تفسير

رقم الحديث : 120

وَبِهِ إِلَى وَبِهِ إِلَى الرُّشَاطِيِّ ، قَالَ : نَا الْفَقِيهُ الْحَافِظُ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو عَلِيٍّ حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّدَفِيُّ ، رضه ، قِرَاءَةً مِنْهُ عَلَيْنَا ، قَالَ : نَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ ، إِجَازَةً ، وَأَنْبَأَنِي شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْهُ ، قَالَ : نَا أَبُو ذَرٍّ ، قَالَ : أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الْحَنْبَلِيُّ بعكبرا ، قَالَ : حدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ : أَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَشِّيُّ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّامِيُّ ، نا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : لأَجْلِدَنَّ فِي الشَّرَابِ كَمَا فَعَلَ جَدِّي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، ثُمَّ أَمَرَ صَاحِبَ عَسَسِهِ ، وَضَمَّ إِلَيْهِ صَاحِبَ خَبَرٍ ، وَقَالَ لَهُمَا : إِنْ وَجَدْتُمَا سَكْرَانًا ، فَأْتِيَانِي بِهِ ، قَالَ : فَطَافَا لَيْلَتَهُمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى بَعْضِ الأَسْوَاقِ ، فَإِذَا هُمَا بِشَيْخٍ حَسَنِ الشَّيْبَةِ بَهِيِّ الْمَنْظَرِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ حَسَنَةٌ مَثْلُوثٌ فِي ثِيَابِهِ سُكْرًا وَهُوَ يَتَغَنَّى : سَقَوْنِي وَقَالُوا : لا تُغَنِّ وَلَوْ سَقَوْا جِبَالَ حُنَيْنٍ مَا سَقَوْنِي لَغَنَّتِ فَحَرَّكَاهُ بِأَرْجُلِهِمَا ، وَقَالا لَهُ : يَا شَيْخُ أَمَا تَسْتَحِي هَذِهِ الشَّيْبَةُ الْحَسَنَةُ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ ، فَقَالَ : ارْفِقَا فَإِنَّ إِخْوَانًا أَحْدَاثَ الأَسْنَانِ شَرِبْتُ عِنْدَهُمْ لَيْلَتِي هَذِهِ فَلَمَّا عَمِلَ الشَّرَابُ فِيَّ أَخْرَجُونِي ، فَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَعْفُوَا عَنِّي فَافْعَلا ، فَقَالَ صَاحِبُ الْعَسَسِ لِصَاحِبِ الْخَبَرِ : اكْتُمْ عَلَى أَمْرِهِ حَتَّى أُطْلِقَهُ ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ، قَالَ : انْصَرِفْ يَا شَيْخُ وَلا تَعُدْ ، قَالَ : نَعَمْ ، وَأَنَا تَائِبٌ فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ ، طَافَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ ، فَإِذَا هُمَا بِالشَّيْخِ عَلَى مِثْلِ حَالَتِهِ فِي الْمَرَّةِ الأُولَى ، وَهُوَ يَتَغَنَّى : إِنَّمَا هَيَّجَ الْبِلَى حِينَ عَضَّ السَّفَرْجَلا فَرَمَانِي ، وَقَالَ لِي : كُنْ بِعَيْنَيَّ مُبْتَلا وَلَقَدْ قَامَ لَحْظُهُ لِي عَلَى الْقَلْبِ بِالْغِلا فَحَرَّكَاهُ بِأَرْجُلِهِمَا ، وَقَالا لَهُ : يَا شَيْخُ ، أَيْنَ التَّوْبَةُ مِنْكَ ؟ قَالَ : ارْفِقَا بِي وَاسْمَعَا مِنِّي ، إِنَّ أِخْوَانِي الَّذِي ذَكَرْتُهُمْ لَكُمَا الْبَارِحَةَ غَدَوْا عَلَيَّ فِي يَوْمِهِمْ هَذَا ، وَحَلَفُوا لِي أَنَّهُ مَتَى عَمِلَ الشَّرَابُ فِيَّ لَمْ يُخْرِجُونِي فَعَمِلَ فِيَّ وَفِيهِمْ ، فَخَرَجْتُ وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ، فَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُزِيدَا فِي الْعَفْوِ ، فَافْعَلا ، فَقَالَ صَاحِبُ الْعَسَسِ لِصَاحِبِ الْخَبَرِ : اكْتُمْ عَلَى أَمْرِهِ حَتَّى أُطْلِقَهُ ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ، قَالَ : انْصَرِفْ يَا شَيْخُ فَانْصَرَفَ الشَّيْخُ فَطَافَا فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ فَإِذَا هُمَا بِالشَّيْخِ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الْحَالَةِ يَتَغَنَّى : ارْضَ عَنِّي فَطَالَ مَا قَدْ سَخِطْتَا أَنْتَ مَا زِلْتَ جَافِيًا مُنْذُ عَرَفْتَا أَنْتَ مَا زِلْتَ جَافِيًا لا صَوْلا بَلْ بِهَذَا فَدَتْ نَفْسِي الْعتَا مَا كَذَا يَفْعَلُ الْكِرَامُ بَنُو النَّاسِ بِأَحْبَابِهِمْ فَلِمَ كُنْتَ أَنْتَ قَالَ : فَحَرَّكَاهُ بِأَرْجُلِهِمَا ، وَقَالا لَهُ : هَذِهِ الثَّالِثَةُ وَلا عَفْوَ ، قَالَ : أَخْطَأْتُمَا ، قَالا : كَيْفَ ؟ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ شَرِبَهَا الثَّانِيَةَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ شَرِبَهَا الثَّالِثَةَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ شَرِبَهَا الرَّابِعَةَ ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، ثُمَّ إِنْ تَابَ لَمْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ " . فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ : " عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ " . وَالْعَفْوُ فِي الثَّالِثَةِ وَاجِبٌ ، وَفِي الرَّابِعَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ ، قَالَ : فَقَالَ صَاحِبُ الْعَسَسِ لِصَاحِبِ الْخَبَرِ : هِيَ مِحْنَةٌ اكْتُمْهَا عَلَيَّ حَتَّى أُطْلِقَهُ ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ، قَالَ : انْصَرِفْ ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ ، طَافَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ ، فَإِذَا بِالشَّيْخِ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ ، وَهُوَ يَتَغَنَّى : قَدْ كُنْتُ أَبْكِي وَمَا حَنَّتْ لَهُمْ إِبِلُ فَمَا أَقُولُ إِذَا مَا حُمِّلَ الثَّقَلُ كَأَنَّنِي بِكَ نِضْوٌ لا حَرَاكَ لَهُ تُدْعَى وَأَنْتَ عَنِ الدَّاعِينَ مُشْتَغِلُ فَقَلَّبُوكَ بِأَيْدِيهِمْ هُنَاكَ وَقَدْ سَارَتْ بِأَحْبَابِكَ المْهُرِيَّةُ الذَّلَلُ حَتَّى إِذَا يَئِسُوا مِنْ أَنْ تُجِيبَهُمُ عَضُّوا عَلَيْكَ ، وَقَالُوا قَدْ قَضَى الرَّجُلُ فَحَرَّكَاهُ بِأَرْجُلِهِمَا ، وَقَالَ لَهُ : هَذِهِ الرَّابِعَةُ فَلا عَفْوَ ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا أَسْأَلُكُمَا عَفْوًا بَعْدَهَا ، فَافْعَلا مَا بَدَا لَكُمَا ، قَالَ : فَحَمَلاهُ ، فَأَوْقَفَاهُ بِحَضْرَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَقَصَّا عَلَيْهِ قِصَّتَهُ مِنْ أَوَّلِها إِلَى آخِرِهَا ، فَأَمَرَ عُمَرُ بِاسْتِنْكَاهَهُ فَوَجَدَ مِنْهُ رَائِحَةً ، فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ حَتَّى أَفَاقَ فَلَمَّا كَانَ الْغَدَاءُ قَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ، فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ، فَلَمَّا فَرَغَ ، قَالَ لَهُ عُمَرُ : انْصِفْ مِنْ نَفْسِكَ وَلا تَعُدْ ، قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَدْ ظَلَمْتَنِي ، قَالَ : وَكَيْفَ ، قَالَ : إِنِّي عَبْدٌ ، وَقَدْ حَدَدْتَنِي حَدَّ الأَحْرَارِ ، فَاغْتَمَّ عُمَرُ ، وَقَالَ : اخْطَأْتَ عَلَيْنَا ، وَعَلَى نَفْسِكَ ، إِلا أَخْبَرْتَنَا إِنَّكَ عَبْدٌ ، فَنُحِدُّكَ حَدَّ الْعَبِيدِ فَلَمَّا رَأَى اهْتِمَامَ عُمَرَ تَشَدَّدَ عَلَيْهِ ، قَالَ : لا يَسُؤُكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، يَكُونُ لِي بَقِيَّةُ هَذَا الْحَدِّ سَلَفًا عِنْدَكَ ، لَعَلِّي أُرْفَعُ إِلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ، فَضَحِكَ عُمَرُ حَتَّى اسْتَلْقَى ، وَكَانَ قَلِيلُ الضَّحِكِ ، وَقَالَ لِصَاحِبِ عَسَسِهِ ، وَصَاحِبِ خَبَرِهِ : إِذَا رَأَيْتُمَا مِثْلَ هَذَا الشَّيْخِ فِي هَيْئَتِهِ وَحِلْمِهِ ، وَفَهْمِهِ ، وَأَدَبِهِ فَاحْمِلا أَمْرَهُ عَلَى الشُّبْهَةِ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبْهَاتِ " ، وَهَذَا الْخَبَرُ أَوْرَدَهُ الرُّشَاطِيُّ كَمَا سُقْتُهُ فِي بَابِ الْحَنْبَلِيِّ مِنْ كِتَابِهِ ، وَهُوَ مِمَّا نَقَدَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي أَشْبَاهٍ لَهُ عَلَيْهِ ، وَاعْتَقَدَ جَمِيعَهَا فُكَاهَاتٍ نَسَبَهَا إِلَيْهِ بَلْ جَعَلَهَا حِكَايَاتٍ غَثَّةً ، وَقَالَ : هِيَ لَغْوٌ وَسَقْطٌ لا يَحِلُّ أَنْ تُقْرَأَ فِي جَوَامِعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَمْرَةِ الْمَسَاجِدِ ، وَحَكَى أَنَّ فِي آخِرِ هَذِهِ مِنْ تَرْخِيصِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا لا يَلِيقُ بِدِينِهِ وَفَضْلِهِ فَاحْتَجَّ هُوَ بِأَنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةُ حَدَّثَهُ بِهَا أَبُو عَلِيٍّ قِرَاءَةً مِنْهُ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : وَلا مَحَالَةَ أَنَّهُ كَانَ خَيْرًا مِنْكَ ، وَأَوْرَعَ أَنَّهَا الْمُنْتَقَدُ ، فَهَلا تَأَدَّبْتَ مَعَهُ لَكِنِ الْهَوَى أَعْمَاكَ وَالتَّمْكِينَ فِي الدُّنْيَا أَطْغَاكَ ، وَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى شَيْخِنَا أَبِي الرَّبِيعِ الْحَافِظِ فِي مَشْيَخَةِ ابْنِ حُبَيْشٍ مِنْ تَآلِيفِهِ ، وَحَدَّثَنِي بِهَا عَنْهُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ مَوْهَبٍ ، عَنِ الْعُذْرِيِّ ، وَبَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ خِلافٌ قَلِيلٌ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

ثقة إمام مكثر

مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو

ثقة

بِشَيْخٍ

عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ

ثقة مأمون

أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ

ثقة

مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ

ثقة

أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَشِّيُّ الْبَصْرِيُّ

ثقة حافظ إمام

أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ

صدوق حسن الحديث

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الْحَنْبَلِيُّ

ثقة

أَبُو ذَرٍّ

ثقة حافظ

أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ

حافظ محدث متقن

أَبُو عَلِيٍّ حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّدَفِيُّ

ثقة إمام حافظ

Whoops, looks like something went wrong.