تفسير

رقم الحديث : 611

وقال الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ ، عَنِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَهْلِهِ ، قَالُوا قال حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ : كُنْتُ أُعَالِجُ الْبَزَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وكُنْتُ رَجُلا تَاجِرًا ، أَخْرُجُ إِلَى الْيَمَنِ ، وآتِي الشَّامَ فِي الرِّحْلَتَيْنِ ، فَكُنْتُ أَرْبَحُ أَرْبَاحًا كَثِيرَةً ، فَأَعُودُ عَلَى فُقَرَاءِ قَوْمِي ، ونَحْنُ لا نَعْبُدُ شَيْئًا ، نُرِيدُ بِذَلِكَ ثَرَاءَ الأَمْوَالِ والْمَحَبَّةَ فِي الْعَشِيرَةِ ، وكُنْتُ أَحْضُرُ الأَسْوَاقَ ، وكَانَتْ لَنَا ثَلاثَةُ أَسْوَاقٍ : سُوقٌ بِعُكَاظَ ، يَقُومُ صُبْحَ هِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ ، فَيَقُومُ عِشْرِينَ يَوْمًا ، ويَحْضُرُهُ الْعَرَبُ ، وبِهِ ابْتَعْتُ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ لِعَمَّتِي خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ ، وهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ ، فَأَخَذْتُهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَلَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم خَدِيجَةَ سَأَلَهَا زَيْدًا ، فَوَهَبَتْهُ لَهُ ، فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم . وبِهِ ابْتَعْتُ حُلَّةَ ذِي يَزَنَ ، فَكَسَوْتُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَجْمَلَ ولا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحُلَّةِ . ويُقَالُ : إِنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَدِمَ بِالْحُلَّةِ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ ، وهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ فِي عِيرٍ ، فَأَرْسَلَ بِالْحُلَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَقْبَلَهَا ، وقال : " لا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ " . قال حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ : فَجَزَعْتُ جَزَعًا شَدِيدًا حَيْثُ رَدَّ هَدِيَّتِي ، فَبِعْتُهَا بِسُوقِ النَّبَطِ مِنْ أَوَّلِ سَائِمٍ سَامَنِي ، ودَسَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَيْهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ، فَاشْتَرَاهَا ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَلْبَسُهَا بَعْدُ . ++ وكَانَ سُوقُ مَجَنَّةَ يَقُومُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ، حَتَّى إِذَا رَأَيْنَا هِلالَ ذِي الْحِجَّةِ انْصَرَفْنَا ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى سُوقِ ذِي الْمَجَازِ ، فَقَامَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ . وكُلُّ هَذِهِ الأَسْوَاقُ أَلْقَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْمَوَاسِمِ يَسْتَعْرِضُ الْقَبَائِلَ قَبِيلَةً قَبِيلَةً ، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ ، فَلا يَرَى أَحَدًا يَسْتَجِيبُ لَهُ ، وأُسْرَتُهُ أَشَدُّ الْقَبَائِلِ عَلَيْهِ ، حَتَّى بَعَثَ رَبُّهُ لَهُ قَوْمًا أَرَادَ بِهِمْ كَرَامَتَهُ ، هَذَا الْحَيُّ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَبَايَعُوهُ ، وصَدَّقُوا بِهِ ، وآمَنُوا بِهِ ، وبَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ وأَمْوَالَهُمْ ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ دَارَ هِجْرَةٍ ومَلْجَأً ، وسَبَقَ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَ مُحَمَّدًا بِالنُّبُوَّةِ . ++ فَلَمَّا حَجَّ مُعَاوِيَةُ سَامَنِي بِدَارِي بِمَكَّةَ ، فَبِعْتُهَا مِنْهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ : مَا يَدْرِي هَذَا الشَّيْخُ مَا بَاعَ ، لَنَرُدَّنَّ عَلَيْهِ بَيْعَهُ ، فَقُلْتُ : واللَّهِ مَا ابْتَعْتُهَا إِلا بِزِقٍّ مِنْ خَمْرٍ ، ولَقَدْ وصَلْتُ الرَّحِمَ ، وحَمَلْتُ الْكَلَّ ، وأَعْطَيْتُ فِي السَّبِيلِ . وكَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ يَشْتَرِي الظَّهْرَ والأَدَاةَ والزَّادَ ، ثُمَّ لا يَجِيئُهُ أَحَدٌ يَسْتَحْمِلُهُ فِي السَّبِيلِ إِلا حَمَّلَهُ . قال : فَبَيْنَا هُوَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ جَالِسٌ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يَطْلُبُ حُمْلانًا ، يُرِيدُ الْجِهَادَ ، فَدُلَّ عَلَى حَكِيمٍ ، فَجَلَسَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ بَعِيدُ الشُّقَّةِ ، وقَدْ أَرَدْتُ الْجِهَادَ ، فَدُلِلْتُ عَلَيْكَ لِتَحْمِلَ رِجْلَتِي ، وتُعِينَنِي عَلَى ضَعْفِي . قال : اجْلِسْ ، فَلَمَّا أَمْكَنَتْهُ الشَّمْسُ وارْتَفَعَتْ رَكَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ انْصَرَفَ ، وأَوْمَأَ إِلَى الْيَمَانِيِّ فَتَبِعَهُ ، قال : فَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ بِصُوفَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ سَمَلَةٍ نَفَضَهَا ، فَأَخَذَهَا . قال : فَقُلْتُ : واللَّهِ مَا زَادَ الَّذِي دَلَّنِي عَلَى هَذَا أَنْ لَعِبَ بِي ، أَيُّ شَيْءٍ عِنْدَ هَذَا مِنَ الْخَيْرِ بَعْدَ مَا أَرَى ؟ قال : فَدَخَلَ دَارَهُ ، فَأَلْقَى الصُّوفَةَ مَعَ الصُّوفِ ، والْخِرْقَةَ مَعَ الْخِرَقِ ، والسَّمَلَةَ مَعَ السِّمَالِ . قال : ثُمَّ قال لِغُلامٍ لَهُ : هَاتِ لِي بَعِيرًا ذَلُولا . قال : فَأُتِيَ بِهِ ذَلُولا مَوَقَّعًا سَمِينًا . قال : ثُمَّ دَعَا بِجَهَازٍ ، فَشُدَّ عَلَى الْبَعِيرِ ، ثُمَّ دَعَا بِخِطَامٍ فَخَطَمَهُ ، ثُمَّ قال : هَلْ مِنْ جُوَالَقَيْنِ ؟ فَأُتِيَ بِجُوَالَقَيْنِ ، فَأَمَرَ لِي بِدَقِيقٍ وسَوِيقٍ ، وعُكَّةٍ مِنْ زَيْتٍ ، وقال : انْظُرْ مِلْحًا ، وجِرَابًا مِنْ تَمْرٍ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُسَافِرُ إِلا أَعْطَانِيهِ ، وكَسَانِي ، ثُمَّ دَعَا بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ ، فَدَفَعَهَا إِلَيَّ ، فَقَالَ : هَذِهِ لِلطَّرِيقِ . قال : فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، وكَانَ هَذَا فِعْلَ حَكِيمٍ . وكَانَ مُعَاوِيَةُ عَامَ حَجَّ مَرَّ بِهِ وهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ ومِئَةِ سَنَةٍ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِلَقُوحٍ يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا ، وذَلِكَ بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ : أَيَّ الطَّعَامِ تَأْكُلُ ؟ فَقَالَ : أَمَا مَضْغٌ فَلا مَضْغَ بِي ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِلَقُوحٍ ، وأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِصِلَةٍ ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا ، وقال : لَمْ آخُذْ مِنْ أَحَدٍ قَطُّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْئًا ، قَدْ دَعَانِي أَبُو بَكْرٍ وعُمَرُ إِلَى حَقِّي ، فَأَبَيْتُ أَنْ آخُذَهُ ، وذَلِكَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، يَقُولُ : " الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ ، فَمَنْ أَخَذَهَا بِسَخَاوَةِ نِفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهَا ، ومَنْ أَخَذَهَا بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا " . فَقُلْتُ يَوْمَئِذٍ : لا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا ، ولَقَدْ كَانَتْ قُرَيْشٌ تَبْعَثُ بِالأَمْوَالِ ، فَابْعَثْ بِمَالِي ، فَلَرُبَّمَا دَعَانِي بَعْضُهُمْ إِلَى أَنْ يُخَالِطَنِي بِنَفَقَتِهِ ، يُرِيدُ بِذَلِكَ الْجَدَّ فِي مَالِي ، وذَلِكَ أَنِّي كُلَّمَا أُرْبِحْتُ تَحَنَّثْتُ بِهِ أَوْ بِعَامَّتِهِ ، أُرِيدُ بِذَلِكَ ثَرَاءَ الْمَالِ والْمَحَبَّةَ فِي الْعَشِيرَةِ , أَخْبَرَنَا بذلك أَبُو الحسن بن الْبُخَارِيّ ، قال : أَخْبَرَنَا أَبُو حفص بنطبرزد ، قال : أَخْبَرَنَا الوزير أَبُو القاسم علي بن طراد بن مُحَمَّد بن علي الزينبي ، قال : أَنْبَأَنَا أَبُو جعفر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن المسلمة ، قال : أَخْبَرَنَا أَبُو طاهر مُحَمَّد بن عبد الرحمن المخلص ، قال : أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن سليمان الطوسي ، قال : حَدَّثَنَا الزبير بن بكار ، فذكره .

الرواه :

الأسم الرتبة
مُعَاوِيَةُ

صحابي

أَحْمَد بن سليمان الطوسي

صدوق حسن الحديث

أَهْلِهِ

أَبُو طاهر مُحَمَّد بن عبد الرحمن المخلص ، قال : أَخْبَرَنَا

ثقة

بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ

صدوق حسن الحديث

أَبُو جعفر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن المسلمة

ثقة

الْوَاقِدِيِّ ، عَنِ

ضعيف الحديث

أَبُو القاسم علي بن طراد بن مُحَمَّد بن علي الزينبي

صدوق حسن الحديث

إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ

صدوق حسن الحديث

أَبُو حفص بنطبرزد

ضعيف الحديث

الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ

ثقة

أَبُو الحسن بن الْبُخَارِيّ

ثقة إمام

Whoops, looks like something went wrong.