وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , قَالَ : حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَسْأَلُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ الْجُنْدَعِيَّ ، عَنْ بُدُوِّ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُبَيْدٌ : كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِرُ بِحِرَاءٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ شَهْرًا ، وَيُطْعِمُ مَنْ جَاءَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَإِذَا قَضَى جِوَارَهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى بَيْتِهِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِرَاءٍ ، وَكَانَ يَقُولُ : " لَمْ يَكُنْ مِنَ الْخَلْقِ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ شَاعِرٍ أَوْ مَجْنُونٍ ، كُنْتُ لا أُطِيقُ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا ، فَلَمَّا ابْتَدَأَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِكَرَامَتِهِ أَتَانِي رَجُلٌ فِي كَفِّهِ نَمَطٌ مِنْ دِيبَاجٍ ، فِيهِ كِتَابٌ ، وَأَنَا نَائِمٌ فَقَالَ : اقْرَأْ ، فَقُلْتُ : وَمَا أَقْرَأُ ؟ فَغَطَّنِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْمَوْتُ ، ثُمَّ كَشَطَ عَنِّي ، فَقَالَ : اقْرَأْ ، فَقُلْتُ : وَمَا أَقْرَأُ ؟ فَعَادَ لِي مِثْلُ ذَلِكَ فَقَالَ : اقْرَأْ ، فَقُلْتُ : وَمَا أَقْرَأُ ؟ فَعَاوَدَنِي بِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَقُلْتُ : أَنَا أُمِّيٌّ ، وَلا أَقُولُهَا إِلا تَنَحِّيًا مِنْ أَنْ يَعُودَ لِي بِمِثْلِ الَّذِي فَعَلَ بِي ، فَقَالَ : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ { 1 } خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ { 2 } سورة العلق آية 1-2 إِلَى قَوْلِهِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ سورة العلق آية 5 ثُمَّ انْتَهَى كَمَا كَانَ يَصْنَعُ بِي قَالَ : فَفَزِعْتُ ، فَكَأَنَّمَا صَوَّرَ فِي قَلْبِي كِتَابًا ، فَقُلْتُ : إِنَّ الأَبْعَدَ لَشَاعِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ، فَقُلْتُ : لا تَحَدَّثُ عَنِّي قُرَيْشٌ بِهَذَا لأَعْمِدَنَّ إِلَى حَالِقٍ مِنَ الْجَبَلِ ، فَلأَطْرَحَنَّ نَفْسِي مِنْهُ فَلأَقْتُلُهَا ، فَخَرَجْتُ وَمَا أُرِيدُ غَيْرَ ذَلِكَ ، فَبَيْنَا أَنَا عَامِدٌ لِذَلِكَ ، إِذْ سَمِعْتُ مُنَادِيًا يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ : يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَأَنَا جِبْرِيلُ ، فَذَهَبْتُ أَرْفَعُ رَأْسِي ، فَإِذَا رَجُلٌ صَافٌّ قَدَمَيْهِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ ، فَوَقَفْتُ لا أَقْدِرُ عَلَى أَنْ أَتَقَدَّمَ وَلا أَتَأَخَّرَ , وَمَا أَصْرِفُ وَجْهِي فِي نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلا قَدْ رَأَيْتُهُ ، حَتَّى بَعَثَتْ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَيَّ رُسُلَهَا فِي طَلَبِي ، وَرَجَعُوا إِلَيْهَا ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى كَادَ النَّهَارُ يَتَحَوَّلُ ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجِئْتُ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَجَلَسْتُ إِلَى فَخِذَيْهَا مُضِيفًا ، فَقَالَتْ : يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَنَّى كُنْتَ ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ بَعَثْتُ فِي طَلَبِكَ رُسُلِي ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْتُ : إِنَّ الأَبْعَدَ لَشَاعِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ، فَقَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : مَعَاذَ اللَّهِ يَا ابْنَ عَمِّ ، مَا كَانَ اللَّهُ لِيَفْعَلَ بِكَ إِلا خَيْرًا ، لَعَلَّكَ رَأَيْتَ شَيْئًا أَوْ سَمِعْتَ ؟ فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ فَقَالَتْ : يَا ابْنَ عَمِّ ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ ، إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الأُمَّةِ ، ثُمَّ جَمَعَتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ ، فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ ، وَقَصَّتْ عَلَيْهِ مَا قَصَّ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ وَرَقَةُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لإِنْ كُنْتِ صَدَقْتِنِي ، إِنَّهُ لِنَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ ، إِنَّهُ لَيَأْتِيهِ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ ، الَّذِي يَأْتِي مُوسَى ، فَقُولِي لَهُ فَلْيَثْبُتْ قَالَ : فَرَجَعَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ فَاسْتَكْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِوَارَهُ بِحِرَاءٍ ، ثُمَّ نَزَلَ فَبَدَأَ بِالْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ فَلَقِيَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي أَخْبِرْنِي بِالَّذِي رَأَيْتَ ، فَقَصَّ عَلَيْهِ خَبَرَهُ ، فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لِيَأْتِيكَ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ ، الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى ، وَإِنَّكَ لِنَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ ، وَلَتُؤْذَيَنَّ وَلَتُخْرَجَنَّ ، وَلَتُقَاتَلَنَّ ، وَلَتُنْصَرَنَّ ، وَلَئِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ لأَنْصُرَنَّكَ نَصْرًا يَعْلَمُهُ اللَّهُ مِنِّي حَقًّا ، ثُمَّ دَنَا فَقَبَّلَ شَوَاتَهُ , يَعْنِي وَسَطَ رَأْسِهِ , ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ : وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ فِي ذَلِكَ : ذَكَرْتُ وَكُنْتُ فِي الذِّكْرَى لَجُوجًا لِهَمٍّ طَالَ مَا بَعَثَ النَّشِيجَا وَوَصْفٍ مِنْ خَدِيجَةَ بَعْدَ وَصَفٍ فَقَدْ طَالَ انْتِظَارِي يَا خَدِيجَا وَقَالَ : وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ أَيْضًا فِي ذَلِكَ : يَا لَلرِّجَالِ لِصَرْفِ الدَّهْرِ وَالْقَدَرِ وَمَا عَسَى قَدْ قَضَاهُ اللَّهُ مِنْ غِيَرِ جَاءَتْ خَدِيجَةُ تُنْبِينِي لأُخْبِرَهَا وَمَا لَنَا بِخَمِيسِ الْغَيْبِ مِنْ خَبَرِ فَكَانَ مَا سَأَلَتْ عَنْهُ لأُخْبِرَهَا أَمْرًا أُرَاهُ سَيَأْتِي النَّاسَ فِي أُخَرِ بِأَنَّ أَحْمَدَ يَأْتِيهِ فَيُخْبِرُهُ جِبْرِيلُ أَنَّكَ مَبْعُوثٌ إِلَى الْبَشَرِ فَقُلْتُ كَانَ الَّذِي تَرْجِينَ يُنْجِزُهُ لَكِ الإِلَهُ فَرِّجِي الْخَيْرَ وَانْتَظِرِي فَأَرْسِلِيهِ إِلَيْنَا كَيْ نُسَائِلَهُ عَنْ أَمْرِهِ مَا يَرَى فِي النَّوْمِ وَالسَّهَرِ فَقَالَ حِينَ أَتَانِي مَنْطِقًا عَجَبًا يَقِفُّ مِنْهُ أَعَالِي الْجِلْدِ وَالشَعَرِ إِنِّي رَأَيْتُ أَمِينَ اللَّهِ وَاجَهَنِي فِي صُورَةٍ أُكْمِلَتْ فِي أَحْسَنِ الصُّوَرِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ فَكَادَ الْخَوْفُ يُذْعِرُنِي مِمَّا يُسَلِّمُ مَا حَوْلِي مِنَ الشَّجَرِ وَلِلْمَلِيكِ عَلَيَّ أَنْ دَعَوْتُهُمْ قَبْلَ الْجِهَادِ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرِ لَيْتَ الْمَلِيكَ إِلَهَ النَّاسِ أَخَّرَنِي حَتَّى تَعَالَى مَنْ يَدْعُو مِنَ الْبَدَرِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ | عبد الله بن الزبير الأسدي / ولد في :1 / توفي في :73 | صحابي |
وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ | وهب بن كيسان القرشي / توفي في :127 | ثقة |
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ | زياد بن عبد الله البكائي | صدوق حسن الحديث |
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ | عبد الملك بن محمد الرقاشي / ولد في :190 / توفي في :276 | صدوق حسن الحديث |