أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، أَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، نا اللَّيْثُ ، عَنْ عَقِيلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ , عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ ، قَالَ : غَزَا رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَ الثِّمَارُ وَالظِّلالُ ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ ؛ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا ، فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ ، فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلا ؛ حَضَرَنِي هَمِّي وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ ، وَأَقُولُ : بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا ؟ وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي ، فَلَمَّا قِيلَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا ؛ رَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ وَعَرَفْتُ عَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَادِمًا ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَ الْمُخَلَّفُونَ فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ ، وَيَحْلِفُونَ لَهُ ، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ , وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ ، وَوَكَّلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ ، فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ، ثُمَّ قَالَ : تَعَالَ ، فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : مَا خَلَّفَكَ ؟ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ؟ فَقُلْتُ : بَلَى ، إِنِّي وَاللَّهِ , لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ؛ لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجَ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلا ، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ , لَقَدْ عَلِمْتُ إِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي ؛ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسَخِّطَكَ عَلَيَّ ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ ؛ إِنِّي لأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ ، لا وَاللَّهِ ، مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ . فَقُمْتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ وَهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ ، فَذَكَرُوا رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا ، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ كَلامِنَا أَيُّهَا الثَّلاثَةُ ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسَ ، وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِيَ الأَرْضُ ؛ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ . فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً , فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ ، وَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ وَلا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ ، وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَسْجِدِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي : هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلامِ عَلَيَّ أَمْ لا ؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ ، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ ، وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي ، حَتَّى كَمُلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً ، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً ، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا عَلَى الْحَالِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ , سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ , أَبْشِرْ ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا ، وَعَرْفُت أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاةَ الْفَجْرِ ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَّا ، وَرَكَّضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا ، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ , وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ فَبَشَّرَنِي ؛ نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ ؛ وَاللَّهِ , مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا ، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ : أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكُ أُمُّكَ . قُلْتُ : أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ : لا ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ ، كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ | كعب بن مالك الأنصاري / توفي في :50 | صحابي |
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ | عبد الله بن كعب الأنصاري / توفي في :97 | ثقة |
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ | عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري | ثقة عالم |
ابْنِ شِهَابٍ | محمد بن شهاب الزهري / ولد في :52 / توفي في :124 | الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه |
عَقِيلٍ | عقيل بن خالد الأيلي / توفي في :144 | ثقة ثبت |
اللَّيْثُ | الليث بن سعد الفهمي / ولد في :94 / توفي في :175 | ثقة ثبت فقيه إمام مشهور |
يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ | يحيى بن بكير القرشي / ولد في :154 / توفي في :231 | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ | محمد بن إسماعيل البخاري / ولد في :194 / توفي في :256 | جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث |
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ | محمد بن يوسف الفربري / ولد في :231 / توفي في :320 | ثقة |
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ | أحمد بن عبد الله السرخسي | صدوق حسن الحديث |
عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ | عبد الواحد بن أحمد المليحي / ولد في :367 / توفي في :463 | ثقة |