَ جُعِلْتُ فِدَاكِ فِي الدُّنُوِّ مِنْكِ ، قَالَتْ : تَجَرَّدْ ، وَذَهَبَتْ كَأَنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَخْلَعَ ثِيَابَهَا ، فَكِدْتُ أَنْ أَشُقَّ ثِيَابِي عَجَلَةً لِلْخُرُوجِ مِنْهَا ، فَتَجَرَّدْتُ ، وَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهَا ، فَقَالَتِ : امْشِ إِلَى زَوَايَا الْبَيْتِ وَأَقْبِلْ حَتَّى أَرَاكَ مُقْبِلا وَمُدْبِرًا ، وَإِذَا فِي الْغُرْفَةِ حَصِيرٌ عَلَيْهَا طَرِيقٌ ، وَإِذَا تَحْتَهُ خَرْقٌ إِلَى السُّوقِ ، فَإِذَا أَنَا فِي السُّوقِ قَائِمًا مُجَرَّدًا ، وَإِذَا الشَّيْخَانِ الشَّاهِدَانِ قَدْ أَعَدَّا نِعَالَهُمَا ، وَكَمِنَا لِي فِي نَاحِيَةٍ ، فَلَمَّا هَبَطْتُ عَلَيْهِمَا بَادَرَانِي ، فَقَطَّعَا نِعَالَهُمَا عَلَى قَفَايَ ، وَاسْتَعَانَا بِأَهْلِ السُّوقِ ، فَضُرِبْتُ وَاللَّهِ حَتَّى أُنْسِيتُ اسْمِي ، فَبَيْنَا أَنَا أُخْبَطُ بِنِعَالٍ مَخْصُوفَةٍ ، وَأَيْدٍ ثِقَالٍ ، وَخَشَبٍ دِقَاقٍ وَغِلاظٍ ، إِذَا صَوْتُهَا مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ : وَلَوْ عَلِمَ الْمُجَرَّدُ مَا أَرَدْنَا لَبَادَرَنَا الْمُجَرَّدُ فِي الصَّحَارِي قُلْتُ فِي نَفْسِي : هَذَا وَاللَّهِ وَقْتُ غِنَاءِ هَذَا الْبَيْتِ ، وَهُوَ مِنْ آخِرِ مَا قَالَتْ ، إِنَّهَا تُغَنِّي ، فَلَمَّا كَادَتْ نَفْسِي تُطْفَأُ ، جَاءَنِي بِخَلِقِ إِزَارٍ ، فَأَلْقَاهُ عَلَيَّ ، وَقَالَ : بَادِرْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ قَبْلَ أَنْ يُنْذَرَ بِكَ السُّلْطَانُ ، فَتَفْتَضِحَ ، فَكَانَ آخِرُ الْعَهْدِ بِهَا ، فَإِذَا وَاللَّهِ أَنَا الْمُجَرَّدُ ، وَأَنَا لا أَدْرِي ، فَانْصَرَفْتُ إِلَى رَحْلِي مَصْحُونًا مَرْضُوضًا ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ عَنْ مَكَّةَ ، جَعَلْتُ زُقَاقَ الْعَطَّارِينَ طَرِيقِي ، فَدَنَوْتُ مِنْ تَابِعٍ ، وَأَنَا مُتَنَكِّرٌ وَبَدَنِي مَرْضُوضٌ ، فَقُلْتُ : لِمَنْ هَذِهِ الدَّارُ ؟ قَالُوا : لِفُلانَةَ جَارِيَةٍ مِنْ آلِ فُلانٍ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.