حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو هَاشِمٍ ، قَالَ : ثنا ابْنُ دَأَبٍ ، قَالَ : حَجَّ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بِالنَّاسِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ ، فَخَطَبَ بِعَرَفَةَ ، فَقَالَ : " أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ ، فَقَدْ وُلِّينَا هَذَا الأَمْرَ الَّذِي يُضَاعِفُ اللَّهُ فِيهِ لِلْمُحْسِنِ الأَجْرَ ، وَعَلَى الْمُسِيءِ فِيهِ الْوِزْرَ ، وَنَحْنُ عَلَى طَرِيقَةِ قَصْدِنَا ، فَاقْبَلُوا الْعَافِيَةَ فِينَا مَا قَبِلْنَاهَا مِنْكُمْ ، وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعِينَ كُلا عَلَى كُلٍّ " قَالَ : فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : لَسْتُ بِهِ ، وَلَمْ تَبْعُدْ قَالَ : " يَا أَخَاهُ ، قَالَ : قَدْ أَسْمَعْتَ فَقُلْ ، قَالَ : وَاللَّهِ لأَنْ تُحْسِنُوا وَقَدْ أَسَأْنَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُسِيئُوا وَقَدْ أَحْسَنَّا ، فَلَئِنْ كَانَ الإِحْسَانُ لَكُمْ دُونَنَا فَإِنَّكُمْ لَمَحْقُوقُونَ بِاسْتِتِمَامِهِ ، وَلَئِنْ كَانَ لَنَا دُونَكُمْ إِنَّكُمْ لَمَحْقُوقُونَ بِمُكَافَأَتِنَا عَلَيْهِ ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ يَمُتُّ إِلَيْكُمْ بِالْعُمُومَةِ ، وَيَخْتَصُّكَ بِالْخُئُولَةِ ، وَطْأَةُ زَمَانٍ ، وَكَثْرَةُ عِيَالٍ ، وَبِهِ فَقْرٌ ، وَعِنْدَهُ شُكْرٌ " قَالَ : فَقَالَ عُتْبَةُ : " نَسْتَغْفَرُ اللَّهَ مِنْكُمْ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ فِيكُمْ ، قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِغِنًى ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ إِسْرَاعَنَا إِلَيْكُمْ يَقُومُ بِإِبْطَائِنَا عَنْكُمْ " قَالَ : فَأَخَذَ مَا أَمَرَ لَهُ بِهِ ، ثُمَّ وَقَفَ الأَعْرَابِيُّ عَلَى الْمَوْقِفِ ، فَسُمِعَ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنِي خَيْرَ مَا عِنْدَكَ لِسُوءِ مَا عِنْدِي فَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَقْبَلْ تَعَبِي وَنَصَبِي ، فَلا تَحْرِمْنِي أَجْرَ الْمُصَابِ عَلَى مُصِيبَتِهِ ، اللَّهُمَّ عَجَّتْ إِلَيْكَ الأَصْوَاتُ بِضُرُوبِ الُّلغَاتِ يَسْأَلُونَكَ الْحَاجَاتِ ، وَحَاجَتِي إِلَيْكَ أَنْ تَذْكُرَنِي عَلَى طُولِ الْبَلاءِ إِذَا نَسِيَنِي أَهْلُ الدُّنْيَا " , وَسَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْيَمَانِيَّ يَذْكُرُ هَذِهِ الْخُطْبَةَ وَيَزِيدُ فِيهَا : فَلا تَمُدُّوا الأَعْنَاقَ إِلَى غَيْرِنَا ، فَإِنَّهَا تُقْطَعُ ، وَرُبَّ مُتَمَنٍّ حَتْفُهُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ، فَاقْبَلُوا الْعَافِيَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ دَأَبٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |