تفسير

رقم الحديث : 33

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْدِ بْنِ حَمْدِ بْنِ نَصْرٍ الْخَبَّازُ ، إِجَازَةً ، قَالَ : أنبا مَنْصُورٍ مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، قَالَ : أنبا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ فَاذشَاهْ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، قَالَ : أنبا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ ، قثا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ ، قثا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ { 1 } وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا { 2 } فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا { 3 } سورة النصر آية 1-3 . قَالَ : لَمَّا أُنْزِلَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا جِبْرِيلُ نَفْسِي قَدْ نُعِيَتْ ، قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ : وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى { 4 } وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى { 5 } سورة الضحى آية 4-5 ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلالا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلاةِ جَامِعَةً ، فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، وَبَكَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ نَبِيٍّ كُنْتُ لَكُمْ ؟ " قَالُوا : جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ خَيْرًا فَلَقَدْ كُنْتَ كَالأَبِ الرَّحِيمِ ، وَالأَخِ النَّاصِحِ الشَّفِيقِ ، أَدَّيْتَ رِسَالاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَبْلَغْتَنَا وَحْيَهُ ، وَدَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَازَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ ، فَقَالَ لَهُمْ : " مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ أُنَاشِدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِحَقِّي عَلَيْكُمْ مَنْ كَانَتْ لَه فِي قِبَلِي مَظْلَمَةٌ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي قَبْلَ الْقِصَاصِ فِي الْقِيَامَةِ " ، فَقَامَ . . . مِنْ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ شَيْخٌ كَبِيرٌ يُقَالُ لَهُ : عُكَّاشَةُ ، فَتَخَطَّى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي لَوْلا أَنَّكَ نَاشَدْتَنَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مَا كُنْتُ بِالَّذِي أَتَقَدَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا ، وَإِنِّي كُنْتُ مَعَكَ فِي غَزَاةٍ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا ، وَنَصَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكُنَّا فِي الانْصِرَافِ حَادَتْ نَاقَتِي نَاقَتَكَ ، فَنَزَلْتُ عَنِ النَّاقَةِ فَدَنَوْتُ مِنْكَ لأُقَبِّلَ فَخِذَكَ ، فَرَفَعْتَ الْقَضِيبَ وَضَرَبْتَ خَاصِرَتِي ، وَلا أَدْرِي أَكَانَ عَمْدًا مِنْكَ أَمْ أَرَدْتَ بِذَلِكَ ضَرْبَ النَّاقَةِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُعِيذُكَ بِجَلالِ اللَّهِ أَنْ يَتَعَمَّدَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا بِلالُ انْطَلِقْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ وَأْتِنِي بِالْقَضِيبِ الْمَمْشُوقِ " ، فَخَرَجَ بِلالٌ مِنَ الْمَسْجِدِ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يُنَادِي : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ ، فَقَرَعَ الْبَابَ عَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقَالَ : يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ نَاوِلِينِي الْقَضِيبَ الْمَمْشُوقَ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ : يَا بِلالُ وَمَا يَصْنَعُ أَبِي بِالْقَضِيبِ الْمَمْشُوقِ وَلَيْسَ هَذَا يَوْمُ حَجٍّ وَلا يَوْمُ غَزْوٍ ؟ فَقَالَ : يَا فَاطِمَةُ مَا أَغْفَلَكِ عَمَّا فِيهِ أَبُوكِ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَدِّعُ النَّاسَ ، وَيُفَارِقُ الدُّنْيَا ، وَيُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَمَنْ ذَا الَّذِي تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بِلالُ إِذًا فَاذْهَبْ فَقُلْ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَقُومَانِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَيَقْتَصَّ مِنْهُمَا ، وَلا يَدَعَانِهِ يَقْتَصُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَدَخَلَ بِلالٌ الْمَسْجِدَ ، وَدَفَعَ الْقَضِيبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَضِيبَ إِلَى عُكَّاشَةَ ، فَلَمَّا نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى ذَلِكَ قَامَا فَقَالا : يَا عُكَّاشَةُ هَذَانِ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ فَاقْتَصَّ مِنَّا وَلا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " امْضِ يَا أَبَا بَكْرٍ وَأَنْتَ يَا عُمَرُ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَكَانَكُمَا وَمَقَامَكُمَا " ، فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : يَا عُكَّاشَةُ أَنَا فِي الْحَيَاةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ يُضْرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَهَذَا ظَهْرِي وَبَطْنِي فَاقْتَصَّ مِنِّي بِيَدَيْكَ ، فَاجْلِدْ مِائَةً وَلا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَلِيُّ اقْعُدْ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَكَانَكَ وَنِيَّتَكَ ، " . فَقَامَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَقَالا : يَا عُكَّاشَةُ أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّا سِبْطَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقِصَاصُ مِنَّا كَالْقِصَاصِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اقْعُدَا يَا قُرَّةَ الْعَيْنِ لا نَسِيَ اللَّهُ لَكُمَا هَذَا الْمَقَامَ " . ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عُكَّاشَةُ اضْرِبْ إِنْ كُنْتَ ضَارِبًا " . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ ضَرَبْتَنِي وَأَنَا حَاسِرٌ عَنْ بَطْنِي ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَطْنِهِ فَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ وَضَجُّوا بِالْبُكَاءِ وَقَالُوا : أَتُرَى عُكَّاشَةُ ضَارِبًا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَلَمَّا نَظَرَ عُكَّاشَةُ إِلَى بَيَاضِ بَطْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالأَنْوَارُ تَتَلأْلأُ لَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ أَنْ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ، وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَلِحْيَتَهُ وَهُوَ يَقُولُ : فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي وَمَنْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِمَّا أَنْ تَضْرِبَ وَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ " ، فَقَالَ : قَدْ عَفَوْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجَاءَ أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا الشَّيْخِ " . فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْ عُكَّاشَةَ وَيَقُولُونَ : طُوبَاكَ نِلْتَ الدَّرَجَاتِ الْعُلا وَمُرَافَقَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِهِ فَكَانَ مَرِيضًا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَعُودُهُ النَّاسُ ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، وَبُعِثَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، وَقُبِضَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحَدِ ثَقُلَ فِي مَرَضِهِ ، فَأَذَّنَ بِلالٌ بِالأَذَانِ ، ثُمَّ وَقَفَ بِالْبَابِ فَنَادَى : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، الصَّلاةَ رَحِمَكَ اللَّهُ , فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ بِلالٍ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : يَا بِلالُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ ، فَدَخَلَ بِلالٌ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا أَسْفَرَ الصُّبْحُ قَالَ : وَاللَّهِ لا أُقِيمُهَا أَوْ أَسْتَأْذِنُ سَيِّدِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَجَعَ فَقَامَ بِالْبَابِ , فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، الصَّلاةَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَسَمِعَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ بِلالٍ فَقَالَ : " ادْخُلْ يَا بِلالُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ " . فَخَرَجَ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ : وَاغَوْثَاهْ بِاللَّهِ وَانْقِطَاعَ رَجَائِهِ وَانْفِصَامَ ظَهْرِي لَيْتَنِي لَمْ تَلِدْنِي أُمِّي وَإِذْ وَلَدَتْنِي لَمْ أَشْهَدْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلنَّاسِ ، وَكَانَ رَجُلا رَقِيقًا ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى خُلُوِّ الْمَكَانِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَجِيجَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ : مَا هَذِهِ الضَّجَّةُ ؟ فَقَالُوا : ضَجَّةُ الْمُسْلِمِينَ لِفَقْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، وَالْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَاتَّكَأَ عَلَيْهِمَا ، فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ، ثُمَّ أَقَبْلَ بِوَجْهِ الْمَلِيحِ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : " مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ أَنْتُمْ فِي رَجَاءِ اللَّهِ وَأَمَانَتِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ ، مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَحِفْظِ طَاعَتِهِ مِنْ بَعْدِي ، فَإِنِّي مُفَارِقٌ الدُّنْيَا هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الآخِرَةِ وَآخِرُ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ اشْتَدَّ بِهِ الأَمْرُ ، وَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ أَنِ اهْبِطْ إِلَى حَبِيبِي وَصَفِيِّي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَارْفُقْ بِهِ فِي قَبْضِ رُوحِهِ ، فَهَبَطَ مَلَكُ الْمَوْتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَوَقَفَ بِالْبَابِ شِبْهَ أَعْرَابِيٍّ ، ثُمَّ قَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ، وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ ، وَمُخْتَلَفَ الْمَلائِكَةِ أَأَدْخُلُ ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ : أَجِيبِي الرَّجُلَ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : جَزَاكَ اللَّهُ فِي مَمْشَاكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ ، فَنَادَى الثَّانِيَةَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : يَا فَاطِمَةُ أَجِيبِي الرَّجُلَ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ : جَزَاكَ اللَّهُ فِي مَمْشَاكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ ، ثُمَّ دَعَا الثَّالِثَةَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ، وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ ، وَمُخْتَلَفِ الْمَلائِكَةِ ، أَأَدْخُلُ فَلا بُدَّ مِنَ الدُّخُولِ ؟ فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ مَلَكِ الْمَوْتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ : " يَا فَاطِمَةُ مَنْ بِالْبَابِ ؟ " . فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رَجُلا بِالْبَابِ يَسْتَأْذِنُ فِي الدُّخُولِ فَأَجَبْنَاهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ، فَنَادَى فِي الثَّالِثَةِ صَوْتًا اقْشَعَرَّ مِنْهُ جِلْدِي ، وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصِي ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا فَاطِمَةُ أَتَدْرِينَ مَنْ بِالْبَابِ هَذَا هَادِمُ اللَّذَّاتِ ، وَمُفَرِّقُ الْجَمَاعَاتِ ، هَذَا مُرَمِّلُ الأَزْوَاجِ ، وَمُؤْتِمُ الأَوْلادِ ، هَذَا مُخَرِّبُ الدُّورِ ، وَعَامِرُ الْقُبُورِ ، هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ ، ادْخُلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ " . فَدَخَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا مَلَكَ الْمَوْتِ جِئْتَنِي زَائِرًا أَوْ قَابِضًا ؟ " فَقَالَ : جِئْتُكَ زَائِرًا وَقَابِضًا ، وَأَمَرَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَلَّا أَدْخُلَ عَلَيْكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ ، وَلا أَقْبِضَ رُوحَكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ ، فَإِنْ أَذِنْتَ وَإِلَّا رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا مَلَكُ أَيْنَ خَلَّفْتَ حَبِيبِي جِبْرِيلَ ؟ " قَالَ : خَلَّفْتُهُ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا وَالْمَلائِكَةُ يُعَزُّونَهُ فِيكَ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنْ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا جِبْرِيلُ هَذَا الرَّحِيلُ مِنَ الدُّنْيَا فَبَشِّرْنِي مَالِي عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " . فَقَالَ : أُبَشِّرُكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ قَدْ فُتِحَتْ ، وَالْمَلائِكَةُ قَدْ قَامُوا صُفُوفًا صُفُوفًا بِالتَّحِيَّةِ وَالرَّيْحَانِ يُحَيُّونَ رُوحَكَ يَا مُحَمَّدُ ، قَالَ : " لِوَجْهِ رَبِّي الْحَمْدُ وَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ " . قَالَ : أُبَشِّرُكَ أَنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ قَدْ فُتِحَتْ ، وَأَنْهَارَهَا قَدِ اطَّرَدَتْ ، وَأَشْجَارَهَا قَدْ بُدِّلَتْ ، وَحُورَهَا قَدْ تَزَيَّنَتْ لِقُدُومِ رُوحِكَ يَا مُحَمَّدُ ، قَالَ : " لِوَجْهِ رَبِّي الْحَمْدُ ، بَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ " . قَالَ : أَنْتَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : " لِوَجْهِ رَبِّي الْحَمْدُ " . قَالَ جِبْرِيلُ : يَا حَبِيبِي عَمَّ تَسْأَلُنِي ؟ قَالَ : " أَسْأَلُكَ عَنْ غَمِّي وَهَمِّي ، مَنْ لِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ مِنْ بَعْدِي ؟ مَنْ لِصُوَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ بَعْدِي ؟ مَنْ لِحَاجِّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ مِنْ بَعْدِي ؟ مِنْ لأُمَّتِي الْمُصْطَفِينَ مِنْ بَعْدِي ؟ " . قَالَ : أَبْشِرْ يَا حَبِيبَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : " حُرِّمَتِ الْجَنَّةُ عَلَى جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالأُمَمِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أَنْتَ وَأُمَّتَكَ يَا مُحَمَّدُ " . قَالَ : " الآنَ طَابَتْ نَفْسِي إِذَنْ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ فَانْتَهِ إِلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ " . فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا أَنْتَ قُبِضْتَ مَنْ يُغَسِّلُكَ ؟ وَفِيمَا نُكَفِّنُكَ ؟ وَمَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ وَمَنْ يُدْخِلُكَ الْقَبْرَ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَلِيُّ أَمَّا الْغُسْلُ فَغَسِّلْنِي أَنْتَ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ يَصُبُّ عَلَيْكَ الْمَاءَ ، وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَالِثُكُمَا ، فَإِذَا فَرَغْتُمْ أَنْتُمْ مِنْ غُسْلِي فَكَفِّنُونِي فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ جُدُدٍ ، وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَأْتِينِي بِحَنُوطٍ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَإِذَا أَنْتُمْ وَضَعْتُونِي عَلَى السَّرِيرِ فَضَعُونِي فِي الْمَسْجِدِ وَاخْرُجُوا عَنِّي ، فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ثُمَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، ثُمَّ مِيكَائِيلُ ، ثُمَّ إِسْرَافِيلُ ثُمَّ الْمَلائِكَةُ زُمْرًا زُمْرًا ، ثُمَّ ادْخُلُوا فَقُومُوا صُفُوفًا لا يَتَقَدَّمُ عَلَيَّ أَحَدٌ " . قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : الْيَوْمُ الْفِرَاقُ فَمَتَى أَلْقَاكَ ؟ قَالَ : " يَا بُنَيَّةُ تَلْقِينِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الْحَوْضِ وَأَنَا أَسْقِي مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ مِنْ أُمَّتِي " ، قَالَتْ : فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " تَلْقِينِي عِنْدَ الْمِيزَانِ وَأَنَا أَشْفَعُ لأُمَّتِي " . قَالَتْ : فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ ، قَالَ : " تَلْقِينِي عِنْدَ الصِّرَاطِ وَأَنَا أُنَادِي رَبِّ سَلِّمْ أُمَّتِي مِنَ النَّارِ " . فَدَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يُعَالِجُ رُوحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحَ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوِّه فَلَمَّا بَلَغَ الروُّحُ السُّرَّةَ ، نَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاكَرْبَاهْ , قَالَتْ فَاطِمَةُ : وَاكَرْبِي لِكَرْبِكَ يَا أَبَتَاهْ , فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحَ إِلَى الثُّنْدُؤَةِ ، نَادَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا جِبْرِيلُ مَا أَشَدَّ مَرَارَةَ الْمَوْتِ " . فَوَلَّى جِبْرِيلُ وَجْهَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا جِبْرِيلُ كَرِهْتَ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِي " ، قَالَ جِبْرِيلُ : يَا حَبِيبِي وَمَنْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْكَ وَأَنْتَ تُعَالِجُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ ، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَسَّلَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ ، وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ مَعَهُمَا ، وَكُفِّنَ بِثَلاثَةِ أَثْوَابٍ جُدُدٍ ، وَحُمِلَ عَلَى سَرِيرٍ ، ثُمَّ أَدْخَلُوهُ الْمَسْجِدَ ، وَوَضَعُوهُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَخَرَجَ النَّاسُ عَنْهُ ، فَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ، ثُمَّ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ مِيكَائِيلُ ، ثُمَّ إِسْرَافِيلُ ، ثُمَّ الْمَلائِكَةُ زُمْرًا زُمْرًا ، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَقَدْ سَمِعْنَا فِي الْمَسْجِدِ هَمْهَمَةً وَلَمْ نَرَ لَهُمْ شَخْصًا فَسَمِعْنَا هَاتِفًا يَهْتِفُ وَيَقُولُ : ادْخُلُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَدَخَلْنَا وَقُمْنَا صُفُوفًا كَمَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَبَّرْنَا بِتَكْبِيرِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَصَلَّيْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلاةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، مَا تَقَدَّمَ مِنَّا أَحَدٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَدَخَلَ الْقَبْرَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَدُفِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ قَالَتْ فَاطِمَةُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : يَا أَبَا الْحَسَنِ دَفَنْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : نَعَمْ قَالَتْ فَاطِمَةُ : كَيْفَ طَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تُحْثُوا التُّرَابَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ فِي صُدُورِكُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّحْمَةُ ، أَمَّا كَانَ مَعَكُمُ الْخَيْرُ ؟ قَالَ : بَلَى يَا فَاطِمَةُ وَلَكِنَّ أَمْرَ اللَّهِ الَّذِي لا مَرَدَّ لَهُ ، فَجَعَلَتْ تَبْكِي وَتَنْدِبُ وَتَقُولُ : يَا أَبَتَاهُ الآنَ انْقَطَعَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَأْتِينَا بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ . وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَبْكِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِطَيَبَةَ رَسْمٌ لِلرَّسُولِ وَمَعْهَدُ مُنِيرٌ وَقَدْ تَعْفُو الرُّسُومُ وَتَهْمَدُ وَلا تُمْتَحَى الآيَاتُ مِنْ دَارِ حُرْمَةٍ بِهَا مِنْبَرُ الْهَادِي الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ وَوَاضِحُ آيَاتٍ وَبَاقِي مَعَالِمٍ وَرَبْعٌ لَهُ فِيهِ مُصَلًّى وَمَسْجِدُ بِهَا حُجُرَاتٌ كَانَ يَنْزِلُ وَسَطَهَا مِنَ اللَّهِ نُورٌ يُسْتَضَاءُ وَمُوقَدُ مَعَارِفُ لَمْ تُطْمَسْ عَلَى الْعَهْدِ آيُهَا أَتَاهَا الْبَلَى فَالآيُ مِنْهَا تُجَدَّدُ عَرَفْتُ بِهَا رَسْمَ الرَّسُولِ وَعَهْدَهُ وَقَبْرًا بِهَا وَارَاهُ فِي التُّرَابِ مُلْحِدُ ظَلَلْتُ بِهَا أَبْكِي الرَّسُولَ فَأَسْعَدَتْ عُيُونٌ وَمِثْلاهَا مِنَ الْجِنِّ تُسْعَدُ يَذْكُرْنَ آلاءَ الرَّسُولِ وَمَا أَرَى لَهَا مُحِصيًا نَفْسِي فَنَفْسِي تَبَلَّدُ مُفَجَّعَةٌ قَدْ شَفَّهَا فَقْدُ أَحْمَدَ فَظَلَّتْ لآلاءِ الرَّسُولِ تُعَدِّدُ وَمَا بَلَغَتْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ عَسِيرَهُ وَلَكِنَّ نَفْسِي بَعْدَ مَا قَد تَوَجَّدُ أَطَالَتْ وُقُوفًا تَذْرِفُ الْعَيْنُ جُهْدَهَا عَلَى طَلَلِ الْقَبْرِ الَّذِي فِيهِ أَحْمَدُ فَبُورِكْتَ يَا قَبْرَ الرَّسُولِ وَبُورِكَتْ بِلادٌ ثَوَى فِيهَا الرَّشِيدُ الْمُسَدَّدُ وَبَارَكَ لَحْد مِنْكَ ضُمِّنَ طَيِّبًا عَلَيْهِ بِنَاء مِنْ صَفِيحٍ مُنَضَّدُ تَهِيلُ عَلَيْهِ التُّرُبُ أَيْدٌ وَأَعْيُنُ عَلَيْهِ وَقَدْ غَارَتْ بِذَلِكَ أَسْعُدُ لَقَدْ غَيَّبُوا حِلْمًا وَعِلْمًا وَرَحْمَةً عَشِيَّةَ عَلَّوْهُ الثَّرَى لا يُوَسَّدُ وَرَاحُوا بِحُزْنٍ لَيْسَ فِيهِمْ نَبِيُّهُمْ وَقَدْ نَقِيَتْ مِنْهُمْ ظُهُورٌ وَأَعْضُدُ يَبْكُونَ مَنْ تَبْكِي السَّمَوَاتُ يَوْمَهُ وَمَنْ قَدْ بَكَتْهُ الأَرْضُ فَالنَّاسُ أَكْمَدُ وَهَلْ عَدَلَتْ يَوْمًا رَزِيَّةُ هَالِكٍ رَزِيَّةَ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ مُحَمَّدُ تَقَطَّعَ فِيهِ مُنْزَلُ الْوَحْيِ عَنْهُمْ وَقَدْ كَانَ ذَا نُورٍ يَغُورُ وَيُنْجِدُ يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمَنِ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ وَيُنْقِذُ مِنْ جَوْرِ الزَّرَايَا وَيُرْشِدُ إِمَامٌ لَهُمْ يَهْدِيهِمُ الْحَقَّ جَاهِدًا مُعَلِّمُ صِدْقٍ إِنْ يُطِيعُوهُ يُسْعَدُوا عَفُوٌّ عَنِ الزَّلاتِ يَقْبَلُ عُذْرَهُمْ وَإِنْ يُحْسِنُوا فَاللَّهِ بِالْخَيْرِ أَجْوَدُ وَإِنْ نَابَ خَطْبٌ لَمْ يَقُومُوا بِحَمْلِهِ فَمِنْ عِنْدِهِ تَيْسِيرُ مَا يُتَشَدَّدُ فَبَيْنَا هُمْ فِي نِعْمَةِ اللَّهِ وَسَطَهُمْ دَلِيلٌ بِهِ نَهْجُ الطَّرِيقَةِ يُقْصَدُ عَزِيزٌ عَلَيْهِ أَنْ يَجُورُوا عَنِ الْهُدَى حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَسْتَقِيمُوا وَيَهْتَدُوا عَطُوفٌ عَلَيْهِمْ لا يَثْنِي جَنَاحَهُ إِلَى كَتِفٍ يَحْنُو عَلَيْهِمْ وَيَمْهَدُ فَبَيْنَا هُمْ فِي ذَلِكَ النُّورِ إِذْ عَدَا عَلَى نُورِهِمْ سَهْمٌ مِنَ الْمَوْتِ مُفَضَّدُ فَأَصْبَحَ مَحْمُودًا إِلَى اللَّهِ رَاجِعًا يَبْكِيهِ حَقّ الْمُرْسَلاتِ وَيَحْمَدُ وَأَمْسَتْ بِلادُ الْحَرَمِ وَحْشًا بِقَاعُهَا لِغَيْبَةِ مَا كَانَتْ مِنَ الْوَحْيِ تَعْهَدُ قِفَارًا سِوَى مَعْمُورَةِ اللَّحْدِ ضَافَهَا فَقِيدٌ يُبَكِّيهِ بَلاطٌ وَغَرْقَدُ وَمَسْجِدُهُ فَالْمُوحِشَاتُ لِفَقْدِهِ خَلاءٌ لَهُ فِيهِ مَقَامٌ وَمَقْعَدُ وَبِالْجَمْرَةِ الْكُبْرَى لَهُ ثَمَّ أَوْحَشَتْ دِيَارٌ وَعَرَصَاتٌ وَرَبْعٌ وَمِقْعَدُ فَبَكِّى رَسُولَ اللَّهِ يَا عَيْنُ عَبْرَةً وَلا أَعْرِفَنَّكَ الدَّهْرَ دَمْعَك يَجْمُدُ وَمَالَكِ لا تَبْكِينَ ذَا النِّعْمَةِ الَّتِي عَلَى النَّاسِ مِنْهَا سَابِغٌ يَتَغَمَّدُ فَجُودِي عَلَيْهِ بِالدُّمُوعِ وَأَعْوِلِي لِفَقْدِ الَّذِي لا مِثْلُهُ الدَّهْرُ يُوجَدُ وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْلَ مُحَمَّدِ وَلا مِثْلُهُ حَتَّى الْقِيَامَة يُفْقَدُ أَعَفَّ وَأَوْفَ ذِمَّةً بَعْدَ ذِمَّةٍ وَأَقْرَبَ مِنْهُ نَائِلا لا يُنَكَّدُ وَأَبْذَلَ مِنْهُ لِلطَّرِيفِ وَتَالِدِ إِذْا ضَنَّ مِعْطَاءٌ بِمَا كَانَ يُتْلَدُ وَأَكْرَمَ صِيتًا فِي الْبُيُوتِ إِذَا انْتَمَى وَأَكْرَمَ جَدًّا أَبْطَحِيًّا يُسَوَّدُ وَأَمْنَعَ ذَرَوَاتٍ وَأَثْبَتَ فِى الْعُلَى دَعَائِمَ عِزٍّ شَاهِقَاتٍ تُشَيَّدُ وَأَثْبَتَ فَرْعًا فِي الْفُرُوعِ وَمَنْبِتًا وَعَوْدًا غَزَاهُ الْمُزْنُ فَالْعَوْدُ أَغْيَدُ رَبَّاهُ وَلِيدًا فَاسْتَتَمَّ تَمَامُهُ عَلَى أَكْرَمِ الْخَيْرَاتِ رَبٌّ مُمَجَّدُ تَنَاهَتْ وُصَاةُ الْمُسْلِمِينَ بِكَفِّهِ فَلا الْعِلْمُ مَحْبُوسٌ وَلا الرَّأْيُ يُفْنَدُ أَقُولُ وَلا يُلْفِي لِمَا قُلْتُ عَائِبٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا عَازِبَ الرَّأْيِ مُفْنَدُ وَلَيْسَ هَوَايَ نَازِعًا عَنْ ثُنَائِهِ لَعَلِّي بِهِ فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ أَخْلَدُ مَعَ الْمُصْطَفَى أَرْجُو بِذَاكَ جِوَارَهُ وَفِي نَيْلِ ذَاكَ الْيَوْمِ أَسْعَى وَأَجْهَدُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

صحابي

وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ

ثقة

أَبِيهِ

ضعيف الحديث

عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانٍ

متروك الحديث

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ

ثقة

أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ

حافظ ثبت

أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ فَاذشَاهْ

مقبول

مَنْصُورٍ مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ

صدوق حسن الحديث

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْدِ بْنِ حَمْدِ بْنِ نَصْرٍ الْخَبَّازُ

صدوق حسن الحديث

Whoops, looks like something went wrong.