ذكر قتال ابن الزبير بمكة وخروجه ومبتداه ودخول الحصين بن نمير


تفسير

رقم الحديث : 1585

حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الرَّبِيعِيُّ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ جَعْفَرٍ , عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ ، عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : كَانَ لِلسَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ أَمَةٌ نُوبِيَّةٌ يُقَالُ لَهَا سَلامَةُ ، وَكَانَتْ تُقَاتِلُ أَيَّامَ ابْنِ الزُّبَيْرِ جَيْشَ الْحُصَيْنِ مَعَ مَوْلاهَا أَشَدَّ قِتَالٍ خَلَقَهُ اللَّهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ يَوْمًا قَدْ هَزَمَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ حَتَّى بَلَغُوا بِهِمُ الصَّفَا وَالْمَسْجِدَ ، وَالأَمَةُ عِنْدَ تَنُّورِهَا تَخْبِزُ ، فَصَاحَ بِهَا مَوْلاهَا ، فَأَخَذَتِ الْمِسْعَرَ ، ثُمَّ حَمَلَتْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ فَكَشَفَتْهُمْ حَتَّى هَزَمَتْهُمْ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ : مَا أَنْسَلا أَنْسَى إِلا رَيْثَ أَذْكُرُهُ أَيَّامَ تَطْرُدُنَا سَلْمَى وَتَنْحَدِرُ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، قَالَ : ثُمَّ مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، وَدَعَا مَرْوَانُ إِلَى نَفْسِهِ ، فَأَجَابَهُ أَهْلُ حِمْصَ وَأَهْلُ الأُرْدُنِّ وَفِلَسْطِينَ قَالَ : فَوَجَّهَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ فِي مِائَةِ أَلْفٍ ، فَالْتَقَوْا بِمَرْجِ رَاهِطٍ قَالَ : وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ فِي خَمْسَةِ آلافٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَمَوَالِيهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ، فَقَالَ : مَرْوَانُ لِمَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ ابْنُ كَرْهٍ : احْمِلْ عَلَى أَيِّ الطَّرَفَيْنِ شِئْتَ قَالَ : كَيْفَ تَحْمِلُ عَلَى هَؤُلاءِ لِكَثْرَتِهِمْ ؟ قَالَ : هُمْ بَيْنَ مُكْرَهٍ وَمُسْتَأْجَرٍ ، فَاحْمِلْ ، فَيَكْفِيكَ الطِّعَانُ النَّاجِعُ الْجَيِّدُ قَالَ : فَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ ، وَهَزَمَهُمْ مَرْوَانُ جَمِيعًا وَفِيهِ يَقُولُ الشَّاعِرُ : لَعَمْرِي لَقَدْ أَبْقَتْ وَقِيعَةُ رَاهِطٍ لِمَرْوَانَ صَدْعًا بَيِّنًا مُتَبَايِنَا وَقَدْ يَنْبُتُ الْمَرْعَى عَلَى دِمَنِ الثَّرَى وَتَبْقَى حَزَازَاتُ النُّفُوسِ كَمَا هِيَا قَالَ وَفِيهِ : يَقُولُ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْقَيْسِيُّ : أَفِي الْحَقِّ أَمَّا بَحْدَلٌ وَابْنُ بَحْدَلٍ فَيَحْيَا وَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَيُقْتَلُ كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ لا تَقْتُلُونَهُ وَلَمَّا يَكُنْ يَوْمٌ أَغَرُّ مُحَجَّلُ وَلَمَّا يَكُنْ لِلْمَشْرِفَيَّةِ فَوْقَكُمْ شُعَاعٌ كَقَرْنِ الشَّمْسِ حِينَ تَرَجَّلُ قَالَ : ثُمَّ مَاتَ مَرْوَانُ ، فَدَعَا عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى نَفْسِهِ وَقَامَ ، فَأَجَابَهُ أَهْلُ الشَّامِ ، فَخَطَبَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَقَالَ : مَنْ لابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْكُمْ ؟ فَقَالَ : الْحَجَّاجُ أَنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ : فَأَسْكَتَهُ ، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ : أَنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنِّي رَأَيْتُ فِيَ النَّوْمِ أَنِّي انْتَزَعْتُ جُبَّتَهُ فَلَبِسْتُهَا قَالَ : فَعَقَدَ لَهُ وَوَجَّهَهُ فِي الْجَيْشِ إِلَى مَكَّةَ ، حَتَّى وَرَدَهَا عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَاتَلَهُ بِهَا ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لأَهْلِ مَكَّةَ : احْفَظُوا هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ , فَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا أَعِزَّةً مَا لَمْ يَظْهَرُوا قَالَ : فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ ، فَنَصَبَ عَلَيْهِ الْمَنْجَنِيقَ ، فَكَانَ يَرْمِي بِهِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ ظَهَرَ الْحَجَّاجُ قَالَ : فَلَمَّا كَانَ الْغَدَاةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ بِنْتُ مِائَةِ سَنَةٍ لَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ وَلَمْ يَفْسُدْ لَهَا بَصَرٌ ، فَقَالَتْ لابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ : مَا فَعَلْتَ فِي حَرْبِكَ ؟ قَالَ : بَلَغُوا مَكَانَ كَذَا وَكَذَا قَالَ : فَضَحِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَالَ : إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَرَاحَةً قَالَتْ : يَا بُنَيَّ ، لَعَلَّكَ تَمَنَّاهُ لِي ؟ مَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ إِمَّا تَمْلِكُ فَتَقَرُّ عَيْنِي ، وَإِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبَكَ قَالَ : ثُمَّ وَدَّعَهَا ، فَقَالَتْ لَهُ يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ أَنْ تُعْطِيَ مِنْ دِينِكَ مَخَافَةَ الْقَتْلِ وَخَرَجَ مِنْ عِنْدَهَا فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ ، وَجَعَلَ شَيْئًا يَسْتُرُ بِهِ الْحَجَرَ أَنْ يُصِيبَهُ الْمَنْجَنِيقُ ، فَقِيلَ لَهُ : أَلا نُكَلِّمُهُمْ فِي الصُّلْحِ ؟ قَالَ : أَوَحِينُ صُلْحٍ هَذَا ؟ وَاللَّهِ لَوْ وَجَدُوكُمْ فِي جَوْفِهَا يَعْنِي الْكَعْبَةَ لَذَبَحُوكُمْ جَمِيعًا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : وَلَسْتُ بِمُبْتَاعِ الْحَيَاةِ بِسُبَّةٍ وَلا مُرْتَقٍ مِنْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ سُلَّمَا أَنَا لابْنُ أَسْمَا إِنَّهُ غَيْرُ نَازِحٍ مُلاقِي الْمَنَايَا أَيَّ صَرْفٍ تَيَمَّمَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى آلِ الزُّبَيْرِ يَعِظُهُمْ وَيَقُولُ : لِيُكِنَّ أَحَدُكُمْ سَيْفُهُ كَمَا يُكِنُّ وَجْهَهُ ، لا يَنْكَسِرُ سَيْفُهُ فَيَتَّقِي بِيَدِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَأَنَّهُ امْرَأَةٌ ، وَاللَّهِ مَا لَقِيتُ زَحْفًا قَطُّ إِلا كُنْتُ فِي الرَّعِيلِ الأَوَّلِ ، وَلا أَلِمْتُ جُرْحًا قَطُّ إِلا أَنْ آلَمَ الدَّوَاءَ قَالَ : بَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ بَابِ بَنِي جُمَحَ فِيهِمْ أَسْوَدُ ، فَقَالَ : مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قِيلَ : أَهْلُ حِمْصَ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ وَمَعَهُ سَيْفَانِ ، فَأَوَّلُ مَنْ لَقِيَهُ الأَسْوَدُ ، فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً حَتَّى أَطَنَّ رِجْلَهُ ، فَقَالَ الأَسْوَدُ : آخِ يَابْنَ الزَّانِيَةِ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : اخْسَأْ يَا ابْنَ حَامٍ ، أَسْمَاءُ زَانِيَةٌ ! ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ وَانْصَرَفَ ، فَإِذَا هُوَ بِقَوْمٍ قَدْ دَخَلُوا مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ ، فَقَالَ : مَنْ هَؤُلاءِ ؟ فَقِيلَ : أَهْلُ الأُرْدُنِّ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ : لا عَهْدَ لِي بِغَارَةٍ مِنَ السَّيْلِ لا يَنْجَلِي غُبَارُهَا حَتَّى اللَّيْلِ قَالَ : فَأَخْرَجَهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَجَعَ ، فَإِذَا بِقَوْمٍ قَدْ دَخَلُوا مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ : لَوْ كَانَ قِرْنِي وَاحِدًا كَفَيْتُهُ قَالَ : وَعَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَعْوَانِهِ مَنْ يَرْمِي عَدُوَّهُ بِالآجُرِّ وَغَيْرِهِ ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ فَأَصَابَتْهُ آجُرَّةٌ فِي مِفْرَقِهِ حَتَّى فَلَقَتْ رَأْسَهُ ، فَوَقَفَ قَائِمًا وَهُوَ يَقُولُ : وَلَسْنَا عَلَى الأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا تَقْطُرُ الدِّمَا قَالَ : ثُمَّ وَقَعَ ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ مَوْلَيَانِ لَهُ يُقَاتِلانِ عَنْهُ ، وَهُمَا يَقُولانِ : الْعَبْدُ يَحْمِي رَبَّهُ وَيَحْتَمِي قَالَ : ثُمَّ سِيرَ إِلَيْهِ فَحُزَّ رَأْسُهُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنُ الزُّبَيْرِ

صحابي

رَجُلٍ

صحابي